إخلاء الأحياء السكنية في شرق السعودية من محلات «النارجيلة»

ترحيل 70 في المائة منها إلى خارج النطاق العمراني خلال أسبوع

TT

لسنوات طويلة، ظلت محلات «النارجيلة»، أو «السم القاتل» كما يصفه خبراء الصحة، حاضرة داخل النطاق العمراني في مختلف المناطق السعودية، خاصة في الشرقية والغربية، اللتين تشهدان الانتشار الأكبر لها، الأمر الذي استلزم وقفة حكومية جادة ومتشددة تجاهها، وهو ما يجري العمل عليه حاليا في المنطقة الشرقية؛ إذ يشهد هذا الأسبوع جولات تفتيشية مكثفة لتطبيق الجزاء على المحلات المخالفة.

الدكتور خليفة السعد، مدير عام صحة البيئة في أمانة المنطقة الشرقية، أوضح أنه جرى إغلاق عدد من محلات المعسل المخالفة مع انتهاء مهلة تصحيح أوضاع هذه المحلات التي منحتها لهم الأمانة في وقت سابق، قائلا: «لا تساهل في ذلك، ولن نقدم أي مهلة إضافية»، مشيرا إلى أن هذه الإجراء يأتي تطبيقا لقرار وزارة الشؤون البلدية والقروية، الذي نص على نقل محلات المعسل من النطاق العمراني والسكني إلى مواقع أخرى بعيدة عن الأحياء السكنية.

وأضاف السعد لـ«الشرق الأوسط»: «من الشروط التي لا بد أن تلتزم بها هذه المحلات أن تكون بعيدة من المساجد والمدارس بنحو 500 متر على الأقل.. معظم هذه المحلات كانت مخالفة للاشتراطات، وجرى إغلاق بعض منها، والبعض الآخر جرى إعطاؤه مهلة لتصحيح وضعه، ونحن نقوم هذا الأسبوع بجولة تعقبيه مكثفة، بعد أن عزمنا على أن يصل عدد المحلات المخالفة إلى الرقم صفر».

ويبرر السعد هذه الإجراءات المشددة التي عاشها سكان المنطقة الشرقية هذا الأسبوع، بالقول: «الالتزام بالتعميم الصادر من الوزارة بهذا الشأن مهم جدا، بالنظر للذي كان يحدث بين الطلاب والمراهقين من سهولة مداولة المعسل داخل الأحياء السكنية، وما يتسبب فيه ذلك من ضرر للسكان المجاورين أيضا لمثل هذه المحلات».

إلا أن مدير عام صحة البيئة بأمانة المنطقة الشرقية يرفض تسمية عملهم بـ«الملاحقة»، قائلا: «هي ليست ملاحقة، بل هو تنظيم للوصول إلى الهدف المنشود».

وبسؤاله عن حجم الاستجابة التي لقيتها الجولات التفتيشية بهذا الشأن، يقول: «خطتنا لهذا الأسبوع أن يصل عدد المحلات النظامية لنحو 70 في المائة من مجمل محلات المعسل، على أمل أن نحقق نسبة 100 في المائة في القريب»، مع الإشارة إلى أن عدد محلات المعسل في مدينة الدمام وحدها يقدر بنحو 150 محلا، في حين أوضح السعد أن العدد يزيد بالمئات عند النظر لمجمل المحلات الموجودة في المنطقة الشرقية ككل.

ويشاع بين أفراد المجتمع، خصوصا فئة الشباب أن «النارجيلة» أقل ضررا من تدخين التبغ، الأمر الذي ينفيه الأطباء، حيث تظهر دراسة حديثة قام بها باحثون في الجامعة الأميركية ببيروت، أن تدخين النارجيلة يفوق في خطره تدخين السجائر، وفي المقابل، فإن تأثيره السلبي على غير المدخنين أعلى بكثير من السجائر.

وتكشف تقارير طبية حديثة أن التبغ الموجود في المعسل يحتوي على 4000 مادة كيميائية؛ 60 منها تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، حيث يفيد الأطباء أن إدمان المعسل يؤدي للإصابة بسرطان الفم والحنجرة والبلعوم والمريء والرئة والمثانة البولية والثدي والبنكرياس وعنق الرحم والكلية والمعدة وسرطان الدم.

وعلى الرغم من تكاتف جهود كل من الأطباء والجهات الحكومية في السعودية في التصدي لمثل هذه الظاهرة، فإنه يمكن وصف «المعسل» بأنه ثقافة تحتاج لسنوات حتى تتغير داخل المجتمع، خاصة أن انتشارها لا يقتصر على السعودية فقط، بل هي موجودة في كل الدول العربية، بعد أن اخترع الهنود «المعسل» قبل قرون طويلة ليصل لاحقا إلى شبه الجزيرة العربية. ويقف الآن خبراء الصحة للحد من انتشاره وتبيان أضراره.