«آثار المدينة المنورة وتراثها عبر العصور» في ندوة

تنظمها دارة الملك عبد العزيز بالتعاون مع جمعية التاريخ والآثار في دول مجلس التعاون الخليجي

الأمير سلطان بن سلمان يتحدث خلال فعاليات الندوة التي تنظمها دارة الملك عبد العزيز في المدينة المنورة (واس)
TT

كشف الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عضو مجلس إدارة «دارة الملك عبد العزيز»، أن الهيئة تعمل منذ تسلمها قطاع الآثار والمتاحف قبل خمس سنوات على إبراز البعد الحضاري للمملكة من خلال عمل منهجي مؤسسي قائم على البحث العلمي وعمليات التنقيب.. فعلى سبيل المثال يعمل حاليا في الميدان 28 بعثة علمية، تضم خبراء سعوديين ودوليين في مختلف المواقع الأثرية في المملكة، إضافة إلى تعاون الهيئة مع جهات دولية ومحلية متخصصة في مجال التنقيب، وتوقيع الكثير من الاتفاقيات ومذكرات التعاون مع تلك الجهات.

وبين الأمير سلطان في فعاليات ندوة «آثار المدينة المنورة وحضارتها وتراثها عبر العصور»، التي أقيمت تحت رعاية الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس اللجنة العليا لمناسبة «المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013م»، وتنظمها «دارة الملك عبد العزيز» بالتعاون مع جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية - أن المملكة تفخر دائما بأنها مهد الإسلام وبلد الحرمين الشريفين، وما تتمتع به من مكانة دولية، ونمو اقتصادي كبير، كما أنها تفخر بأن أرضها كانت ممرا لطرق التجارة القديمة التي ربطتها بأقدم الحضارات البشرية.

وأفاد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بأن الدولة تقوم بإنشاء منظومة كبيرة حاليا من المتاحف الجديدة ومتاحف متخصصة وإقليمية، وتطوير شامل للمتحف الوطني والمتاحف القائمة في المناطق والمحافظات. وقال الأمير سلطان بن سلمان إن «المشروعات الرائدة التي تعمل عليها المملكة اليوم لتعزيز البعد الحضاري وما سيجري الإعلان عنه خلال الأعوام المقبلة، هو نهج غير مسبوق في المنطقة في مجال الاهتمام بالتراث الوطني بمثل هذه الكثافة والتزامن والشمولية».

وأبدى رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار سعادته بهذا الترابط التاريخي بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه الخطوط التاريخية الممتدة بين الحضارات التي عاشت على أرض الجزيرة العربية. وقال الأمير سلطان بن سلمان «بإطلالة سريعة على المشهد السياسي المحيط بنا وما يحمله من اضطرابات وقلاقل وتوتر متواصل يؤكد لنا أكثر من أي وقت مضى حتمية الارتباط وتوثيق العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي».

وزاد الأمير سلطان بن سلمان أن «دول مجلس التعاون الخليجي تنعم اليوم بهذا الاستقرار، وهو استقرار ليس مبنيا على النفط كما يعتقد البعض، ولكن دول الخليج استقرت لأنها قامت على منظومة من القيم، وهذه المنظومة من القيم تراكمت عبر التاريخ، وهذبها الإسلام العظيم وأسسها وأرساها في هذه المنطقة»، مشيرا إلى أن مواطني الخليج هم أولى بأن يتعرفوا على هذا الإرث ويعتزوا به ويتفاعلوا معه ويستمتعوا به، ويعلنون للعالم أن تحت رمال الصحراء الصافية ما هو أثمن من النفط.

وشدد الأمير سلطان بن سلمان على أهمية أن يكون المواطن جزءا من هذه الاستكشافات ويمتلكها ويفهمها، وإلا فإن المواطن سيبقى متفرجا فقط على هذا الحراك الحضاري المهم، ولن يسهم إيجابيا فيه، مؤكدا حرص الهيئة على تشجيع جميع أوجه التعاون في مجال الآثار والتراث مع الأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتمكين العلماء والباحثين في الآثار والتاريخ للاستفادة من الإمكانات المتاحة لديها في مختلف مناطق المملكة، حاثا المعنيين بالتاريخ والآثار على إخراج التاريخ من الكتب وزرعه في عقول وقلوب الشباب لجعل التاريخ جزءا لا يتجزأ من حاضرنا ومستقبلنا.

وتحدث الأمير سلطان بن سلمان عن عناية المملكة بمواقع التاريخ الإسلامي ضمن منظومة من القرارات والمبادرات المتواصلة، بدءا من صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بحماية مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وما صدر عقب ذلك من القرارات التنظيمية المتكاملة لحماية هذه المواقع الأثرية والمباني التراثية والمساجد التاريخية والعناية بها، وإيقاف جميع أنواع التعدي عليها والعبث بها.

وبين أن الهيئة إدراكا للأهمية البالغة لهذا الموضوع أسست هذا العام برنامجا خاصا تحت اسم «برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي» الذي يجسد توجيهات المقام السامي الكريم للعناية والاهتمام بتاريخنا الإسلامي المجيد، وإعطاء عناية خاصة بمواقع التاريخ الإسلامي، خاصة المواقع المرتبطة بالسيرة النبوية والخلفاء الراشدين، وتوثيق المواقع والمعالم المرتبطة بهذه الحقبة العظيمة ودراستها، بهدف المحافظة عليها وتوظيفها للفائدة العلمية والثقافية، وتهيئتها لتكون مواقع للتوعية والتعريف بأهمية هذه المواقع بالطرق الصحيحة ومعايشة التاريخ الإسلامي الذي تشرف هذه البلاد أن أرضها كانت مسرحا لانطلاقته إلى العالم.

وأفاد بأن الهيئة اهتمت بمواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بهدف المحافظة عليها وتوظيفها للفائدة العلمية والثقافية، وتعمل مع هيئات تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين، ومتابعة من أميري المنطقتين في تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى في بعض مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومنها مشروعات تأهيل وتطوير المواقع ذات الأهمية الأولى التي جرى إدراجها في ميزانيات الهيئات والأمانات المعنية.

وأضاف أن الهيئة تعمل حاليا على إنشاء خمسة متاحف إقليمية جديدة، ومتحفين متخصصين، إضافة إلى تطوير ستة متاحف قائمة في عدد من المحافظات، وتطوير العروض المتحفية، وتأهيل وتطوير 120 موقعا أثريا، وأكثر من 70 من القصور والقلاع التاريخية ليجري تحويلها إلى مراكز ثقافية ومراكز للإبداع والتراث العمراني والحرف اليدوية، مؤكدا حرص الهيئة على إعداد مشروعات أنظمة لحماية التراث الثقافي في المملكة، مثل مشروع نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، الذي وافق عليه مجلس الشورى أخيرا، إضافة إلى بناء منظومة معلوماتية متكاملة للإرث الثقافي السعودي.