تحرير 3 نساء بعد 30 سنة من الحبس يثير جدلا في بريطانيا حول مفهوم العبودية

الشرطة البريطانية تصفها بأنها أسوأ قضية تشهدها لندن

ضابط الشرطة كفين هايلاند خلال المؤتمر الصحافي في لندن بعد تحرير النساء من بيت عشن فيه قسرا لمدة 30 سنة (إ.ب.أ)
TT

أثارت قضية احتجاز ثلاث نساء لمدة 30 سنة في منزل بلندن، ضد إرادتهن، اشمئزازا وجدلا حول مفهوم العبودية والزواج القسري خلال اليومين الماضيين، بعد أن تم تحرير النساء من قبل الشرطة ومنظمة للرعاية الاجتماعية. وأثارت الأخبار شعورا بالصدمة، وتناولتها وسائل الإعلام البريطاني السمعي والمرئي والمكتوب بإسهاب، بعد إنقاذ النساء الثلاث من منزل في المدينة.

ووصف الضباط الذين اعتقلوا رجلا وامرأة يبلغ عمر كل منهما 67 عاما، كانا يحتجزان النساء الثلاث في منزلهما بلندن، هذه القضية بأنها أسوا قضية عبودية تشهدها العاصمة البريطانية. وقالت الشرطة وأشخاص يعملون بمنظمة خيرية إنه تم إنقاذ النساء الثلاث اللائي زعمن أنهن احتجزن واستعبدن لثلاثين عاما في المنزل. وأضافت الشرطة أن النساء تعرضن لإساءات عقلية وجسدية رغم أنه «لا يوجد دليل يشير إلى أي شيء ذي طبيعة جنسية».

وقالت انيتا بريم، من مؤسسة منظمة «فريدوم شاريتي» الخيرية، إن النساء شاهدنها على التلفاز بينما كانت تقوم بحملة عن الزواج القسري. وتواصلت المنظمة الخيرية مع الشرطة بعدما هاتفتهم امرأة من المحتجزات. وعلى مدار أسبوع، تحدثت المنظمة مع النساء عبر الهاتف ورتبت للقائهن في موقع متفق عليه في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما لا يكون خاطفاهن في الجوار. وبعد تحديد موقع المنزل وإجراء «مفاوضات حساسة» من قبل المؤسسة الخيرية، تمكنت الشرطة من تحرير النساء اللائي كن جميعا «مصدومات بشدة» لكنهن الآن في «مكان آمن».

وقالت بريم في مقابلة مع «بي بي سي»: «كن يحاولن منذ عدة سنوات إيجاد سبيل للمغادرة»، رافضة إعطاء تفاصيل بشأن موقع المنزل. وأضافت «سيصاب الناس بالصدمة لإمكانية حدوث هذا في المملكة المتحدة وفي عاصمة مثل لندن». واستطردت تقول إن أصغر النساء سنا احتجزت هناك «في سن صغيرة جدا» وإن الجيران لم يبلغوا عن ملاحظة أي شيء غير طبيعي في المنزل. وأضافت أن الثلاث بحالة «جيدة بشكل لافت للنظر» بدنيا وعقليا في ضوء الظروف. وقالت «سيكون أمامهن شوط طويل للغاية لمحاولة العودة إلى الحياة الطبيعية».

وقال المفتش كيفن هايلاند، المفتش بوحدة مكافحة تهريب البشر بشرطة لندن «نشيد بعمل مؤسسة (فريدوم)، ونعمل معا لمساندة الضحايا اللائي احتجزن على ما يبدو لأكثر من 30 عاما». وأضاف «فتحنا تحقيقا شاملا في الملابسات المحيطة بهذه المزاعم» شديدة الخطورة.

وقبض ضباط شرطة من وحدة مكافحة تهريب البشر في شرطة لندن على الرجل والمرأة من منزلهما في جنوب لندن في ساعة مبكرة من صباح يوم الخميس. وجاء اعتقالهما بعد إنقاذ امرأة ماليزية عمرها 69 عاما وأخرى آيرلندية عمرها 57 عاما وثالثة بريطانية عمرها 30 عاما من المنزل. ولم يعرف تحديدا متى أطلق سراحهن.

وأضاف كيفن هايلاند أن النسوة الثلاث قيدت حريتهن لسنوات، وأنه لا يوجد دليل على تعرضهن لانتهاكات جنسية. لكنه أضاف أن أصغرهن عمرا ظلت قيد العبودية طوال حياتها على ما يبدو. وأضاف هايلاند «تتعامل وحدتنا مع قضايا كثيرة سنويا، ولكن لم نكتشف أبدا مثل هذا النموذج لأفراد احتجزوا رغما عنهم طوال حياتهم».

وحملت كل الصحف تقريبا القصة التي أصابت سكان لندن بالذعر على صدر صفحاتها الأولى. وقالت كارولين نيرسي، وهي عاملة في منظمة خيرية «إذا كان هذا حقيقيا فإنه مروع وغير عادي. من الصعب فهم كيف يمكن سجن أشخاص لمدة ثلاثين عاما من دون أن يلاحظ ذلك أحد».

وقال ساكن آخر كان في طريقه للعمل إنه أصيب بالصدمة من فكرة وضع أشخاص في الأسر طوال حياتهم تقريبا. وأوضح ديفيد إيلي «هذا يصيبني بالدهشة. هناك امرأة آيرلندية على ما اعتقد.. امرأة آيرلندية وامرأة بريطانية وامرأة ماليزية على حد علمي. المذهل حقا هو المرأة التي نشأت وكبرت في العبودية طوال حياتها. شيء صادم بالنسبة لي ألا تكون لديها أي خبرة بالخارج.. خارج تلك الشقة». ورغم إصابتها بالذعر قالت جين كاريسون إنها غير مندهشة لأن تظل محنة النساء الثلاث طوال هذه المدة الطويلة من دون أن يلحظها أحد. وأوضحت في تعليقات لوكالة «رويترز» للأنباء «أشعر بالرعب لكنني للأسف لست مندهشة حقا. كنت أمشي وأفكر كم هو من السهل أن يحدث هذا في وسط لندن، وأحزنني حقا سماع ما تعرضت له هؤلاء النساء، لكنني للأسف لست مندهشة». وذكرت الشرطة البريطانية أمس الجمعة أنها أفرجت بكفالة عن المتهمين اللذين يقال إنهما احتجزا النساء كإماء.