الأعمال العربية تتألق في «فن أبوظبي».. واستخدام التكنولوجيا يضعه في المقدمة

«قارئ الرمز الإلكتروني» يزيد من متعة مطالعة الابداعات الفنية

جانب من المعرض
TT

رغم الأمطار التي أجبرت معرض «فن أبوظبي» على غلق أبوابه لبعض الوقت في يومه الثاني، فإن ذلك لم يؤثر على الزخم والحيوية التي أضفاها الحدث السنوي على المدينة الجميلة. الغاليرهات المشاركة تبارت فيما بينها لعرض أفضل الأعمال التي يعرف أصحابها أنها ستلقى قبولا لدى المتذوق العربي والغربي، فيلفت النظر اعتمادها الأعمال التي تلمس الأوتار الشرقية، فنرى في غاليري «ثاديوس روباك» مجموعة من الصور الفوتوغرافية لمواقع ورموز إسلامية للفنان الأميركي روبرت لونغو من مجموعته المعنونة «أسرار» التي يتأمل من خلالها الأديان الرئيسة في العالم. ويبدو تأثير العديد من المعالم الدينية التي تجسد العمق والتطلعات الروحية للإنسان مثل لوحته عن مكة المكرمة التي تصدرت الغاليري. ويرى المتأمل رسومات لونغو بعض الغموض والهيبة، وربما يعود ذلك لاستخدامه المتميز للفحم وكذلك استخدام تقنية التمازج بين الضوء والعتمة.

وفي قاعة مجاورة تجذب البصر لوحتان ضبابيتان للفنان العراقي حليم الكريم، تشير صاحبة الغاليري بريجيت شينيك إلى أن الفنان يعد من أكثر الفنانين العرب شعبية في أوروبا. اللوحتان تحملان عنوان «الحب الأبدي» وفيهما يستخدم الكريم أسلوبا محببا استخدمه في عدد من أعماله الأخرى، حيث نرى فيهما الوجوه غامضة أقرب إلى الأشباح، مبهمة الملامح من دون أي تفاصيل، بل مجرد أشكال ناعمة وألوان ضبابية، منها وجه امرأة تطالعنا من خلف غلالة رقيقة.. نبتعد أكثر لنشعر بتأثير وجودها الطاغي والصامت أمامنا. إلى جانب أعمال الكريم يقدم الغاليري عملا تفاعليا يحمل عنوان «ذبابة»، ينجح في لفت أنظار الزوار في الممرات المجاورة وينجح في جذبهم للوقوف أمامه لرؤية ذبابة معدنية معلقة بثمانية أحبال معدنية لكنها لا تتوقف عن الحركة.. تتتبع حركة الواقف أمامها وتتفاعل معه. يشير البيان المرفق إلى أن عمل «ذبابة» يحاول دراسة حركة الأشياء في الأماكن المغلقة، وأيضا يجعل المتلقي جزءا من العمل؛ حيث إن الذبابة تتبع حركته أيضا.

ومن غاليري «إيزابيل فن دينايد» من دبي الذي أسس عام 2006، نرى أعمالا للفنان الإماراتي محمد كاظم يظهر فيها تأثره بالموسيقى والغناء وتضافر ذلك الاهتمام مع عناصره التعبيرية، يقول لنا المسؤول عن الغاليري: «محمد من الفنانين المثيرين للاهتمام بالفعل، فهو متعدد المواهب، فإلى جانب الفن، فإنه يعزف الموسيقي ويغني أيضا». ويشير إلى أن الفنان في طور إعداد عمل ثنائي مع فنان بلجيكي، ويشير إلى عملين لهما وضعا جنبا لجنب قائلا: «نرى أن العملان يكمل كلاهما الآخر.. يتعاملان مع الشيء غير الملموس، ويعبران عن ذلك بلغة مرئية».

يقدم الغاليري أيضا عملا للفنان الإماراتي الشهير حسن شريف، الذي يقدم رؤية للحياة والعالم عبر استخدام أغراض حياتية.. قطع من الواقع المحيط بنا، فهو يلجأ للملابس أو الأحذية أو أدوات الطعام.. كلها تتحول على يد شريف إلى عناصر فنية تخدم وتغني عمله الفني.

أما «بارك غاليري» من لندن، فيعرض عددا من أعمال الفنانة العراقية هناء مال الله؛ منها عمل «السلام الزائف» الذي عرضته من قبل في معرضها بلندن. الفنانة التي تقيم في لندن حاليا تستعد لإقامة معرض فردي ضخم العام المقبل يتوقع له الخبير الفني روبن ستارت أن يرسخ مكانة مال الله بوصفها واحدة من أهم الفنانين العرب المعاصرين.

إلى جانب أعمال مال الله يعرض الغاليري عملا للفنان السعودي عبد العزيز عاشور والفنان لؤي كيالي وآخرين.

وفي تعليق على معرض هذا العام، يقول لنا يوسف ستارت، المسؤول عن العرض، إن «بارك غاليري» هذا العام يقدم خليطا مثيرا من الأعمال الحديثة والمعاصرة، ويشير إلى أن إقبال الجمهور على المعرض تفوق على نسبة العام الماضي، وهو ما نراه بالفعل أمامنا، وهو ما يشير أيضا إلى أن «فن أبوظبي» بدأ بتكوين قاعدة عريضة من الجمهور المهتم وأثبت الحاجة لوجود مزيد من المهرجانات الفنية في المنطقة.

الفنانون السعوديون يظهرون في أكثر من قاعة، ولكن الوجود المكثف كان في غاليري «أثر» من جدة، حيث نرى أعمالا لأحمد ماطر وصديق واصل وسامي التركي ودانة عورتاني وناصر السالم المرشح لنيل «جائزة جميل للفنون»، ومساعد الحليس الذي تناول فكرة الحرية عبر استخدام سجادة صلاة مثبتا عليها كاميرا مراقبة.

ولكن يبقى في النفس أمل أن يوجد أكثر من غاليري من السعودية لعكس الاهتمام المتزايد بالفنون في المملكة.

الجديد في معرض هذا العام كان استخدام التقنيات الحديثة لتوفير أكبر قدر ممكن من المعلومات للمتلقي، فأتيح للحضور استخدام تقنية «كيو آر ريدر» المتاحة للهواتف الذكية المتوافقة مع نظامي التشغيل «آي أو إس» و«آندرويد»، وبمجرد تمرير شاشة الهاتف على الرمز المثبَّت إلى جانب الأعمال المعروضة يحصل الزوار على كل المعلومات المتعلقة بالعمل، وبذلك يكون «فن أبوظبي» أول من يقدم هذا التطبيق في معرض فني.

وإلى جانب الأعمال الفنية داخل وخارج قاعات العرض، كانت هناك منصات خاصة مشاركة ضمن برنامج فن التصميم، بعضها ضم كثيرا من التصاميم التجديدية كالتصاميم المعمارية والمفروشات والمنتجات، والمجوهرات، والحِرَف، بما يبرز الخصوصية والجمالية الإماراتية. ويحتضن البرنامج الأعمال الفنية الفردية والجماعية وورشات العمل بمشاركة مصممين وفنانين إماراتيين وعالميين. من تلك المنصات، تجذبنا إحداها بتقديم مجموعة من قطع السجاد الأفغاني. وبسؤال المسؤولين عن العرض، نجد أنه نتاج لمشروع فاطمة بنت محمد بن زايد الذي يقدم الدعم للنساء في أفغانستان عبر توفير فرص العمل لهن في مجال إنتاج السجاد اليدوي، حيث يجري استغلال مهارتهن في الحياكة والغزل بعد تدريب مهني عالي المستوى، ويجري بعد ذلك بيع السجاد في مراكز خاصة في كابل ودبي ولندن، كما يجري عرضها وتسويقها في معارض الدولية.