100 عالم وباحث يناقشون في المدينة المنورة قضايا التراث العمراني

بحضور الأمير سلطان بن سلمان ورعاية الأمير فيصل بن سلمان

بلدة الغاط أحد المشاريع التي شيدتها هيئة السياحة وأجرت فيها العديد من التطويرات
TT

تحتضن اليوم المدينة المنورة ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث، المقام في جامعة طيبة، بحضور نخبة من المسؤولين والمهتمين بالعمران يتقدمهم الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.

ويناقش الملتقى، الذي يقام تحت رعاية أمير المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان، جملة من قضايا التراث العمراني الراهن في المملكة بشكل عام، وفي منطقة المدينة المنورة على وجه الخصوص، بمشاركة 100 باحث وعالم ومتخصص في مجال التراث العمراني، ويعرض 36 علميا في ااث اا.

ويطرح الباحثون عددا من المحاور حول أهمية القيمة الثقافية والجمالية للتراث العمراني في المملكة وفي المدينة المنورة، ودور التراث العمراني في بناء الهوية الوطنية، مع الحفاظ على الطابع المعماري التراثي المحلي في مشاريع الإسكان. ودور البلديات في المحافظة على التراث ووسائل تنميته. فيما ستتطرق مجموعة من أوراق العمل إلى دور الجهات الحكومية والخاصة بتدريب المختصين والمجتمع المحلي في إعادة تأهيل وترميم المباني التراثية، مع تقييم الوضع الراهن للتعليم الجامعي في مجال التراث العمراني، ودور المرأة في التراث العمراني.

وسيعرض الملتقى قصصا لمواقع من التراث العمراني في المملكة، فيما تناقش باقي أوراق العمل دور المجتمع المحلي في تطوير التراث العمراني ووعيه بقيمة التراث العمراني، وتأثيره على المحافظة عليه، وما المجالات المتاحة لمشاركة المجتمع المحلي في المحافظة على التراث العمراني واستثماره.

ويتخلل الملتقى حفل توزيع جائزة الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، للطلاب والمهتمين بالتراث العمراني في أربعة فروع: جائزة الحفاظ على التراث العمراني، وتمنح للمشروعات الجديدة التي تظهر نجاحا في استلهام التراث العمراني، وإما أن يكون المشروع معماريا، أو تخطيطيا. وجائزة مشروع التراث العمراني لمشروعات إعادة تأهيل مناطق عمرانية أو مبان تراثية أو أثرية للحفاظ عليها، أو لمشروعات إعادة استخدام مناطق أو مبان تراثية أو أثرية. وجائزة بحوث التراث العمراني، وتمنح للأبحاث المعنية بدراسة التراث العمراني وأسسه، وخلفيات الأنماط التقليدية، ومشروعات التوثيق العمراني. أما جائزة برنامج تعليم التراث العمراني فهي جائزة تمنح لكليات العمارة والتخطيط التي تهتم بالتراث العمراني.

وفي هذا الصدد، شدد الدكتور مشاري النعيم، المشرف العام على مركز التراث العمراني الوطني، على أهمية تعزيز مفهوم المواطنة من خلال المحافظة على التراث وربط الإنسان بالأرض والأجداد. وربطه بثقافة المكان وثقافة الناس، من خلال ربط الماضي بالمستقبل، لافتا إلى أن تسارع وتيرة الحياة أصبح ملزما للعاملين في هذا المجال بأهمية تذكير الناس بتراثهم، والتعرف على تراث الحياة البسيطة التي كان التكاتف الاجتماعي بين الناس أبرز سماتها، والتي كان الإنسان فيها أكثر إدراكا لقيمة الأرض والتراث والمكان.

ويهدف الملتقى، الذي يستمر على مدار خمسة أيام، للمحافظة على التراث العمراني وإعادة تأهيله واستثمار مبانيه ومواقعه، مع نشر الوعي والثقافة والارتقاء بهما محليا ووطنيا، ما يسهم في الاهتمام بالتراث العمراني، إضافة إلى تقييم الوضع الراهن للتراث العمراني الوطني في منطقة المدينة المنورة، وإبراز الدور الاقتصادي للاستثمار في مجال تطوير مواقع ومباني التراث العمراني في عموم المملكة، مع ضرورة دراسة المعوقات التي تعترض تمويل مشاريع المحافظة على التراث العمراني وتنميته وإيجاد الحلول المناسبة لتذليلها.

وقد ذكر البروفسور صالح لمعي، رئيس مركز إحياء العمارة الإسلامية بمصر، أن ملتقى التراث العمراني الثالث فرصة للخبراء والعلماء والباحثين في مجال التراث العمراني لتبادل الخبرات والتجارب في مجال التراث العمراني، ووسيلة لنشر وتعزيز الوعي الثقافي بين أبناء المملكة عموما والمختصين في هذا المجال على وجه الخصوص.

وأردف لمعي، المشارك بورقة عمل في الملتقى، أن أهمية الملتقى تتمثل في التعريف بالتراث الوطني السعودي وكيفية توظيف عناصره ومفرداته المعمارية في العمارة المعاصرة، ليصبح الحاضر امتدادا للماضي، ويؤكد الهوية والانتماء وإحياء ذاكرة المكان.

وعن مشاركته في ملتقى التراث العمراني الثالث، قال رئيس مركز إحياء العمارة الإسلامية بمصر، إنه «سيشارك ببحث عن مشروع ترميم مسجد الغمامة في المدينة المنورة الذي تم إنجازه قبل سنوات»، موضحا أن هدف البحث يكمن في توضيح المنهج العلمي والعملي للعاملين بالتراث العمراني في إعداد مشروعات ترميم المباني التاريخية وفقا للمعايير والأسس التي نصت عليها المواثيق الدولية.

وأضاف لمعي أن «البحث يبين الخطوات العلمية والعملية التي أدت إلى نجاح مشروع ترميم مسجد الغمامة العتيق الذي يمثل أحد المعالم التاريخية بالمدينة المنورة، ليقف الباحثون والمهتمون على آليات تلك الدراسة التي استخدمت فيها التقنيات الحديثة في المراحل المختلفة، سواء في أعمال التوثيق المعماري أو إجراء الفحوص المخبرية على مواد البناء، أو فحوص التربة، مع تشخيص الأضرار وأسبابها، وبناء على تلك الخطوات العلمية تم وضع خطة الترميم وفق منهج علمي مدروس طبقا للمعايير الدولية».

وأوضح أن «البحث يهدف أيضا إلى تعزيز قيمة التراث العمراني وإسهامه في مجالات الحياة المختلفة، فالتراث يدعم اقتصادات الدول عن طريق توظيف مواقع التراث العمراني في السياحة ومحال بيع وعرض الحرف والصناعات اليدوية». مشيرا إلى أن البحث يربط «ترميم المباني التراثية والحفاظ على الموروث الثقافي بخطة شاملة للتنمية المستدامة في المناطق والمدن التاريخية، من خلال إشراك المجتمع المحلي والجمعيات الأهلية التي تمثل الركيزة الأساسية في عملية تأهيل المناطق والمدن التاريخية».

وبين رئيس مركز إحياء العمارة الإسلامية في مصر أن عملية التنمية العمرانية بالمناطق التراثية يجب أن تصاحبها عملية تنمية متواصلة تمكن التراث الثقافي من تلبية احتياجات السكان في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مضيفا أن هذه التنمية يجب أن تسير جنبا إلى جنب مع تنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية، ما يحقق نهضة تراثية شاملة تبرز دور التراث الثقافي بشقيه المعنوي والمادي لدى الأجيال المتلاحقة.