محترفو فن الخزف العربي يكرمون أستاذهم فلانتينوس بمعرض مشترك في عمان

ضم 30 عملا فنيا متميزا لثمانية نحاتين عراقيين وعرب

فلانتينوس مع وداد الأورفلي ومجموعة فنانين في المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

«تحية إلى فلانتينوس»، عنوان المعرض الفني الذي أراد فيه ثمانية من محترفي فن الخزف، من الفنانين العراقيين والعرب، تقديم الشكر والامتنان لأستاذهم القبرصي الذي مكنهم من فك أسرار لغة الطين، وكشف عن مواطن جماله بمعالجات وأساليب مختلفة، شكلت فيما بعد تحولات مهمة في الخزف العربي، وذلك في معرض مشترك يقام حاليا بغاليري الأورفلي للفنون في العاصمة الأردنية عمان، ويستمر حتى مطلع العفلانتينوسام الجديد.

الأمطار وكرات الثلج الصغيرة، التي تساقطت بغزارة، لم تمنعا رواد ومحبي هذا النوع من الفنون من ارتياد المعرض، والتجوال بين أروقته التي احتضنت، رغم صغر مساحتها، نحو 30 عملا فنيا جديدا، كان قد أشرف على تدريبهم الفنان فلانتينوس كارالامبوس مؤسس فرع الخزف في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، وتربى على يديه وأفكاره عدد كبير من الفنانين العراقيين والعرب.

جمال العتابي مدير الفنون التشكيلية، قال خلال حضوره المعرض لـ«الشرق الأوسط»: «المعرض يشكل حدثا مهما في تخصصه وتنظيمه، كونه يشتمل على مجموعة من المحترفين العراقيين والعرب في فن الخزف، وهي تجربة مهمة وجديدة، أن يلتقي التلاميذ أستاذا لهم، علمهم الحرفة والمهارة، حتى نظموا معرضا مشتركا، يتفرد كل منهم برؤياه الفنية والجمالية، بينما يتجول المعلم بينهم فخورا فرحا بإبداعات طلابه القدامى».

أما الفنان ماهر السامرائي أحد المشاركين في المعرض بخمسة أعمال خزفية جديدة، فقال: «المعرض يحمل تجربة جديدة، أردنا من خلالها أن نحيي أستاذنا الذي أوصلنا إلى مراحل متقدمة في فن الخزف، وأثمرت عن أعمال مهمة، انفرد كل منها برؤية مغايرة عن الآخر»، مشيرا إلى أن «الأعمال الفنية المعروضة من جداريات وتحف وصحون، تميزت بأساليبها التجريدية والتعبيرية المعاصرة، وعالجت هموم الإنسان العراقي والعربي، الذي أرهقته الأحداث المؤلمة المتتالية، من حروب، وفتن، ونزاعات، وسياسة تكميم الأفواه، وقمع الحريات، من قبل الأنظمة الحاكمة، بالإضافة إلى أعمال أخرى جسدت الموروث العربي، والطبيعة، ومعاناة المرأة وتطلعاتها».

وحمل المعرض إسهامات مهمة وجديدة لكل من الفنانين سعد شاكر ومحمود طه وأكرم ناجي وشنيار عبد الله وناصر سليم الحلبي وحازم الزعبي ورائد الدحلة.

الفنان والناقد الأردني محمد العامري، كتب في دليل المعرض: «حين يكون الوفاء من صفة الفن، ندرك رواقية العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، فقد كان للخزاف القبرصي فالنتنيوس إياد بيضاء أسهمت في تطوير فن الخزف في العراق إبان ما كانت بغداد وجهة للفنانين العرب الذين تلقوا تعاليم الفن هناك، كونها حاضرة ثقافية يشهد لها منذ القدم باستقطاب أهم الفنانين والمثقفين العرب».

بدوره، أشاد الفنان فالانتنيوس بالأعمال المشاركة، وعبر عن فرحته بطلابه الذين صاروا أساتذة مهرة، نجحوا في اختيار وجهاتهم ورؤياهم الفنية التي ابتعدت عن التشابه بعضها مع بعض، وشكلت علامة فارقة وجديدة في المشهد الفني لكل منهم، متمنيا دوام النشاطات التي تمنح طقوس الحياة بهجتها وإبداعها.

ويعد الخزاف القبرصي المعروف عراقيا فلانتينوس، والمكنى بـ«أبو علي»، من مؤسسي فرع السيراميك في معهد الفنون الجميلة بالعراق، منتصف القرن الماضي، وبقي فيه حتى عام 1968، حيث انتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة. أحب فالنتنيوس العراق كثيرا فتعلم لغته وانغمر في تدريس أجيال من الطلاب، ولم يترك بغداد إلى فترة الثمانينات بسبب الأوضاع السياسة في البلاد. له طلاب كثيرون، ومنهم الخزاف العراقي الأول سعد شاكر، الذي تعرف على عائلة أستاذه في قبرص والمنحدرة من أجيال متعاقبة من الخزافين المحترفين هناك. انزوى فالانتنيوس في مشغله على قمة جبل وعلى مسافة من مدينته بعد موت والديه وأخته لكي يعيش منعزلا كراهب بعيد عن ضوضاء المدينة.