المرأة السعودية تقتحم بوابة العمل في المصانع

مع تزايد الراغبات في العمل داخل المصانع.. لمواجهة شبح البطالة

TT

في السابق، كان مظهر المرأة السعودية بالمعطف الأزرق الخاص بعمال المصانع غريبا ولافتا، لكن المشهد بدأ في التغيير، بعد أن حققت السعوديات قفزات ماراثونية في الجانب المهني، ودخلن إلى بوابة العمل الصناعي في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت وظائف المصانع جاذبة ومستقطبة للسعوديات، في ظل وجود دعم حكومي لتوظيف المرأة داخل المصانع وتهيئة بيئة العمل المناسبة لذلك، وهو ما أصبح يشهد تنافسا كبيرا بين شركات القطاع الخاص في الآونة الأخيرة.

هذا الحراك الصناعي الذي تتصدره النساء السعوديات في خطفها لكثير من المهن الصناعية التي كانت في السابق حكرا على الرجال، سيطر على أجواء منتدى الحوار الاجتماعي الثالث الذي نظمته وزارة العمل السعودية هذا الأسبوع في مدينة الخبر، وأكد على دعم وتحسين أوضاع النساء السعوديات العاملات في القطاع الخاص، وتحديدا داخل المصانع، بالنظر إلى النهضة الصناعية الكبرى التي تعيشها حاليا المرأة السعودية، مع فتح مجالات وظيفية جديدة لها في العمل الصناعي.

وتحدث عبد المحسن الغامدي، نائب الرئيس في شركة «الزامل» للاستثمار الصناعي، عن تجربة شركته في هذا الشأن، قائلا: «نسعى أن نكون من أوائل الشركات في تشجيع القطاع الصناعي على توظيف المواطنات السعوديات». ويتم حاليا التوسع في تشغيل العنصر النسائي في مصانعنا ليشمل الوظائف الإدارية وفي مجالات المحاسبة والتصميم الهندسي والموارد البشرية وتقنية المعلومات، مفيدا بأن البداية كانت بتوظيف 35 فتاة في مصنع شركته بداية عام 2012، ثم زاد العدد حتى اليوم.

وأشار الغامدي إلى التحديات التي تواجه المرأة في العمل الصناعي، بكونها تشمل «إيجاد المكان المناسب، تدريب العاملات الجدد، ساعات العمل، السياسات واللوائح الوظيفية»، مؤكدا إيجاد حلول لها جميعا من خلال معالجتها بما يسهّل عمل المرأة، إلى جانب تقديم امتيازات وظيفية للنساء العاملات في المصانع، من ذلك صرف بدل السكن مقدما، صرف تذاكر سفر وقت الإجازة، تأمين صحي للموظفة وأبنائها والزوج.

وفي المحور ذاته، توضح جهات التوظيف في السعودية أن المصانع أصبحت تحتل المراتب الأولى في المهن الجاذبة للمرأة السعودية، إذ قدمت مبادرة «باب رزق جميل» للتوظيف، عرضا لبرامج التوظيف النسائي، خلال منتدى، يُظهر أن 18 في المائة من هذه الوظائف تختص في العمل داخل المصانع، بواقع 2699 وظيفة وفرتها المبادرة للعمل الصناعي النسائي على مستوى المناطق السعودية كافة.

في حين أوضحت شيخة السديري مديرة إدارة المشاريع التنموية في جمعية «النهضة» النسائية في الرياض، أن نحو 45 في المائة من الوظائف التي وفرتها الجمعية للسيدات تصب في إطار العمل المصنعي، قائلة: «في عام 2000 كان دورنا مقتصرا على الإشراف على الأقسام النسائية في المصانع والإشراف على تطبيق الاشتراطات المخصصة. لكن دورنا الآن في 2013 يتمثل في إيجاد فرص عمل مناسبة للسيدات وترشيحهن لجهات العمل الملتزمة بالأنظمة الحكومية، ومساعدة أصحاب العمل في تفعيل الفرص المقدمة للسيدات، ومشاركة أصحاب القرار تجاربنا واقتراحاتنا».

وتجدر الإشارة إلى أن توظيف النساء السعوديات في المصانع يحظى بدعم حكومي كبير ممثلا بوزارة العمل السعودية التي وضعت عدة اشتراطات لتنظيم هذا القطاع، بما في ذلك حظر توظيف المرأة في الأعمال الخطرة أو غير اللائقة، مثل العمل في الصرف الصحي، أعمال البناء، صناعة الإسفلت، صناعة المدابغ، صناعة المفرقعات، ورش السيارات والحدادة، مستودعات السماد، صناعة القصدير، وغيرها.

ويُمنع في المصانع السعودية أي تمييز في الأجور بين العاملين والعاملات عن الأعمال ذات القيمة المتساوية. في حين يُحظر على صاحب العمل تشغيل النساء في المصانع قبل الساعة السادسة صباحا أو بعد الساعة الخامسة مساءً، ولا يجوز تشغيل العاملة تشغيلا فعليا أكثر من ثماني ساعات في اليوم الواحد إذا اعتمد صاحب العمل المعيار اليومي، أو أكثر من ثمانٍ وأربعين ساعة في الأسبوع، إذا اعتمد المعيار الأسبوعي.

ويتزامن هذا الحراك الحكومي في دعم توظيف النساء السعوديات في المصانع مع ترقب تدشين 13 مدينة صناعية نسائية في السعودية خلال السبع سنوات المقبلة حتى عام 2020، التي من المنتظر أن تفتح باب العمل لمئات الفتيات السعوديات. ومن المنتظر أن تسهم هذه المصانع في تخفيض معدلات البطالة النسائية، وأن تعمل بدورها على رفع عجلة النهضة الصناعية في البلاد.

ومن الجدير بالذكر أن المدن الصناعية النسائية الجديدة من المخطط لها كذلك أن تتضمن مراكز خدمية جاذبة للسيدات، بحيث تضم حاضنة أطفال، ومركز تسوق، وناديا صحيا، ومطاعم ومقاهي، ومركز أعمال، ومسجدا، إلى جانب مبنى إداري وخدمي. وهي خطوات تؤسس لشراكة المرأة مع الرجل في العمل بشؤون الصناعة، بعد أن أصبح العمل في القطاع الصناعي جاذبا لنساء السعودية بصورة لافتة.