لبناني يمتلك أكبر مجموعة أفاع.. ويسعى للوصول بها إلى العالمية

تمتاز بفرادتها وألوانها وطول بعضها أكثر من تسعة أمتار

الثعبان «زورو» داخل قفصه الزجاجي
TT

اعتاد الناس على متابعة الاستعراضات التي يقوم بها محترفون بتربية الثعابين، فالمتفرجون لا سيما الأطفال منهم، يشاهدونها بشغف وعناية. لكن أن ترى مجموعة فريدة من الثعابين متعددة الأشكال والألوان والأنواع في غرفة واحدة أقل ما يقال فيها إنها الأكثر خطرا في عالم الأفاعي، فهذا مشهد مشوق بالطبع.

إنه أندريه معيقل، أحد هواة جمع الأفاعي في لبنان، الذي صنفته مجموعته المتميزة كصاحب أكبر مجموعة وأهمها في لبنان، إذ يجمع أكثر من 36 أفعى من أنواع مختلفة وبلدان متعددة، بعد أن أخذت تربية الثعابين بالانتشار تدريجيا في لبنان منذ سنوات، ما لبثت أن تحولت إلى هواية محببة لها جمهورها وعشاقها.

ويقول معيقل في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في غرفته الكائنة في محلة نهر الكلب (شمال بيروت): «إنها عالمي الخاص أهتم بها كثيرا، فأنا أعمل على تربية الحيوانات والطيور لتأمين الطعام لها. أراقبها عند اقتناص فريستها، حيث تعمد الأفعى إلى التأكد من توقف قلب طريدتها، لتبدأ بالتهامها، وكم هي مدهشة طريقة هضمها الطعام التي تحتاج إلى معدل أربعة أيام تكون فيها في حال توتر وإرهاق... لترتاح بعدها».

ويضيف: «على الرغم من لسعاتها التي أتعرض لها، ما زلت أحبها وأخاف عليها وليس منها. كما أجيد فن التعامل معها. هذا العالم كبير جدا، وبحاجة إلى مجلدات ضخمة لكي نفهم نمطه ومزاجيته».

الغرفة تحضن بيئات تلك الأفاعي وطبيعتها. يسكن زورو، وكاسترو، ودامبار، ويورا، وشانكر، وعنتر وكونداليزا... الوافدون من الغابات الاستوائية ومن أستراليا، والمكسيك، والصحراء الليبية وسري لانكا، حيث خصصت لكل منها غرفتها الحاضنة لبيئتها من حرارة ومياه وأجواء طبيعية ملائمة.

قبل عشرين عاما، بدأ معيقل بالعمل على تنمية موهبته، فلا خطرا ردعه ولا سما حال دون إكمال مسيرته التي بدأها بأفعى، ليصل اليوم إلى هذا العدد. والمتوقع أن يرتفع إلى حدود مائة في غضون شهرين.

داخل مملكة معيقل أنواع كثيرة من الأفاعي المتميزة بفرادتها وألوانها، منها الباتين ذات الأنواع الثمانية، البوا وغيرها، فيما تتراوح أعمارها بين عام وثمانية أعوام. أما طول بعضها فقد يصل إلى أكثر من تسعة أمتار أحيانا.

على الرغم من خطورة حجمها وسمومها إلا أنه دائما يخاف عليها لأمنها؛ ويشرح معيقل «أبتاع الأفاعي بمبالغ طائلة وأنفق كثيرا على طعامها، وهذا ليس بكثير أمام الحكمة التي أتعلمها منها والخبرة اللتين قلما نجدها في البشر»، مهدئا من روع إحدى أفاعيه التي استمر في ملاطفتها إلى أن شعرت بالاطمئنان، لافتا إلى أنها تستشعر خوفنا منها لذا تلدغ. أما إذا شعرت بالأمان وعرفنا كيف نلتقطها ومن أين، فيبقى الوضع تحت السيطرة.

مداعبة هذه الأفاعي مرهون بجوعها وشبعها، لكن معيقل يعرف جيدا كيف يتعامل معها ويلاطفها، فما دامت مرتاحة بعد عناء غذاء دسم هو قادر على حملها واللعب معها، أما إذا كانت جائعة فالحذر واجب والحيطة أمر لا مفر منه.

وردا على سؤال يجيب: «بدأت يافعا، وركزت آنذاك على اكتشاف عالم يخافه الناس. ورحت أقرأ عن حياة الأفاعي وطريقة تكاثرها ووجودها، فاكتسبت ثقافتي من الكتب والمراجع ومن الحلقات التي تعرض في التلفاز عن طريقة عيشها. لا بل أكثر من ذلك رحت أتعلم طرق التعامل معها إلى أن أصبحت اليوم خبيرا بحالها».

ومن المتعارف عليه في عالم الأفاعي أنه يصعب تصنيفها، لأن هناك أسسا كثيرة يمكن الاعتماد عليها في التقسيم أو التصنيف. لكن معيقل يؤكد أن هناك نوعين من الأفاعي السامة وهو قسمان: «ذات سمية شديدة وذات سمية ضعيفة»، وغير السام وهو قسمان: «ثعابين عاصرة وغير عاصرة»، شارحا أن هناك أيضا ثعابين تتميز بأنياب أمامية متحركة وأخرى بأنياب ثابتة وأخرى بأنياب خلفية.

أما لناحية تصنيف أنواعها، فنرى ثعابين المستنقعات والبحار والمحيطات، والثعابين الصحراوية وثعابين الأشجار والصخور.

وحتى اليوم يرفض معيقل الاتجار بأفاعيه التي باتت جزءا من مسؤولياته، ولا يرغب في تزويج مجموعته لأنه يفضل التفرد بأنواعها وألوانها، إذ يتابع لأجلها دورات تدريبية استكشافية سنوية في دول العالم، واضعا نصب عينيه هدفا واحدا: «هو الحفاظ على مجموعته وإيصالها إلى العالمية».

وعن الطعام الذي يفضله الثعبان، يشير عاشق الأفاعي إلى أن الطعام يتنوع حسب كبر وحجم الثعابين، ولا بأس باللحم «المفروم»، الحلزون والبيض، وأحيانا يصطاد في الحديقة فئرانا صغيرة يستمتع بالتهامها وتعتبر من الأكلات الشهية لديه، والطيور والحيوانات الصغيرة وغيرها، لافتا إلى أنه من الضروري تغذية الثعابين على الأشياء التي تحبها، لأن البعض منها يتأثر عندما يتغذى على غير ما اعتاد عليه.

وبالطبع فإن معيقل ليس مربي الأفاعي الوحيد في لبنان، لكنه يعد من أهم محترفي تربيتها في الشرق الأوسط، التي ظهرت كهواية منذ عشرات السنين، وبدأت في الانتشار تدريجيا في معظم أنحاء العالم، فتحولت إلى شبه احتراف لدى كثيرين، الذين انصرفوا إلى متعة تربية الثعابين، على الرغم من الأخطار المحدقة بها، وأيضا لحاجتها إلى معرفة ودراسة وصبر.

عناصر ضرورية في كيفية متابعة كل ما يتعلق بها، لناحية المستلزمات المطلوبة والغذاء والأقفاص والديكور والحرارة والفرش والرطوبة والإضاءة، والمتابعة والإشراف ضمن تقنية علمية حديثة.

وفي الختام، فإن هواية وتربية الثعابين تظهر أهميتها في الاستعراضات التي تقام داخل «السيرك» وفي حدائق الحيوانات المنتشرة في بعض المناطق اللبنانية، والتي تعتبر مقصدا للأطفال ومتعة في التفرج عليهم داخل الأقفاص وهم يتلوون على بعضهم، أو يثنون أجسادهم على شكل تابلوهات استعراضية ورياضية.