أحداث الثورة أعادت السينما المصرية إلى الواقعية

اتسمت الأعمال الجديدة باللجوء إلى الحوار التلقائي والتصوير والاعتماد على وجوه جديدة

ملصق فيلم الشتا اللي فات مع بطله عمرو واكد
TT

شهد عام 2013 تطورا في طبيعة الأعمال السينمائية المصرية بما يمكن اعتباره موجة سينمائية جديدة أو طفرة في موجة بدأت خلال الأعوام الثلاثة السابقة، الأبرز فيها العودة إلى الواقعية والتركيز على موضوعات مجتمعية وغياب أفلام الحركة والكوميديا الخالصة والتخلي عن نجوم الشباك.

وتتباين الأسباب بين انشغال الجمهور عن السينما بمتابعة الأخبار وعزوفه عن أفلام الحركة بسبب ما تعرضه قنوات التلفزيون من أخبار عنيفة ومشاهد دموية بينما يمكن تفسير ظاهرة غياب النجوم وفق أسباب تجارية بينها عدم إقبال الجمهور على دور العرض السينمائي لأسباب اقتصادية وأمنية ما يجعل المنتجين يفضلون عدم التعاقد مع نجم كبير يتقاضى أجرا باهظا خوفا من عدم تحقيق إيرادات.

واستعرضت وكالة الأنباء الألمانية جانبا كبيرا من أفلام 2013 التي يظهر فيها زيادة جرعة الواقعية واللجوء إلى الحوار التلقائي والارتجال أحيانا والتصوير في مناطق حقيقية، بعيدا عن أماكن التصوير المعدة مسبقا والاعتماد على وجوه جدد أو ممثلين مغمورين إضافة إلى نجوم الصف الثاني والثالث. ويعد فيلم «الشتا اللي فات» للمخرج إبراهيم البطوط نموذجا للموجة السينمائية الجديدة حيث شارك في كتابته أربعة مؤلفين، هم ياسر نعيم وحابي سعود وأحمد عامر، إضافة إلى مخرجه واشترك في إنتاجه شركات مستقلة يملكها بطلاه عمرو واكد وصلاح الحنفي ومخرجه إبراهيم البطوط ويشترك في بطولته عدد كبير من الوجوه الجديدة وعدد من صناع السينما المستقلة الذين عملوا في الفيلم بالمجان دعما لصناعه.

وتدور أحداث الفيلم حول الأيام الأولى للثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك من خلال ثلاث قصص إنسانية الأولى لضابط في جهاز مباحث أمن الدولة والثانية لمقدمة برامج تلفزيونية والثالثة لمهندس كومبيوتر وجميعهم لهم أدوار أو علاقات وثيقة بأحداث الثورة في أيامها الأولى.

وفي فيلم «فرش وغطا» للمخرج والمؤلف أحمد عبد الله فقد تم تصوير الفيلم بالكامل في أماكن حقيقية بالعاصمة المصرية.

ويعتمد الفيلم صيغة جديدة لحوار محدود جدا بين الشخصيات مع التركيز على الحكي من خلال الصورة في إطار يدمج الشكلين الوثائقي والروائي للأحداث التي تدور حول أحد المسجونين الهاربين خلال الأيام التي تلت ثورة 2011 وفتح السجون والانفلات الأمني حيث يقوم السجين الهارب بالتنقل بين عدد من أحياء القاهرة العشوائية التي تعاني التهميش.

وغابت السينما المصرية عن تقديم أفلام الواقع لأكثر من عقدين بعد موجة قادها المخرجان الراحلان عاطف الطيب ورضوان الكاشف والمخرجون محمد خان وخيري بشارة وعلي بدرخان بينما لا يمكن بحال إنكار أن أفلاما من نوعية «هي فوضى» ليوسف شاهين و«دكان شحاتة» لخالد يوسف و«واحد صفر» لكاملة أبو ذكري و«بنتين من مصر» لمحمد أمين وغيرها هي أفلام أنتجت في السنوات الأخيرة، تنتمي إلى السينما الواقعية.

وتناقص عدد الأفلام السينمائية المصرية منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك في يناير (كانون الثاني) 2011 وازدهرت صناعة الأفلام التسجيلية والوثائقية مقارنة بصناعة الأفلام الروائية التي كانت الأكثر رواجا قبل ذلك.

وفي فيلم «الخروج للنهار» للمخرجة والمؤلفة هالة لطفي الحائز على أكثر من 10 جوائز دولية يغيب النجوم والممثلون المعروفون ويظهر موضوع واقعي وشخصيات واقعية وأماكن واقعية هي البطل الحقيقي في الفيلم الذي تدور أحداثه حول محنة أسرة فقيرة بأحد أحياء القاهرة الشعبية حيث الأب قعيد والأم ممرضة وابنتهما تواجه مشكلة في التعبير عن مشاعرها حيث لا تجد زوجا بعد أن تجاوزت الثلاثين من عمرها.

في فيلم «عشم»، تأليف وإخراج ماجي مرجان، يشارك في البطولة المخرج محمد خان والمخرج المسرحي محمود اللوزي وسلوى محمد علي وعدد كبير من الوجوه الجديدة. ويقدم الفيلم ست قصص متشابكة تحدث في أحياء مدينة القاهرة المضطربة التي تقبع على حافة التغيير حيث الأبطال يتنوعون بين باعة متجولين ولصوص وفتيات يبحثن عن العريس وشباب يبحث عن فرصة عمل.

ومن الأفلام التي تم عرضها في عام 2013 فيلم «بوسي كات» للمخرج والمؤلف علاء الشريف وهو من إنتاجه أيضا، ويقوم ببطولته عدد من الممثلين الشباب وممثلي الصف الثاني والثالث وتدور أحداثه في إطار كوميدي حول فتاة تدير محلا لتزيين النساء في منطقة شعبية ليرصد أسرار المناطق الشعبية وسكانها ومشكلاتهم.

أما فيلم «فتاة المصنع» للمخرج الكبير محمد خان وتأليف وسام سليمان فيعد أول إنتاج لشركة «داي دريم» للإنتاج الفني التي تشاركها الإنتاج شركتان حديثتا الظهور أيضا هما «ويكا» و«أفلام ميدل وست» والفيلم حاز على دعم سبع مؤسسات منها صندوق إنجاز التابع لمهرجان دبي السينمائي وصندوق دعم السينما التابع لوزارة الثقافة المصرية. وتدور أحداثه حول فتاة في العشرين تعمل كغيرها من بنات حيها الفقير في مصنع ملابس، وتعيش تجربة حب دون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال تقاليده البالية.

أما فيلم «فيلا 69» وهو الأول لمخرجته أيتن أمين وكتبه محمد الحاج ومحمود عزت فهو إنتاج مشترك بين شركة «فيلم كلينك» وشركة «أفلام ميدل وست» كما حصل على دعم من ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي ومنحة تطوير من صندوق تمويل هوبرت بالس في مهرجان روتردام السينمائي الدولي. ويقدم رجلا في منتصف العمر يعيش في عزلة ببيته تأتيه شخصيات من ماضيه لتقتحم عزلته ونمط حياته الذي يتغير بعد وصول شقيقته وابنها ونتيجة لذلك يتعرض لتحول جذري في نظرته الجامدة للحياة.