الأميركيون يواجهون موجة صقيع غير مسبوقة منذ 20 عاما

درجات الحرارة في كندا تنخفض إلى ما دون 50 مئوية

موقف سيارات في مدينة إنديانابوليس وقد غطته الثلوج (أ.ب)
TT

يواجه الأميركيون في وسط الولايات المتحدة وشمالها وشرقها موجة صقيع غير معهودة مع تدني درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة منذ 20 سنة، مما اضطر ولايات كثيرة إلى اتخاذ تدابير استثنائية.

وأغلقت مؤسسات تعليمية كثيرة ودعت السلطات المحلية السكان إلى البقاء في منازلهم.

وقضى نحو عشرة أشخاص في أقل من أسبوع بسبب هذه الموجة من الصقيع الآتية من القطب الشمالي غير المسبوقة منذ 20 سنة والمصحوبة بتساقط ثلوج وأمطار جليدية.

ويشمل الصقيع شمال الولايات المتحدة وكندا المجاورة حتى الوسط الغربي ويهدد ولايات الجنوب التي لا تطالها موجات البرد عادة مثل تينيسي وألاباما.

وسجلت أدنى درجات الحرارة المحسوسة حتى الآن في مونتانا (شمال غرب) الاثنين حيث وصلت إلى 53 درجة مئوية تحت الصفر. وعلى سبيل المقارنة بلغت درجة الحرارة في القطب الجنوبي 34 درجة تحت الصفر «فقط».

وكان تساقط الثلوج مرتقبا الاثنين في ميزوري في منطقة البحيرات الكبرى، كما أن شمال شرقي البلاد كان يستعد بدوره لهذه الموجة من الصقيع مساء الاثنين بحسب أجهزة الأرصاد الجوية الأميركية.

وقالت الأرصاد على موقعها الإلكتروني إن «درجات الحرارة الأكثر برودة منذ نحو 20 عاما ستطال شمال الولايات المتحدة ووسطها»، موضحة أن «درجات الحرارة هذه المصحوبة بهبوب رياح عاصفة ستتدنى إلى مستويات محسوسة يمكن أن تكون قاتلة».

وحذرت السلطات من أن درجات حرارة مماثلة تتسبب بتقرحات جلدية خطيرة بعد دقائق قليلة على التعرض لها، مكررة الدعوات إلى الحيطة والحذر. وقال غريغ بالارد، رئيس بلدية إنديانابوليس، حيث وصلت الحرارة إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عاما: «إن البرد هو ما يخيفنا حقا». وأعرب عن قلقه حيال إمكانية تعرض الناس للسعة صقيع بعد دقائق معدودة خارج منازلهم، وربما حتى دون أن يشعروا بذلك. وتابع بالارد: «يمكن أن تموت خلال 10 دقائق في حال عدم ارتدائك لملابس غير مناسبة».

لذلك وجهت دعوات إلى الكثير من الأميركيين للبقاء في بيوتهم. وقالت دائرة الأرصاد الجوية الوطنية إن رياحا عاصفة مصحوبة بدرجات حرارة تصل إلى التجمد ستؤدي إلى رياح «باردة على نحو خطير» تصل إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر في أنحاء ولايات الجزء الشمالي من الولايات المتحدة بطول الحدود مع كندا، وكذلك منطقة الغرب الأوسط.

وقالت سارا ديرو المتحدثة باسم بلدية ميلووكي على ضفاف بحيرة ميتشيغان حيث تدنت الحرارة إلى 37 درجة مئوية تحت الصفر عند طلوع النهار: «طلبنا من الموظفين البلديين الذين لا يعتبر حضورهم ضروريا أن يبقوا في منازلهم». وأضافت أن «الشرطة تقوم بدوريات لمساعدة المشردين على التوجه إلى أقرب ملجأ. وقد وضعت أسرّة إضافية في الملاجئ».

وفي منطقة كوك التي تشمل القسم الأكبر من ولاية شيكاغو، أقيمت مراكز مفتوحة أمام «الجميع للمجيء للتدفئة في حال حصول عطل في جهاز التدفئة (في منازلهم) على سبيل المثال»، كما قالت المسؤولة المحلية ناتاليا ديريفياني.

وبقيت مدارس منيسوتا مغلقة الاثنين بينما طلبت بلديات كثيرة في ولايات أخرى أيضا من الأهالي إبقاء أولادهم في المنزل بدلا من المخاطرة واصطحابهم إلى المدرسة.

وأعلن حاكم إلينوي بات كين حالة الطوارئ وطلب من الأهالي عدم المخاطرة بسلوك الطرقات. وقال: «علينا مواجهة مزيج من درجات الحرارة المنخفضة جدا والجليد وتراكم الثلج».

ووصف كين العاصفة التي تجتاح البلاد بأنها «قياسية» ولفت إلى «بطولة» أفراد الحرس الوطني الذين أنجدوا ركاب 375 سيارة علقت في موجة الصقيع.

وقد شهدت مطارات كثيرة اضطرابات حيث أشار الموقع المتخصص «فلايت أوير» إلى إلغاء أكثر من 4300 رحلة في الإجمال - نحو نصفها في شيكاغو - وإلى تأخير مواعيد 6500 أخرى.

وعلى سبيل المثال لا الحصر أعلنت شركة الطيران «جيت بلو» الاثنين تعليق جميع رحلاتها من وإلى نيويورك وبوسطن حتى الثلاثاء، وهو قرار يشمل نحو 300 طائرة وآلاف المسافرين في المطارات النيويوركية.

وبين نحو عشرة أشخاص لقوا حتفهم في موجة الصقيع عامل في مصلحة رش الملح على الطرق سحق الجمعة تحت تلة من الملح ارتفاعها 30 مترا في منطقة فيلادلفيا، وأربعة رجال في شيكاغو تتراوح أعمارهم بين 48 و63 توفوا خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم بأزمات قلبية بينما كانوا يرفعون الثلج المتراكم أمام منازلهم بحسب «شيكاغو تريبيون».

لكن يتوقع أن يحطم الصقيع بحلول الثلاثاء عشرات المستويات القياسية في مناطق عدة. وهكذا يتوقع أن تشهد أتلانتا كبرى مدن الجنوب على مسافة 1200 كلم جنوب شيكاغو موجة صقيع أشد منه في انكوراج كبرى مدن ألاسكا، بحسب شبكة «سي إن إن».

كذلك تواجه كندا موجة صقيع قطبي غير معتادة. وأشارت أجهزة الأرصاد الكندية إلى درجات حرارة تصل إلى 30 درجة تحت الصفر في شرق أونتاريو ومانيتوبا أو ساسكاتشيوان مع 36 درجة تحت الصفر في ريجينا عاصمة هذه المقاطعة. وبلغت درجات الحرارة المحسوسة فيها 48 درجة تحت الصفر. وتسمى هذه الظاهرة بالدوامة القطبية، التي تحدث عندما تتجه تيارات الهواء البارد جنوبا قادمة من القطب الشمالي وفي طريقها إلى كندا والولايات المتحدة. وكان يوم الاثنين هو أول أيام الظاهرة، التي من المتوقع أن تستمر حتى منتصف الأسبوع، وقد تزداد سوءا، كما يتوقع أن يجلب نظام الضغط المنخفض بشدة مزيدا من الأمطار الثلجية وتساقط الثلوج على الجزء الشمالي الشرقي ومنطقة الغرب الأوسط، حيث سيصل سمك الثلوج الجديدة التي ستسقط على بعض المناطق إلى 25 سم.

وقد وصل سمك الثلوج التي سقطت بالفعل في أجزاء من ولايتي إنديانا وإلينوي إلى ما بين 30 و40 سم خلال اليومين الماضيين.

وقال خبراء الأرصاد الجوية إنه من المتوقع أن يتعرض نحو 149 مليون نسمة، نحو نصف سكان الولايات المتحدة، لموجة البرد القطبية الشمالية.

وفي كندا أدت - موجة برد غير معتادة - الاثنين إلى عرقلة حركة الطائرات وإغلاق المدارس وانقطاع الكهرباء في مناطق واسعة وتسببت في حالة من الفوضى على الطرقات.

وانخفضت درجات الحرارة في منطقة البراري الغربية إلى نحو 50 درجة مئوية تحت الصفر (- 58 فهرنهايت) - أي أقل من درجة الحرارة على سطح المريخ - - مما أدى إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بانخفاض درجات حرارة الجسم وتجمد الأطراف.

وتستعد تورنتو ومونتريال والعاصمة أوتاوا إلى موجة من الصقيع والتجمد، حيث يتوقع أن تنخفض درجة الحرارة إلى نحو 40 درجة تحت الصفر في أقل من 24 ساعة بعد أن استيقظ السكان في وقت سابق على درجات حرارة مرتفعة غير معتادة (فوق درجة التجمد) وعلى هطول أمطار.

وحذرت هيئة البيئة في كندا من صعوبة التنقل، ودعت «أي شخص يخرج من منزله إلى الحذر الشديد» لأن «أي جزء مكشوف من جلد الإنسان يمكن أن يتجمد خلال أقل من خمس دقائق».

وتم إلغاء واحدة من بين كل عشر رحلات من مطار تورنتو، كما وقعت مئات حوادث السيارات في وسط ولايتي أونتاريو وكييك بسبب الصقيع على الطرق والرياح العاتية.

ويأتي ذلك بعد عاصفة جليدية اجتاحت منطقة تورنتو وأدت إلى انقطاع الكهرباء عن 300 ألف شخص خلال عطلة أعياد الميلاد.

ولا يزال أكثر من 30 ألف شخص في ولاية نيوفاوندلاند في المحيط الأطلسي محرومين من الكهرباء، بعد أن أدت عاصفة إلى قطع خطوط الكهرباء الأسبوع الماضي. وكانت الكهرباء انقطعت عن نحو 200 ألف شخص في تلك الولاية الجزيرة.