صناعة السينما الهندية تغزو الشرق الأوسط

بوليوود: تصوير ما يزيد على 12 فيلما في المنطقة

تعد منطقة الشرق الأوسط سوقا حيوية لسينما بوليوود بسبب الوجود الهندي الكبير وكثرة المعجبين في المجتمعات العربية
TT

تحولت منطقة الشرق الأوسط إلى واحدة من أكثر الأماكن الجاذبة لصناعة السينما الهندية، فقد شهد عام 2013 وحده تصوير ما يزيد على 12 فيلما، من بين أشهر أفلام بوليوود، في الكثير من الأماكن في منطقة الشرق الأوسط.

ويجري حاليا، منذ ما يزيد على شهر، تصوير فيلم «Welcome Back»، الذي يشارك فيه كوكبة من نجوم بوليوود، في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومن جانبه، يقول فيروز ناديادوالا، منتج الفيلم: «نصور الفيلم بمشاركة طاقم عمل كبير يزيد على 100 شخص لمدة 45 يوما على أقل تقدير».

ويقوم المنتج ناديادوالا، الذي يتخذ من مومباي مقرا له، بتصوير الأفلام في منطقة الشرق الأوسط منذ بداية فترة تسعينات القرن الماضي.

وفي حديثه عبر الهاتف، قال ناديادوالا «صوّرت نحو 18 أو 19 فيلما في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في دبي. وفي كل عام، أرى هذه المدينة تتطور من أفضل إلى أفضل، حيث إنني أعتبر دبي بمثابة موطني الأول». وأردف قائلا: «في ضوء خبرتي العملية - التي تتجاوز الكثير من السنوات، فضلا عن السفر إلى المناطق المختلفة من العالم - أستطيع القول: إنه لا يوجد مكان في العالم مثل مدينة دبي. إنها المكان الذي تتجسد الراحة في كل مظاهره، سواء فيما يتعلق بالنظام الإداري أو الثقافة أو البنية الأساسية. حينما تكون في هذا المكان تراودك الأحاسيس التي تشعر بها عندما تكون في لاس فيغاس ولوس أنجليس ونيويورك وهونغ كونغ، حيث تشعر بكل ذلك في آن واحد عندما تكون في دبي».

كما سيجري تصوير ما يقارب 80 في المائة من الأفلام في مواقع التصوير في دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما سيكون تصوير باقي الأفلام في مومباي.

وبدأ بالفعل تصوير الفيلم في دبي، وستظهر هذه المدينة بكامل رونقها وتألقها ومواقعها الأيقونية الرمزية الرائعة، مثل برج خليفة وبرج العرب والميدان وجميرا سرايا زعبيل، في أحداث الفيلم بشكل كبير.

وهناك أنباء تفيد بأن الأسرة الحاكمة في دبي اتخذت خطوة استثنائية، حيث وافقت على تصوير أحد المشاهد الرئيسة من الفيلم في اليخت الشخصي الخاص بها، وهو ما يعد ضربا من السخاء والكرم من قبل الأسرة الحاكمة.

وتأكيدا على هذه الأنباء، يقول ناديادوالا «ستكون هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها هذا اليخت في أي فيلم من الأفلام».

وعلاوة على ذلك، جرى تصوير فيلم «جونداي» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وهو فيلم آخر من قائمة أشهر الأفلام التي أنتجتها بوليوود، في سلطنة عمان في مناطق مثل نزوى وقريات وبندر خيران. ومن المتوقع عرض هذا الفيلم، الذي أنتجته شركة «ياش راج فيلمز» (Yas Raj Films) ويقوم ببطولته بريانكا تشوبرا ورانفير سينغ، في شهر فبراير (شباط) 2014. وقال مصدر بشركة «ياش راج فيلمز» بأن شركة الإنتاج السينمائي اختارت عددا كبيرا من السكان المحليين ليكونوا بمثابة الدعم اللوجيستي، وكذلك الدعم المتعلق بالإنتاج.

وكشفت شركة الإنتاج السينمائي أن عمان تصير ببطء كواحدة من المناطق الهامة بالنسبة لبوليوود، حيث إنها تتسم بأمرين مهمين وهما وجود مواقع التصوير المثالية لتصوير الأفلام، والاتجاهات الطيبة من جانب الحكومة.

وفي الفترة الأخيرة، وجهت الحكومة العمانية دعوة إلى وفد من المخرجين وكتّاب السيناريو والمنتجين ببوليوود ليزور عمان قادمين من مومباي بهدف استكشاف مواقع جديدة لتصوير المشاهد السينمائية لأفلامهم والاستفادة من سلطنة عمان كوجهة للتصوير وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض.

ووفقا لتلك الدعوة، استقبلت الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات في سلطنة عمان هذا الوفد الذي ضم المخرج والكاتب السينمائي الشهير سريرام راغافان، وسودير ميشراوسانجاي بوران سينج تشوهان، وأشويني تشاوداري، ومنتج الأفلام المعروف عمار بوتالا من شركة «يو تي في موشن بيكتشرز (UTV Motion Pictures)»، بالإضافة إلى كوكبة أخرى من الفنانين، الذين استعرضوا الأماكن الممكنة لتصوير الأفلام في مناطق مسقط والداخلية والباطنة.

وقال عمار بوتالا «بأن التنوع البديع لسلطنة عمان – حيث تنتشر الصحارى الرائعة والشواطئ الجميلة والبحار الصافية والوديان، بل وحتى مناظر الجبال الخلابة المغطاة بالثلوج».

وعلاوة على ذلك، تنتشر المظاهر السياحية العمانية الرائعة في فيلم «حدث ذات مرة في مومباي 2 الذي جرى عرضه في عام 2013، وذلك في إطار الجهود المبذولة للترويج لهذه الدولة الخليجية كوجهة ترفيهية للمسافرين الهنود».

وفي نفس السياق، قال غوتام روي، من شركة «في فور إنترتينمنت»: «بأن السفر من مومباي إلى مسقط يعد مجزيا وفعالا وعمليا بشكل أكثر من السفر إلى بعض مواقع التصوير داخل الهند. وتعتبر عمان، التي تبعد عن الهند بمسافة ثلاث ساعات فقط بالطيران، من الدول المتسمة بتاريخها وثقافتها الرائعة، كما تزخر بطبيعة متنوّعة من الجبال الشاهقة والأسواق الرائجة وصحرائها المذهلة وشواطئها الجميلة الممتدة بطول الشريط الساحلي الذي يبلغ طوله 1700كلم. وبالإضافة إلى ذلك، تعد عمان وجهة رائعة، حيث توفر أفضل الأنشطة الترفيهية وأنشطة المغامرات».

وبالإضافة إلى ذلك، صور نجما بوليوود شاروخان وسلمان خان فيلميهما اللذين سيعرضان في الفترة المقبلة: «هابي نيو يير (Happy New Year)» و«جاي هو (Jai Ho)»، بشكل حصري في دبي.

وتشير التقارير الإعلامية إلى أن التكلفة التقديرية لتصوير فيلم «هابي نيو يير»، الذي يقوم ببطولته شاروخان، في دولة الإمارات العربية المتحدة وصلت إلى 5 ملايين دولار أميركي. والجدير بالذكر، أن هذا الفيلم، الذي جرى تصويره في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، هو أول فيلم طويل يُصوّر بشكل كامل تقريبا في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المقرر أن يُعرض هذا الفيلم في العام الحالي. ووفقا للأخبار الواردة: «لا يقتصر التصوير على مشهد الرقص فقط، بل جرى تصوير ما يقارب من 80 إلى 90 في المائة من أحداث الفيلم في دبي». وعلاوة على ذلك، حصل فريق الإنتاج الخاص بالفيلم على الكثير من التحفيز من مطار دبي الدولي وطيران الإمارات وسلطات الهجرة. وقام طاقم الفيلم بأكمله بحجز 180 غرفة في فندق أتلانتس «ذا بالم» لمدة 25 يوما. ومن جانبه، يقول شاروخان «أعتقد دوما أن دبي هي وطني الثاني، فهي واحدة من أفضل المدن في العالم ولديها أفضل بنية أساسية. ويعتبر التصوير في دبي مماثلا للتصوير في أي جزء من العالم مثل لبنان أو نيويورك».

وأردف خان قائلا: «بناء على ذلك، فإننا نعد الجمهور بأن فيلم (هابي نيو يير) سيكون تشريفا لهذه المدينة المتألقة للغاية... وكان اختيار دبي قرارا رائعا لأننا كنا نحتاج في فيلمنا إلى عرض مدينة عالمية مثل تلك المدينة التي تزخر بوجود أفضل الفنادق في العالم وأفخم السيارات، التي تتسم بالتأكيد بوجود أعظم شعب. وكان اختيار هذه المدينة أمرا مشابها لاختيار مدينة تستضيف الألعاب الأوليمبية. ولم يكن أمامنا سوى مدينة واحدة ألا وهي دبي». وأعلن شاروخان أيضا أن العرض الأول لفيلم «هابي نيو يير» على مستوى العالم سيكون في فندق أتلانتس «ذا بالم».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قال سهيل خان، منتج ومخرج فيلم «جاي هو» والذي عرض اللقطات الترويجية القصيرة «التريلير» للفيلم في دبي: «ذهبنا إلى دبي من أجل تصوير مشهد قتال، حيث كنا نحتاج إلى وجود متنزه ترفيهي، وكان متنزه (وندرلاند) مكانا جميلا وهادئا ومريحا للغاية».

وسيكون العرض الأول للفيلم في دبي قبل عرضه في الهند في 22 يناير (كانون الثاني).

وسافر طاقم عمل فيلم «جاي هو»، البالغ عدده 120 شخصا، بالكامل من الهند إلى دبي لتصوير الأحداث لمدة 12 يوما. جرى تصوير أجزاء كثيرة من الفيلمين السابقين لسلمان خان، اللذين حققا نجاحا مدويا، وهما «تايجر (Tiger)» و«دابانغ (Dabang)» في إسطنبول والمغرب ودبي.

وحينما ننظر إلى دبي وبوليوود، فإننا نجد قصة حب رائعة ورابطة قوية يعجز الشخص عن تفسيرها، فوفقا لما يشعر به الشخص في الوقت الحالي يزداد التقارب بينهما يوما بعد يوم. وتظهر هذه الحقيقة بجلاء بالنسبة للعروض أو الترويج أو العروض الأولى للأفلام أو التصوير، حيث يستمتع نجوم بوليوود (النجوم المخضرمون والصاعدون وصانعو الأفلام والمصممون، الخ) بوجودهم في دبي.

وفضلا عن ذلك، يقوم المصممون في بوليوود بإيجاد الطلب المناسب للتصميم والملابس الخاصة بهم في منطقة الشرق الأوسط. وبعيدا عن الخيلاء والتباهي بالماركات التي تُباع في متاجر البضائع الترفيهية، يتشابه الجمال والرونق الذي يتسم به طريق شاطئ جميرا الراقي مع ما هو معروض في صالات العرض للمصممين الهنود مثل ريتو كومار ومانيش مالهوترا. وفي حال زيارتك لأحد معارض السيارات الرائعة في طريق الشيخ زايد، فربما ترى نجوم بوليوود وهم يبحثون عن سيارات الفيراري. وعلاوة على ذلك، وافق الكثير من نجوم بوليوود على تنفيذ المشروعات في الإمارات العربية المتحدة. إن حب نجوم بوليوود لدبي يعتبر أعمق وأكبر من مجرد دوافع تجارية أو خيارات ترفيهية، بل هو أكبر من ذلك بكثير.

وكشفت دراسة صادرة عن هيئة الصناعة والتجارة الهندية (أسوتشام)، التابعة لغرفة التجارة والصناعة، أن انخفاض الروبية الهندية أدى إلى تراجع حاد في إنتاج الأفلام ببوليوود بما يصل إلى 35 في المائة من عدد الأفلام التي يجري تصويرها في المناطق الأجنبية الرائعة في أوروبا.

ويقول دي إس راوات، الأمين العام لـ«أسوتشام»: «بأن منتجي الأفلام يفضلون اختيار الأماكن ذات التكلفة الأقل في منطقة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا. وتمتاز هذه الأماكن بوجود مواقع عالمية بأسعار منخفضة، حيث تكون تكاليف التصوير عالية بشكل كبير في دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والسويد وإيطاليا وآيرلندا والدنمارك، وما إلى ذلك.

وفي ضوء الوجود الهندي الكبير ومتابعة ذلك من قبل المعجبين في المجتمعات العربية، تعد منطقة الشرق الأوسط سوقا حيوية لبوليوود، حتى من وجهة النظر الخاصة بالمشاهدين.