«البرغر» في السعودية.. طفرة التحول من «وجبة سريعة» إلى «صناعة تجارية»

تقديرات بدخول علامتين تجاريتين جديدتين كل عام في سوق تبلغ 5.7 مليار ريال

TT

وجبة «البرغر» السريعة أصبحت تشكل ظاهرة غذائية وخيارا رئيسا للمستهلكين السعوديين، إذ بدأت صناعة الوجبات السريعة المتخصصة في مجال «البرغر» تشهد تطورا مذهلا على صعيد احتراف العمل وتقديم المنتج، بعد أن كان الانطباع الشائع عنها أن العمل بصناعتها خسارة للمال وكونها وجبة مضرة بالصحة.

يلفت عاملون في القطاع تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن معدل النمو واضح للعيان على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة، موضحين أن نشاط صناعة وإنتاج وتسويق البرغر تزامن مع عودة طلائع المبتثعين السعوديين الذين درسوا في الخارج، فيما اتضحت التجليات على تأثرهم بنوعية واحترافية الإنتاج والتقديم لهذه الوجبة.

ويرى سامي المغير مالك محال «برغر بكس» أن إطلاقه لمشروعه الحلم جاء لثلاثة عوامل رئيسة، الأول حبه للطهي وهوايته لتذوق الجديد من الأطعمة، والثاني اطلاعه على نماذج للمطاعم الغربية والمحال المحترفة في صناعة المأكولات خاصة البرغر، إضافة إلى تخصصه في مجال الإدارة حيث شكلت جميعها عوامل مكنته من الدخول في صناعة وتسويق «البرغر».

أما عبد الله باعشن وهو مدير تطوير المشاريع في دار التجار للتجارة صاحب امتياز مطاعم (كاتشب) العالمية المتخصصة في طهي اللحوم وتقديم وجبات «البرغر» قال إنه تم الحصول على هذا الامتياز تواكبا مع حركة تطوير خدمات المطاعم في السعودية.

وفي هذا الصدد، يؤكد المغيرة الذي عاد من الابتعاث الخارجي بعد انتهاء دراسته، أن «البرغر» تحول من كونه وجبة سريعة خالية من الفوائد إلى وجبة ذات أبعاد ثقافية وتنم عن ثقافة المستهلك، مشيرا إلى أن تخصصه الدراسي في مجال الإدارة خوله لدخول هذا النوع من الاستثمار. ولكون الطبخ هوايته الرئيسة يقوم باعشن بإعداد شرائح البرغر في محله الخاص ويهتم بأدق تفاصيل خلطة البهارات والتوابل.

بيد أن باعشن يشير إلى أن تنامي الإقبال من الطرفين (المستهلك والبائع) على هذا النشاط يأتي ضمن ظاهرة عالمية في كثير من بلدان العالم باتت تعرف بظاهرة «فانسي برغر» التي باتت تبتكر وتطور وتضيف وتنمي هذه النشاط ليصبح صناعة غذائية ذات تأثير اقتصادي ومجتمعي مهم.

ويرى باعشن أن العامل الأبرز لمطاعم البرغر الحديثة يكمن في الطعم والجودة.

ويتزامن مع ظاهرة محال «البرغر» ابتكارات التقديم واستخدام للتقنية بشكل لافت، فيما يلفت الاهتمام للشعار بأنه قدمه في مسابقة عالمية عبر موقع إلكتروني وحاز على أفضل مشاركة بين 60 شعارا تقدم إليه.

يقول المغيرة: «ابتكرنا طريقة لتوعية زبائننا بكمية البرغر المتوافرة لدينا»، مشيرا إلى أن لدى المحل إشارة ضوئية مشابهة للإشارات المرورية، وبذات الألوان (أحمر: لا يوجد، برتقالي: الكمية محدودة، أخضر: الكمية متوافرة)، إذ وفقا لهذه الألوان يتعرف العميل على الوضع.

ويضيف المغيرة بأن المحل مجهز بكافة أنواع التكنولوجيا من شاشات متابعة لتويتر وإنستغرام للتفاعل المباشر وكذلك شواحن جوالات على الطاولات، مشيرا إلى أن المعلومات والوسائل ليست حصرا على أحد ولكن وضع اللمسة والتوظيف هو الأساس.

من ناحيته، يقول مازن الضرّاب وهو أحد المختصين في ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني بأن كثيرا من أصحاب العلامات التجارية الجديدة في «البرغر» هم من الشباب وعليه فهم حينما يستخدمون الشبكات الاجتماعية في التسويق، يكونون قد توجهوا إليها مضطرين لا مختارين لتكلفة الإعلان التقليدي على بدايات أعمالهم.

ويضيف الضراب: «هم يعتمدون على التسويق المنطوق أو التسويق بالتوصية وهو الذي يعتمد على النقاشات في تويتر وفيس بوك والصور عبر إنستغرام ويكون محل تبادل أطراف الحديث في المجالس عن سمعة وجودة طعم ما يقدمه هذا المطعم أو ذاك».

وبحسب جولة قامت بها «الشرق الأوسط» في عدد من المحال المتخصصة تراوحت أسعار بيع «البرغر» بين 15 و25 ريالا (4 - 6.6 دولار) في أغلب مستوياتها وهو ما يؤمن به رواد الأعمال في صناعة «البرغر» في السعودية بأن السعر الحالي للوجبة يعد مناسبا.

ويلفت المغيرة إلى أن السعر مقارنة بمطاعم أخرى خاصة المطاعم العالمية التي تقدم البرغر كوجبة رئيسة، يظل في نطاق المقبول والمقدور عليه مقابل وجود جودة وتميز وابتكار وخدمة في تقديم الوجبة.

من جانبه، يفيد عبد الله با عشن بأن أسعار البرغر في محلات البرغر الفاخرة تصل إلى 45 و60 ريالا، فيما يبلغ حجم النمو السنوي إلى 20 في المائة وهو ما يعني علامتين تجاريتين ناجحتين سنويا تدخلان سوق الوجبات الغذائية كل عام خلال طفرتها الحالية.

البرغر: سوق عملاقة حاولت «الشرق الأوسط» استقصاء بيانات رسمية، بيد أن ضعف المعلومات المتعلقة بالإحصائيات الرسمية أو شبه الرسمية غير متوافرة لنشاط البرغر. ولكن وفقا لإحصاءات أجرتها شركات عالمية لإحدى سلاسل المطاعم الشهيرة كشفت أن حجم سوق البرغر والسندوتشات السريعة يفوق 5.7 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، تشمل جميع السلاسل العالمية والمحلية المتخصصة في صناعة البرغر بمختلف أنواعه.

ووفقا لأبرز العلامات الموجودة رصدت «الشرق الأوسط» عددا من العلامات التجارية السعودية المتخصصة في صناعة البرغر وتحمل سمات مؤسسة تجارية محترفة وهي «برغر بكس»، «همبرغيني»، «برغر آنومي»، «برغر أند برغر»، «برغر ون أو ون»، كما سجلت «أبارتمنت برغر» علامة بارزة إذ يجري تسويق «البرغر» من داخل شقة كعمل منزلي بحت.

ويقول باعشن إنه وغيره من المستثمرين في هذا المجال، عانوا في البداية من ضعف المعلومات والبيانات الدقيقة حول سوق صناعة البرغر وتسويقه، بيد أنهم توصلوا إلى جملة من المؤشرات في تحقيق العوائد والأرباح، حيث أشار إلى أن سوق «البرغر» قادرة على تحقيق ربح بين 15 و25 في المائة من تكلفة الاستثمار فيه لأن تكلفة الطعام في الوجبات السريعة عالية خاصة أنها تسعى للجودة. وأضاف أنه لا بد من الوضع في الاعتبار 30 في المائة تكلفة مبيعات تشمل الإعداد والتجهيزات والأكياس والعبوات والبلاستيكات ومواد أولية وغازا وكهرباء وغيرها بخلاف مرتبات الطهاة والأيدي العاملة.

معوقات: العامل والانتشار يؤكد الضراب إلى أن الموارد البشرية والأيدي العاملة تكون تحديا كبيرا لا سيما أن العمل يحتاج إلى مستوى عال من الأداء وسرعة في تقديم الطلبات.

ولكن الضراب يلفت إلى أن التحدي الأبرز سيتضح حينما تتجه هذه العلامات التجارية إلى توسيع أعمالها وافتتاح مزيد من الفروع بالإضافة إلى تحدي الأيدي العاملة، كما ستبرز تحديات كسلاسل الإمداد اللوجستي، والحفاظ على مستوى الجودة وسرعة التقديم وتلبية الطلبات.

كما أن المحافظة على الهوية بجميع أبعادها بما فيها جودة المنتج ورفع مستواه، بحسب الضراب، سيشكل لهؤلاء الشباب الرواد تحديا كبيرا في المحافظة على محالهم واستدامة جودة المذاق الذي يقبله عملاء المحل.