وقف تجديد رخص المقاهي والمطاعم السياحية التي تقدم النرجيلة في الأردن

مليار دولار حجم الإنفاق على التدخين في البلاد

TT

أثار قرار أمانة عمان الكبرى بوقف تجديد رخص المقاهي الشعبية والكوفي شوب والمطاعم السياحية التي تقدم «النرجيلة» لزبائنها حفيظة المجتمع الأردني، وسجالا في الأوساط الشعبية والتجارية بين مؤيد ومعارض لهذا القرار.

ففي الوقت الذي ربطت فيه الأمانة تجديد هذه الرخص بشطب عبارة «تقديم الأرجيلة» من رخص المهن، استنادا لما تقوله من أن «القرار جاء تطبيقا لقانون الصحة العامة، الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة» يُواجَه القرار بشبكة أصحاب نفوذ لها مصالح تجارية واقتصادية تحاول تعطيل تنفيذه.

يقول الكاتب فارس الحباشنة إنه في حال نجحت الحكومة في تطبيق أحكام القانون بصرامة وحزم، فإنها تحد فعليا من الأثر الكارثي للتدخين على الاقتصاد الوطني، وتحد من تداعيات صحية واجتماعية يتفاقم تأثيرها سلبا مع ارتفاع أعداد المدخنين، خاصة في أوساط الفئات العمرية الشابة (طلاب المدارس والجامعات) والانتشار المفرط للمقاهي ومحال تقديم النرجيلة.

ويضيف أن الحكومة أمام اختبار حقيقي، لا بد أن يكلل بالنجاح، وعدم الالتفات إلى أصحاب النظريات التي تروج إلى «اقتصاد الدخان والنرجيلة» والادعاءات التي تُساق عن التأثير السلبي على قطاع السياحة واستثماراتها في حال طبق القانون، فأصحاب هذه النظرية يبدو أنهم لم يطالعوا تقارير الصحة الدولية عن التدخين، ولم يطالعوا أيضا تقارير مالية إيجابية لدول في الشرق الأوسط والعالم طبقت قانون منع التدخين، وزاد ذلك من معدل دخول سياحتها.

ويؤكد وزير الصحة الأردني علي الحياصات أن قانون منع التدخين الذي أصدره مجلس الوزراء عام 2008 مر بجميع القنوات التشريعية في مجلسي النواب والأعيان واكتسب الصفة القانونية لتطبيقه، إلا أنه لم يُفعّل آنذاك، مشيرا إلى أن المملكة وقعت على اتفاقية دولية لمنع التدخين عام 2004 وهي ثاني دولة في المنطقة توقع الاتفاقية بعد دولة الإمارات العربية المتحدة.

ونوه الحياصات بأن القرار لن يؤثر على السياحة، إذ إن الدول المتقدمة تمنع التدخين في الأماكن العامة ووسائل النقل العام وتغلظ فيها العقوبات على المدخنين.

وأضاف أن بعض معارضي القانون دخلوا من باب الإضرار بالاستثمارات والأموال العامة وتأثيره على السياحة، متسائلا: «ألا يوجد استثمارات لجلب الدخل أفضل من المقاهي والأماكن التي تقدم النرجيلة لمن هم دون 18 عاما، التي يعد الاستثمار فيها إضرارا بالصحة العامة وبالمجتمع وأخلاقياته؟!».

وكشف الحياصات في تصريحات صحافية أن الدولة تنفق ما يقارب المليار دولار على صحة المواطنين، إلا أن استهلاك التدخين والنرجيلة يضيع هذه الأموال والجهود سدى.

وتابع أن نتائج إحدى الإحصائيات بيّنت أن 25 في المائة من الفتيان و18 في المائة من الفتيات من الفئة العمرية 13 إلى 15 سنة يعدّون من المدخنين ومرتادي هذه المقاهي، وقد تتنامى هذه النسبة دون وجود قانون رادع.

كما لفت إلى بعض السلوكيات الخاطئة في تداول النرجيلة في المقاهي المتمثلة في وضع مادة «السبيرتو» في مياه النرجيلة والنفخ على رأسها من قبل الجميع، وتشارك مرتادي هذه المحال في نرجيلة واحدة دون تغيير «بربيش» النرجيلة، فضلا عن مادة التومباك وتركيبتها ونكهاتها الضارة جدا بالصحة.

وشدد الوزير الحياصات على أن الأماكن العامة هي حق للجميع، ويجب احترامها واحترام القوانين والأنظمة أو التعليمات واحترام الآخرين وصحتهم، مؤكدا أن القانون يشمل منع التدخين داخل وسائل النقل العام.

وأشاد بقرار أمين عمان بمنع ترخيص هذه المحال إنفاذا للقانون الذي يصب في مصلحة المواطن، مؤكدا أن كثيرا من المدخنين ومرتادي المقاهي أيدوا القرار حماية لأبنائهم.

واعتصم أصحاب المقاهي اعتراضا على قرار أمانة عمان بوقف ترخيص تلك المقاهي، وقال محمود نصار صاحب أحد المقاهي إن «هذا القرار سيوقف عملنا وأرباحنا، خاصة أن هناك إقبالا من الزبائن على النرجيلة».

وأوضح أن حال تطبيق القرار، فإن نحو 700 محل سيتضرر، وسنضطر إلى الاستغناء عن العاملين وتقليص عددهم.

وأشار إلى أن «الأمانة تصدر قرارات مثل هذا القرار ثم تتراجع»، داعيا المسؤولين إلى تنظيم عمل المقاهي بإيجاد مناطق مخصصة للمدخنين، وأخرى لغير المدخنين.

من جانبه، قال مصدر مسؤول في الأمانة، إن القرار سرى مفعوله منذ مطلع العام الحالي، وجاء بطلب من وزارات الصحة والداخلية والسياحة والآثار، مشيرا إلى أن «الأمانة» ملتزمة بمضمون الطلب، لأنها هي من تمنح تراخيص المهن، مؤكدا أن «القوانين وُضعت لتُنفّذ، لا أن تبقى حبرا على ورق».

وكشفت إحصائية صادرة عن «الأمانة» أن 673 منشأة في العاصمة مشمولة بقرار إيقاف تجديد رخص المهنة الممنوحة لها، شريطة تصويب أوضاعها بعدم تقديم «النرجيلة» لزبائنها.

وأكد المصدر نفسه أنه في حال لم يجرِ تصويب الأوضاع لـ«المقاهي الشعبية والكوفي شوب والمطاعم السياحية، وتعهدها بعدم تقديم النرجيلة، فإنه سيصار إلى تحرير المخالفات بحقها بعد الكشف الدوري عليها».

يشار إلى أن الأردن ينفق سنويا ما مجموعه 720 مليون دينار، أي ما يعادل مليار دولار على «التدخين»، كنفقات مباشرة وغير مباشرة.

ويُذكر أن العمل بقرار حظر التدخين في الأماكن العامة والوزارات والمؤسسات الحكومية والمطاعم بدأ في 25 مايو (أيار) 2010، إلا أنه لم يجر الالتزام به.

وألزم القانون المسؤول عن المكان العام، بوضع لوحة بخط واضح وفي مكان بارز، تحمل عبارة «ممنوع التدخين»، وتضمن اتخاذ الترتيبات اللازمة لمراقبة الالتزام بذلك.

كما ينص القانون على فرض عقوبات بحق المدخنين في الأماكن العامة، إذ يعاقب من يدخن فيها بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر، أو بغرامة لا تقل عن 15 دينارا ولا تزيد على 25 دينارا.

كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000، كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في دور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، أو السماح بذلك. وبحسب دراسات وزارة الصحة، فإن ستة في المائة من المدخنين، بدأوا التدخين دون سن العاشرة، في حين بدأ 50 في المائة منهم التدخين بين 15 و18 عاما، في حين يقبل ستة في المائة من سكان الأردن على تدخين النرجيلة، ويبلغ معدل انتشار التدخين بين البالغين 50 في المائة بين الذكور و18 في المائة بين الإناث. ويتجاوز حجم الإنفاق السنوي على التدخين وتبعاته 720 مليون دينار، نصفها تقريبا يذهب إلى قنوات العلاج من أمراض ناتجة عن التدخين.

وحذرت جمعية مكافحة التدخين مرارا من ارتفاع نسبة التدخين بين الأردنيين، لا سيما بعد انتشار تدخين «النرجيلة»، مؤكدة أن جميع منتجات التبغ كالسيجار والغليون والنرجيلة، تختلف في الشكل فقط، لكنها متشابهة بالضرر. وحذرت من أن تدخين «النرجيلة» في جلسة تستغرق من ساعتين إلى ثلاث ساعات تعادل تدخين 20 إلى 50 سيجارة.