مطر الجوائز مستمر

«سوط» يفوز في مهرجان صندانس.. و«الميدان» للمخرجة جيهان نجيم يثبت أقدامه

ألفونسو كوارون مخرج فيلم الفضاء «جاذبية» حصل على الجائزة الكبرى (أ.ف.ب)
TT

بين فوز المخرج داميان شازيل بجائزة مهرجان صندانس الذي انتهت أعماله قبل ساعات، وفوز المخرج ألفونسو كوارون بجائزة أفضل مخرج من قِبل جمعية «جمعية المخرجين الأميركية» (Director›s Guild of America) أكثر من نقيض؛ داميان شازيل مخرج غير معروف وألفونسو كوارون مخرج - نجم في مجاله يتمنّى عدد كبير من الممثلين العمل معه.

داميال شازيل قدم أول أفلامه في الدورة المنتهية من مهرجان صندانس، وألفونسو كوارون وقف وراء سبعة أفلام روائية طويلة ونحو خمسة أفلام قصيرة وأربعة أعمال تلفزيونية وكل فيلم روائي طويل حققه تلقفه المجتمع والإعلام السينمائيين بحبور وتقدير.

أخيرا، داميان شازيل مخرج مستقل في الـ29 من عمره، وتكلفة فيلمه الذي نال الجائزة الأولى في مهرجان صندانس، وعنوانه «سوط» (الذي تناولناه في رسالة سابقة) لا تزيد عن مائة ألف دولار، في حين أن ميزانية فيلم كوارون الذي فاز بجائزة «جمعية المخرجين الأميركية» وعنوانه «جاذبية» وصلت إلى 100 مليون دولار مقابل إيرادات تجاوزت 678 مليونا.

على كل ذلك، هناك نقطة لقاء واحدة؛ كلاهما، شازيل وكوارون، يعمل في المهنة ذاتها، وشيزيل اليوم قد يصبح كوارون أو سكورسيزي أو سبيلبرغ الغد.. أو قد لا يصبح، لكنه سيبقى مخرجا اختار لنفسه المهنة، وسيختار لاحقا ما سيصنع بها.

«سوط» الذي افتتح مهرجان صندانس في الـ16 من هذا الشهر لم يكن عملا سهلا. قال المخرج لزميل: «لو لم أصنع فيلمي القصير وأقدّمه هنا في الدورة الماضية لما استطعت صنع هذا الفيلم». ما فعله شيزيل هو أنه صوّر فيلما قصيرا حول الموضوع نفسه، ثم، وبعد عودته من «صندانس» الماضي، سارع (بمعونة جمعها خلال وجوده في المهرجان) بتحقيق فيلمه الطويل هذا الذي فاز بجائزة الجمهور أيضا في حفلة تأخرت نصف ساعة عن موعد انطلاقها لأسباب لم تتضح.

«سوط» تناول الشرخ الحاصل بين طموح طالب موسيقى وواقعه عندما يجد نفسه تحت سطوة مدرّسه. الموضوع يمكن تفسيره بمستويات شتّى كلها تصب في خانة التعصب والسلطة الديكتاتورية في أي حقل ومكان. في المقابل، فإن الفيلم الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي، ذهبت إلى فيلم مختلف عنوانه «تل ثري» شارك في إخراجه كل من ترايسي وأندرو تروز حول واقع العيش في رحاب بلدة فقيرة بالقرب من مستنقعات ولاية ميسوري.

باقي الجوائز ذهبت كالتالي:

* جائزة أفضل إخراج درامي نالها المخرج كاتر هودييرن عن فيلم مثير للاهتمام جدا عنوانه «الصيد بلا شبكة» كونه يقدّم موضوع قراصنة البحر الصوماليين من وجهة نظرهم. بذلك هو ليس الفيلم الجديد الثاني حول هذا الموضوع، من بعد «كابتن فيليبس» لبول غرينغراس، بل النقيض من ذلك الفيلم الذي نقل الأحداث من وجهة نظر الكابتن المختطف.

* جائزة أفضل إخراج لفيلم تسجيلي ذهبت إلى رايان وايت وبن كوتنر عن فيلمهما «الدعوى ضد 8» الذي يدور حول الصراع الذي شغل محاكم كاليفورنيا، في العام الماضي بين مؤيدي ومعارضي زواج المثليين.

* الفيلم السوري/ الألماني «العودة إلى حمص» خرج بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم تسجيلي عالمي (هناك مسابقتان أميركية وعالمية في كل حقل من حقول العمل)، وهو الفيلم الذي يتناول رصد سوري عاد إلى وطنه مستطلعا وانتهى به الأمر لحمل السلاح في وجه النظام أسوة بالفصائل المعارضة.

* الدرامية في المجال نفسه ذهبت إلى الفيلم البريطاني «ليساعد الله الفتاة» إخراج ستيوارت مردوك، حول فتاة عالجت مرضها بكتابة الأغاني.

لجانب هذه الجوائز هناك أخرى تتعلّق بالسيناريو والتصوير والتمثيل على جانبي الضفة، محليا وعالميا، لكن الملاحظ في النهاية أنه لا أفلام شاركت الفوز في أكثر من مجال باستثناء «سوط» الذي خرج أيضا بجائزة الجمهور، وهو ما حدث في العام الماضي أيضا عندما فاز فيلم «محطة فروتفال» لرايان كوغلر (بوشر بتوزيعه سينمائيا قبل أسابيع قليلة) بالجائزة الأولى، وبجائزة الجمهور كما حدث هذا العام مع «سوط».

صوب الأوسكار قبل نهاية أعمال صندانس بساعات قليلة، جرى إعلان جوائز «جمعية المخرجين الأميركية» التي نال فيها ألفونسو كوارون نصيب الأسد، ففاز بالجائزة الأولى في حفلة ضمت نحو 1600 ضيف. المخرج ذو الأصل المكسيكي فاز على الأميركيين مارتن سكورسيزي (فيلم «ذئب وول ستريت») وديفيد أو راسل («أميركان هاسل») وعلى البريطانيين ستيف ماكوين («12 سنة عبدا») وبول غرينغراس («كابتن فيليبس»).

هذه الأسماء الخمسة، أي بما فيها ألفونسو كوارون، هي ذاتها التي تنافست على جائزة «غولدن غلوب»، كما أن نتيجة تلك الجائزة التي كانت أعلنت في الـ16 من الشهر الحالي، مطابقة، إذ فاز كوارون بالجائزة الأولى. الفارق الأساسي هو أن جمعية المخرجين هي التي تصوّت للمخرجين بين أعضائها مما يجعل كوارون، أو أي مخرج آخر فاز أمس، إنما فاز بأصوات أترابه المتخصصين.

وبما أن نسبة المخرجين في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية مانحة الأوسكار تصل إلى ستة في المائة، فإن تأثير هذا الفوز ليس واضحا، وإن كان ممكنا. وما يجعل المقارنة بين نتائج هذه الجمعية التي وزّعت جوائزها في الدورة الـ66 منذ نشأتها وترشيحات الأوسكار حقيقة أن أربعة من أسمائها مرشحة لأوسكار أفضل مخرج، وهي أسماء كوارون وسكورسيزي وماكوين وأو راسل. الوحيد الذي لم يحظ بالسباق في الأوسكار هو بول غرينغراس وحل مكانه ألكسندر باين عن فيلم «نبراسكا».

سلّم الممثل والمخرج بن أفلك، الذي نال الجائزة في العام الماضي عن فيلم «أرغو» الجائزة للمخرج كوارون، الذي ردد بأنه يشعر بالتواضع حيال حجم التقدير الممنوح إليه.

«جاذبية»، هو الفيلم الأول للمخرج خارج نطاق الحكايات الاجتماعية والأدبية، إذ هو من نوع الخيال العلمي وتقع أحداثه في الفضاء الخارجي للأرض.

في الجانب التسجيلي من جوائز المخرجين نالت المصرية جيهان نجيم الجائزة عن فيلمها «الميدان» الذي تناول ميدان التحرير حيث انطلقت ثورة يناير 2011 في مصر. على الرغم من أن كثيرا من الأفلام المصرية وغير المصرية دارت حول هذا الموضوع، وصوّرت الميدان ذاته بأحداثه ومتظاهريه، إلا أن عين المخرجة الفاحصة منحت مشاهدي الفيلم خروجا عن المألوف وجديدا في التناول مكّنها من تمييز فيلمها، مما جعلها مرشّحة مثالية لهذه الجائزة، كما لجائزة الأوسكار أيضا.

في مصر، كان المثقفون والإعلاميون استقبلوا فوز نجيم بالترشيح لأفضل فيلم تسجيلي في سباق الأوسكار بتفاوت بارز بين من وجد فوزها فوزا لموهبة مصرية، وبالتالي لمصر، ومن عدّ الفيلم من أساسه أميركي الإنتاج ولا يمثّل مصر في شيء.

هذا هو الفوز الثاني لجيهان نجيم بجائزة «جمعية المخرجين الأميركية» الأمر الذي لا يلتفت إليه الكثيرون. الأول حدث سنة 2001 عندما نالت «أفضل إنجاز إخراجي في الفيلم التسجيلي»، وذلك عن فيلمها «ابدأ» Start Up. وكانت رشّحت للجائزة التي نالتها قبل يومين، وذلك عن فيلمها حول ظاهرة تلفزيون الجزيرة بفيلم أخرجته سنة 2004 تحت عنوان «كونترول روم».