تزايد الطلب على الكلاب البوليسية في لبنان للحماية الأمنية

سعر الواحد عشرة آلاف دولار.. والاستئجار الشهري 500 دولار

شديد برفقة أحد كلابه في فترة تدريبية و كلب يتلقى تدريبا على السرعة
TT

«رب ضارة نافعة» مثل بدأ ينطبق على «مدارس تعليم الكلاب» في لبنان مع ارتفاع الطلب على اقتنائها، خصوصا بعد موجة من التفجيرات التي وقعت في عدد من المناطق اللبنانية.

وهكذا ارتفع الطلب على الكلاب القادرة على كشف المتفجرات أو المخدرات، أو حماية المباني والأفراد، ومعه ارتفعت قيمة الكلب البوليسي الواحد إلى عشرة آلاف دولار، وكلفة استئجاره لشهر واحد إلى أكثر من خمسمائة دولار، وكل ذلك لم يحد من الطلب عليها.

ومن بين مدارس تعليم الكلاب في لبنان «ميدل إيست كافل كلوب»، التي تدرب على أسس كشف المخدرات والجثث والمتفجرات.

يقول هيثم شديد صاحب المدرسة في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته أثناء فترة تدريبية: «هذه الأنواع من الكلاب تحتاج إلى أشهر من التدريب على أيدي أشخاص محترفين، ويجري انتقاؤها وفقا لميزات محددة كي تتمكن من أداء مهمتها. ويدرب الكلب البوليسي على طاعة صاحبه أولا، ثم يوضع في بيئة تدريب تشبه تلك التي ستكون مكان عمله، سواء كانت مؤسسات حكومية أو تجارية أو حتى شوارع».

ويضيف: «بات الطلب على كلاب الحراسة الشخصية كبيرا، لذلك افتتحت شركة أمن خاصة تهتم برعاية هذا النوع من الكلاب، وتزويد الراغبين في أمثالها».

في المقابل يقول مقتنو هذا النوع من الكلاب إنه أكثر دقة في أداء عمله من أي آلة حديثة لكشف المتفجرات، رغم أن سعر الكلب المدرب الواحد يوازي عشرة أضعاف الآلة الواحدة. وهو مطيع ومخلص أيضا.

هذه المدرسة - التي كانت حلما لطالما راود خيال شديد، إلى أن حوله إلى حقيقة معيشة - مزودة بقسم للطبابة وآخر للترفيه، والقسم الأكبر لتلقينها الدروس اليومية. ومن بينها تدريب هذه الكلاب على مساعدة المكفوفين والمرضى نفسيا، ناهيك بالعناية بكلاب البيوت والصالونات.

رحلة الشاب اليافع مع عالم الكلاب بدأت منذ الصغر، حيث كان يرافق والده إلى مزرعة صغيرة يملكها لتدريب الكلاب، وهناك أمضى سنوات عدة مكتشفا حبه لها: «قررت أن أقرن هذا الحب بالدراسة الأكاديمية، فسافرت إلى الولايات المتحدة حيت تابعت دراسات مكثفة وعدت بشهادة ماجستير في تدريب الكلاب، وهو اختصاص غير معتاد في لبنان والعالم العربي».

وفي عام 2005 تحقق الحلم في منطقة نهر الكلب (شمال بيروت)، وتأسست الميدل إيست كافل كلوب على مساحة مقدرة بـ24 ألف متر مربع حيث يوجد قرابة 400 كلب من مختلف الأصناف والأعمار، منها ما هو مهيأ للكشف عن المتفجرات ومنها ما هو مجهز للكشف عن الجثث والمخدرات، ومنها ما هو للعب والدلال، ومنها ما أتقن فنون القتال.

وشيئا فشيئا راحت الأجهزة الأمنية والشخصيات المهمة تطلب هذه الكلاب ليس في لبنان فحسب، إنما في دول أجنبية متعددة، حتى صارت المدرسة تعد الأكبر والأهم في الشرق الأوسط، ويعمل فيها قرابة 12 مدربا، إضافة إلى طبيبين بيطريين يقومان بالعناية والكشف على هذه الحيوانات الذكية.

ويعد شديد كل الكلاب بحاجة إلى التدريب على النظام، ومن ثم الطاعة: «وهي أمور نبدأ بتعليمها إياها منذ أشهرها الأولى، لكن قبل التدريب لا بد من اتخاذ إجراءات وقائية تتعلق بصحتها، وتشمل اللقاح السنوي والأدوية التي تقيها الأمراض والجراثيم».

أما عن طرق التدريب فيؤكد أن لها أصولا، ولعل أهمها الحزم الجاد والسيطرة الكاملة على الوضع، من دون اعتماد التوبيخ أو العصبية أو الضرب، إضافة إلى انتقاء الكلمات المناسبة بعناية خاصة. وهذه عوامل أساسية تساعد في عملية الطاعة التي تتركز على احترام كلمات المدرب وأوامره والالتزام بالتعليمات الكاملة.

وفيما يتعلق بجديد المدرسة يكشف شديد: «بدأنا منذ فترة بتخصيص مساحة مهمة لكلاب الكشف عن بعض الأمراض السرطانية التي ستكون إحدى أهم المفاجآت في لبنان، والتي تنفرد بها هذه المدرسة بين دول المنطقة».

ويمكن القول إن لكل نوع من الكلاب تدريبات وخدمات وصفات؛ فالكلاب المدربة على مساعدة المكفوفين تختلف عن تلك المعدة لمرافقة ذوي المشاكل النفسية. الأولى تحتاج إلى مدرب شجاع ينقل شجاعته إلى كلابه، وتتميز بسرعة الملاحظة ودقتها، وهي تحتاج إلى قرابة ستة أشهر تدريبية، مقسمة على مرحلتين مع المدرب، ومن ثم مع الكفيف.

أما النوع الثاني فيتصف بالهدوء والتودد، لأن الكلب هنا هو من سيفتح الطريق لصاحبه ويساعده على الانخراط بين الناس، كما عليه أن يوفر الطمأنينة والراحة له، وهو يحتاج إلى مرحلة تدريبية لا تتعدى شهرين.

وانتقالا إلى كلاب الحراسة الشخصية، فيمكن القول إن 90 في المائة منها بإمكانها أن تقوم بهذا النوع من الخدمات خلال شهر، وأكثرها مطلوب لحراسة الشخصيات السياسية. وأخيرا الكلاب المعروفة بالبوليسية وأشهرها الـBerger الألماني والبلجيكي، وهي المدربة على اكتشاف المتفجرات والأثر، وتحتاج إلى ثلاثة أشهر من التدريب.

وردا على سؤالنا حول الزبائن الذين يقصدون المدرسة يجيب صاحب المشروع وهو يتنقل بين الأجنحة والأقسام المتعددة: «كثيرون هم زبائننا الأجانب، وكثيرة هي البلدان التي تعاقدنا معها على تدريب كلاب متخصصة بالكشف عن المتفجرات، مثل أفريقيا والكويت والعراق».

ويعزو شديد ذلك إلى طريقة التربية المميزة والرعاية الفريدة التي تتلقاها تلك الكلاب، فضلا عن نوعيتها المنتقاة بعناية وفئاتها المتنوعة، إذ إن كلها أصيلة وتحمل شهادة سلالية.