ليلة «أكل البرسيم» سخرية وسط قادة أميركا

«الفالفا».. النادي الحصري الأول

كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة
TT

ليلة آخر سبت في يناير (كانون الثاني) كل عام، هي الليلة الوحيدة لنادٍ هو الوحيد من نوعه في العالم. يجتمع مرة كل سنة، ولا يزيد عدد أعضائه عن مائتي شخص، منهم عضوا الشرف: رئيس الجمهورية والسيدة الأولى.

هذا نادي «الفالفا» (نوع من أنواع البرسيم). وللاسم سببان:

أولا: ليلة أكل وشرب بلا حدود. مثل أكل الخراف والماعز للبرسيم.

ثانيا: شهرة البرسيم بأنه يشرب الماء بلا حدود.

ومثل سخرية الاسم، تتغلب السخرية على هذه الليلة. بداية بخطاب يلقيه رئيس الجمهورية، يسخر فيه من الأعضاء (عمالقة المجتمع الأميركي: سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا، وثقافيا، وصحافيا)، ويسخر من نفسه، ومن زوجته (وهي تجلس إلى جواره).

ثم يرشح النادي «رئيس الجمهورية القادم»، اعتمادا على الاستطلاعات الصحافية. ومن الغرابة (لا السخرية) أن كثيرا من الذين رشحهم النادي صاروا فعلا رؤساء جمهورية، مثل: ريتشارد نيكسون، رونالد ريغان، بوش الأب. لكن، لم تتحقق ترشيحات أخرى، مثل: السناتور جون ماكين، جيمس ولفنسون، مدير البنك الدولي سابقا (نسي المرشحون أنه مولود في أستراليا، ولهذا، حسب الدستور الأميركي، لا يحق له أن يترشح).

تأسس النادي عام 1913. وفي أول ليلة سنوية أشاد بالجنرال روبرت لي، قائد القوات الانفصالية في الحرب الأهلية الأميركية (1861 - 1865). يوضح هذا ميولا يمينية، إن لم تكن عنصرية، للنادي. في الحقيقة، لم يوافق النادي على دخول السود إلا عام 1974، ولم يوافق على دخول النساء إلا عام 1994.

لهذا، في عام 2009، عندما حضر الرئيس أوباما أول حفل له، قال: «أعتقد أن الجنرال لي، إذا كان حيا، وحضر هذه الليلة، كان سيستغرب استغرابا شديدا».

قالت روكسان روبرتز، مسؤولة الشؤون الاجتماعية في صحيفة «واشنطن بوست»، عن النادي: «يوم السبت، انضم إلى النادي قاض في المحكمة العليا، وسناتوران، ورئيسا شركتي (ماكدونالد) و(لوكهيد مارتن) لصناعة الطائرات والصواريخ والأسلحة العسكرية. هذا نادٍ سري، وخاص. كيف ينضم إليه قاض في المحكمة العليا؟!». قالت ذلك في سخرية.

ومن أعضاء النادي، المليارديرات: وارن بافيت، ديفيد روبنشتاين، مايكل بلومبيرغ، بيل ماريوت، ستيف كيس. وهناك: رئيس المحكمة العليا جون روبترز، ومستشارة البيت الأبيض وصديقة أوباما فاليري غاريت، وبوش الأب، وبوش الابن، ووزيرا الدفاع السابقان ديك تشيني وكولن باول، ووزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت.

في السنة الماضية، تحدث أوباما، مرة أخرى، وتندر مرة أخرى، وقال: «يتهمني البعض بأني لست اجتماعيا، وأنني انطوائي، وأنني لا أشارك الناس الحفلات. لهذا، جئت الليلة إلى هذا الحفل لأنه يمثل المواطن الأميركي العادي».

وقالت أدريان ارشت، من أثرياء واشنطن، وعضو في النادي: «يشكل الأعضاء بعض أكثر الناس احتراما في أميركا. إنه ليس عن الأعمال التجارية. إنه عن العلاقات الاجتماعية، لكن لا بد للأعمال التجارية من علاقات اجتماعية».

وقال راؤول فيرنانديز، أيضا من أثرياء واشنطن، ويملك ناديي «كابيتال» (كرة الهوكي، كرة اللعب على الجليد)، و«ويزارد» (نادي السحرة لكرة السلة): «لم أرَ في حياتي عشاء مثل هذا. لكني سبراوت (برعم برسيم). هذا هو اسم الدلع للأعضاء الجدد. ومنهم، هذا العام: مارلين هيوسون، أول رئيسة لشركة (لوكهيد مارتن - لإنتاج الصواريخ والأسلحة العسكرية)».

وقالت السناتورة دايان فاينشتاين (ديمقراطية، ولاية كاليفورنيا): «هذا نادٍ لجمع الشمل، مجرد حفل، لقليل من الضحك والخطب السخيفة. إنها مناسبة لمقابلة أصدقاء قدامى، والتعرف على أصدقاء جدد. ليلة نكات، بعضها مناسب، وبعضها غير مناسب».

يقام العشاء في فندق «هيلتون»، وتوضع الكراسي في شكل غير رسمي، مثل كراسي النزهة والرحلات. وفي إجابة على سؤال من صحافية إذا كان النادي مجرد «تجمع لنسبة واحد في المائة» (الأغنياء)، قالت سيدة الأعمال كاثرين رينولدز: «لا أرى الأمر على هذا النحو. نحن مجموعة من الناس الناجحين في صناعتهم ومجتمعهم. نحن نريد الترفيه، وأيضا توثيق العلاقات. نحن ندعو إلى الصداقة الحميمة، وإلى الوطنية».

باسم الوطنية الأميركية، رفعت الأعلام الأميركية في المكان (لم تكن ترفع بهذه الكثرة قبل هجمات 11 سبتمبر «أيلول» عام 2001، وبداية «الحرب ضد الإرهاب»).