آلاف السياح يشاهدون تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني لمدة 20 دقيقة

محافظ أسوان: بعثنا برسالة قوية بأن المقاصد السياحية «آمنة»

مجموعات السياح خارج معبد أبو سمبل يشاهدون الاحتفالات التي أقيمت بساحة المعبد (أ.ف.ب)
TT

شهد أكثر من خمسة آلاف من الأجانب والمصريين الظاهرة الفلكية الفريدة بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل قرب مدينة أسوان بجنوب البلاد، صباح أمس، وهي الظاهرة التي لا تتكرر إلا مرتين في العام؛ إحداهما في شهر أكتوبر (تشرين الأول) والأخرى في شهر فبراير (شباط).

واكتظ المعبد الفريد في العالم بزواره من مختلف الجنسيات الذين تقدمهم 30 سفيرا من مختلف دول العالم حضروا خصيصا لمشاهدة تلك الظاهرة وشاركهم فيها محافظ أسوان، مصطفى يسري، ومدير أمن أسوان حسن السوهاجي، اللذان أشرفا على تنظيم الاحتفالية. وقال محافظ أسوان، مصطفى يسري، لـ«الشرق الأوسط»، بعثنا برسالة قوية بأن المقاصد السياحية المصرية «آمنة».

وبدأ تدفق زوار المعبد قبل الرابعة من فجر يوم أمس. وقال الدكتور أحمد صالح، المدير العام لآثار «أبو سمبل والنوبة»، إن ظاهرة تعامد الشمس بدأت في تمام الساعة 6.23 صباحا واستمرت لمدة 20 دقيقة، قطعت خلالها أشعة الشمس 60 مترا داخل المعبد، مرورا بصالة الأعمدة حتى حجرة قدس الأقداس لتسقط أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، مؤكدا أن أعداد السائحين الذين شاهدوا الاحتفال بتعامد الشمس أمس يعد مبشرا لعودة السياحة المصرية لمعدلاتها الطبيعية.

وشهد الطريق إلى معبد أبو سمبل، وعلى مسافة عشرة كيلومترات تقريبا، اصطفاف الحافلات وسيارات الأجرة والسيارات الخاصة، وهي تحمل زوار المعبد الذين عاشوا أجواء احتفالية من خلال عروض لفرق الفنون الشعبية من أسوان والنوبة وتوشكى في الساحة الأمامية للمعبد وهي التي تفاعل معها الجمهور من الأجانب بصورة كبيرة.

وشارك في رصد الظاهرة أمس أكثر من 40 من كاميرات التلفزيونات الدولية والمصرية وكاميرات التصوير لوكالات الأنباء العالمية. وشهدت الليلة قبل الماضية احتفالية تعامد الشمس واحتفالية أخرى في ساحة معبد أبو سمبل وهي ختام مهرجان أسوان للفنون الشعبية الذي استمر لثلاثة أيام في مختلف ميادين محافظة أسوان، وشارك فيها 14 من فرق الفنون الشعبية، منها ست فرق أجنبية وأفريقية وثماني فرق مصرية.

وأضاف أبو صالح أن مراحل تعامد أشعة الشمس على معبد أبو سمبل الكبير تبدأ بتعانق أشعة الشمس في البداية مع القرود التي تعلو واجهة المعبد الكبير، ثم تهبط لتركز على إله الشمس المشرقة «رع حور أختي» الذي نحت داخل مستطيل بهيئة آدمية ورأس صقر وعلى رأسه قرص الشمس، ويقف على الجانبين الملك رمسيس الثاني ويقدم قربان الماعت (التي ترمز للعدل).

ثم بعد ذلك تهبط أشعة الشمس إلى المدخل الرئيس للمعبد الكبير وتتسلل لمسافة 48 مترا، وتتخطى الصالة الأولى، والصالة الثانية، والصالة المستعرضة، وقدس الأقداس حتى تبقى في أحضان الجدار الغربي ما بين 20 دقيقة إلى 25 دقيقة، حيث ترسم الشمس إطارا مستطيلا على جسد الملك رمسيس الثاني والإله آمون رع في قدس الأقداس. وتتحرك ناحية اليمين تجاه الكتف اليمنى للإله رع حور أختي، حتى تختفي على هيئة خط رفيع مواز للساق اليمنى للإله الأخير، وبعد نحو 25 دقيقة تنسحب الشمس إلى الصالة الثانية، ثم الصالة الأولى، وتختفي بعد ذلك من داخل المعبد كله. وشهد الحفل الختامي الذي أخرجه الفنان المصري سامح الصريطي، آلاف المشاهدين، منهم السفراء الأجانب الذين حرصوا على الحضور وأعربوا عن إعجابهم الشديد بالمهرجان والعروض الفنية المقدمة فيه، بل وشاركوا الفرق في أداء الأغنية الختامية للمهرجان. كما شاهد الحضور قبل الحفل الختامي لمهرجان أسوان للفنون الشعبية عرض الصوت والضوء وتاريخ ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس، وهو العرض الذي أثار إعجاب الحضور بشدة.

وفي وقت أعرب فيه السفراء الأجانب والسياح خلال زيارتهم لـ«أبو سمبل» أمس عن إعجابهم الشديد بالآثار المصرية، أكد محافظ أسوان، أنه لأول مرة يشارك في الاحتفال بظاهرة تعامد الشمس 30 سفيرا يمثلون عددا من دول العالم في مصر بما يمثل ذلك رسالة للعالم بأن مصر آمنة.

ومن جانبها، أعربت نعمة توفيق، نائب رئيس قطاع السياح الداخلية بهيئة تنشيط السياحة، عن سعادتها الكبيرة بنجاح هذه الاحتفالية وخاصة مع الزخم الإعلامي والسياسي الذي تمثل في مشاركة هذا العدد من السفراء الأجانب في الاحتفالية. وأكدت أن الهيئة قامت بدعم المهرجان والاحتفالية في إطار أجندة المهرجانات التي تقوم الهيئة بدعمها، باعتبارها من أهم أدوات التنشيط التي تستعين بها لجذب السياحة والترويج لها في الخارج.

وأضافت أن إقامة مثل هذه المهرجانات يبعث برسالة طمأنة للعالم أجمع، حيث يشاهدها الملايين في مختلف دول العالم من خلال البث التلفزيوني المباشر. وأشارت إلى أن السفراء الأجانب المشاركين في الاحتفالية أعربوا عن سعادتهم وامتنانهم لما لمسوه من ترحاب وود من كل المواطنين في مدينة أبو سمبل، حيث تحركوا فيها بحرية كاملة، مما أعطى انطباعا إضافيا على الحالة الأمنية المستقرة التي تشهدها البلاد.

في السياق ذاته، قال محافظ أسوان مصطفي يسري، إن مشاركة شباب أبو سمبل الشرطة في تنظيم الاحتفال، أظهر أن هناك ظهيرا شعبيا للوقوف أمام أي محاولات لإفساد السياحة، وخاصة في ظل إجراءات التأمين غير المسبوقة من الجهات الأمنية كافة، مشيرا إلى أنه لأول مرة يشارك في الاحتفال عدد كبير من سفراء الدولة إلى جانب وسائل الإعلام الغربية، قائلا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «هذا يعطي دفعة قوية للسياحة الداخلية.. وسيساهم بشكل مباشر في بعث رسالة قوية للعالم أن مصر بلد الأمان».