شباب سعوديون يطلقون تجارب فنية تزاوج بين الفلسفة والفن

معرض «تأثيرات جانبية» في جدة.. أعمال «مفاهيمية» تسعى للعالمية

جانب من الحضور في معرض «تأثيرات جانبية»
TT

يمثل معرض «تأثيرات جانبية» الذي يحتضنه مركز «تسامي» في الصيرفي ميجا مول بمدينة جدة تجربة فريدة من نوعها في فن الأداء البصري السعودي، فهذه التجربة التي يشارك فيها 14 فنانا وفنانة تقدم مفهوما جديدا تزاوج من خلاله بين الفن والتعبير الفكري والفلسفي للأشياء.

ويحاول المعرض الذي اجتذب مشاركة وحضورا مميزا، أن يقدم معالجات مبتكرة لقضايا الحياة والوجود والقضايا الاجتماعية بأساليب مبتكرة وحداثية، ساعيا لتقديم عدد من الأعمال المفاهيمية التي تستقي تصميمها من الرؤية الفلسفية للفنانين المشاركين، في سعي دؤوب لإتاحة الفرصة للفنانين لتقديم تعبير فكري وفلسفي عن الواقع الملموس بطريقة مختلفة.

المعرض أقيم ضمن أسبوع الفن في جدة، ويختتم في الخامس من مارس (آذار) المقبل، ويسعى لتقديم نماذج للفن المفاهيمي المعاصر. ومن بين المشاركين فيه: أشجان السليماني، خالد عريج، سامي جريدي، سارة خوجة، سعيد قمحاوي، شروق الهاشمي، عبد العزيز مهدي، عزت البطراوي، فاطمة باعظيم، ماجد الثبيتي، منصور أشموني، منى سنبل، محمد حيدر، مرضي عبد العزيز.

يقول الفنان مساعد الحليس، مدير صالة تسامي للفنون، إن هذا المعرض يمكن فنانين قدموا أعمالا «لاقت اهتمام الزوار وخاصة ممن يستهويهم اقتناء الأعمال الفنية وكذلك من المهتمين»، وأضاف: «شارك في المعرض 14 فنانا وفنانة وكانت جميع الأعمال المشاركة قد جرى تنفيذها هذا العام وخصيصا للمعرض»، وأضاف: «وصلنا لشريحة كبيرة ومهمة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي وقد فاق عدد زوار المعرض كل التوقعات، كما جرى اقتناء أعمال لمتاحف وصالات عالمية».

أما منسقة المعرض الفنانة منال سنبل فقالت: «احتضن معرض (تأثيرات جانبية) في صالة تسامي نخبة من الفنانين قدموا لساحة الفن المفاهيمي المعاصر مجموعة قيمة من الأعمال المفاهيمية التي بهرت بأفكارها وتنفيذها الحضور من فنانين ومتذوقي الفن، وقد استغرق الإعداد لهذا المعرض المميز ستة أشهر لتقديم فنانين متميزين وأعمالا رائعة تعتمد في أفكارها على فلسفة الأثر الجانبي في الفن وتتماشى مع اسم المعرض (تأثيرات جانبية)».

في حين ذكر الفنان منصور أشموني «أن معرض تأثيرات جانبية علامة فارقة في فعاليات فن جدة حيث احتضن فنانين مميزين أخرجوا أعمالا قوية نالت إعجاب الجميع»، وأضاف: «كما تميز المعرض بحضور جماهيري ممتاز، وبالنسبة لي فقد مثل نقلة نوعية وقوية في سيرتي الفنية، وأمكنني المشاركة مع نخبة من الفنانين المميزين».

وبالنسبة للفنان مرضي عبد العزيز، فإن هذا المعرض يمثل، بالنسبة إليه، «أفكارا في قناني، بعضها شفاف والآخر معتم، وقد انتصبت في صالة تسامي، محدثة جدالا مع الإسمنت والخوازيق تتطاول علوًّا سفليًّا».

أما الناقد والفنان سامي جريدي فقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن فلسفة الأثر الجانبي في الفن لا يمكن حصرها في رؤية واحدة، لأن تعددية هذه الرؤى ترتبط في فحواها بثقافة الاصطدام، وهذا الاصطدام الفني هو اصطدام ذري للفوضى الجمالية، التي هي بمثابة انفجار فكري وثقافي في الأداء البصري للأعمال الجديدة المتعلقة بفنون ما بعد الحداثة، والمفاهيمية، وما بعد المفاهيمية».

وأضاف: «يصطدم الفن الجديد دائما بالمعالجات المعاكسة للأشياء، من خلال التعبير عن التشظي، العبث، العدمية، الحرية، التساؤلات الكبرى في الوجود، المشكلات النفسية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية والثقافية، وفي البحث عن الخلاص في ظل ظروف اللاجدوى».

وفي تحليله للأعمال المشاركة يقول جريدي: «جاءت أعمال بعض فناني هذا المعرض الجماعي تعبيرا فكريا عن الواقع الملموس بطريقة صادقة، وذلك من خلال صبغة فنية، لكل فنان رؤيته وزاويته التي يرى منها الأثر الجانبي في هذه الحياة. ولهذا ظهرت الأعمال في بعض ملامحها موضوعات عن سلبية التعليم وانحداره عبر مبدأ التحول المخيف، عن سلبية العمران والبناء والهيمنة الإسمنتية التي قتلت الروحانية والأوكسجين، عن الحجيج، عن الوهم الديني والأفكار الملوثة في أسلحة الدمار، عن منظار الناس من خلال خرم إبرة، عن الاحتراق، عن الكائنات البحرية وانقراضها، عن الحصار، عن العزل، عن عدم القراءة، عن غياب الفهم عبر لغة الزخرفة، عن سلبية اللعبة، عن النهايات، عن الموت».