حضانة أطفال مسلمين وعرب تصطدم بقرار من المحكمة الأميركية

امرأة نجحت في خطف ابنتها.. وصارت قضيتها فيلما مشهورا

توجد حالات كثيرة تظل معلقة في المحاكم الأميركية ومنها قضايا فيها أطراف عربية وإسلامية
TT

أعلنت المحكمة العليا في واشنطن (التي تفسر الدستور) أخيرا أنه لا يمكن تغيير الموعد النهائي الذي حدده اتفاق دولي بشأن اختطاف الأطفال. ويعد القرار متشددا من المحكمة التي يتوقع أن تنظر في حالات حضانة أطفال أميركيين مسلمين وعرب، يتعلل بعضها بقوانين الشريعة الإسلامية.

بالإجماع، قالت المحكمة إنه ليست لديها سلطة تغيير شروط معاهدة دولية بشأن اختطاف الأطفال، خاصة في حالة الأب الذي غاب عن الموعد النهائي للمطالبة بعودة ولده الذي أخذته الأم إلى بلد آخر.

خلال أربع سنوات، هذه هي المرة الثالثة التي نظرت فيها المحكمة في كيفية تفسير مواد ما يعرف رسميا باسم «اتفاقية لاهاي عن الاختطاف الدولي للأطفال». ويعود السبب في ذلك إلى أن المحاكم الأميركية، في مستويات المقاطعات، والولايات، والاتحادية، تواجه صعوبة في التوفيق بين بعض أحكام القانون الدولي وقوانين العائلات المحلية.

في الوقت الحاضر، تتنقل في المحاكم الأميركية قضايا أطفال أميركيين مسلمين وعرب، ويتوقع أن تصل في النهاية إلى المحكمة العليا في واشنطن. ويجادل مسلمون بأن هناك اختلافات بين قانون عام 1983 عن «توحيد قضايا حضانة الأطفال»، وقوانين الشريعة الإسلامية.

زادت هذه المشكلة خلال العشرين سنة الأخيرة، خاصة بسبب زيادة المهاجرين المسلمين والعرب إلى أميركا، وزيادة زواج أميركيات (وأميركيين)، وخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 وإعلان «الحرب ضد الإرهاب»، وزيادة مشاكل المسلمين والعرب في أميركا.

وتتعقد المشكلة لأن كل الدول الإسلامية والعربية تقريبا (عدا تركيا والمغرب) لم توقع على اتفاقية جنيف ضد خطف الأطفال، حسب موقع الاتفاقية في الإنترنت. ولم توقع دول أفريقية وآسيوية كثيرة، منها الصين والهند.

وحسب آخر تقرير للخارجية الأميركية عن الموضوع، توجد حالات تشمل مواطنين من: الجزائر، مصر، العراق، الأردن، لبنان، المغرب، السعودية، سوريا، تونس، الإمارات، الضفة الغربية، اليمن.

ورغم أن حالات كثيرة تظل معلقة في المحاكم الأميركية، ومنها قضايا فيها أطراف عربية وإسلامية، فإن القضية التي وصلت إلى المحكمة العليا هي النزاع بين والدين من كولومبيا، في أميركا الجنوبية: مانويل لوزانو وزوجته السابقة ديانا الفاريز. كانا تقابلا في لندن، وتحابا، وتزوجا، وفي عام 2005، أنجبا طفلة، وعندما تطلقا، تنازعا حول كفالتها.

قال الزوج إن الزواج كان وديا. لكن، قالت الزوجة إنه كان قاسيا عليها، ثم على البنت، جسديا، وعاطفيا. وفي صباح يوم في عام 2008، أخذت البنت إلى الروضة، ولم يعودا. وكانت قد حصلت على شهادات ميلاد وجنسية وإقامة للبنت في لندن، عاشا في ملجأ للنساء لشهور. ثم انتقلا إلى فرنسا. ثم، أخيرا، إلى نيويورك حيث عاشا مع أقرباء. من بريطانيا، رفع الزوج دعوى لإعادة البنت له.

وحسب اتفاقية لاهاي، إذا رفع طرف قضية خلال سنة من الاختطاف، يجب أن يعاد الطفل إلى الوطن الذي ولد فيه. بعد ذلك، يمكن للقاضي أن ينظر في ما إذا أصبح الطفل «مستقرا» في الوطن الجديد، أو لا بد أن يعاد إلى الوطن الأول.

أمام المحكمة العليا في واشنطن، قال محامي الزوج إنه رفع القضية بعد مضى سنة. لكن، كان ذلك بسبب عدم معرفة مكان البنت.

لهذا، طلب المحامي من المحكمة أن تعلن أن فترة السنة تبدأ بعد أن يعرف الأم أو الأب مكان الطفل.

باسم المحكمة العليا إجماعا، كتب القاضي كلارنس توماس (محافظ وأسود) أن معاهدة لاهاي لا تسمح بتغيير الموعد النهائي، رغم أن محاكم أميركية كثيرة تفعل ذلك.

وحسب قوانين مكتب خطف الأطفال التابع لمساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون القنصلية، تعد الحكومة الأميركية كل طفل يولد في الولايات المتحدة مواطنا أميركيا، وتركز على هذه النقطة عند الاتصال بالدول التي يهرب إليها والده أو والدته. وفي الحالات الأخرى، توفر الوزارة مساعدات، لكنها تفضل أن تبدأ الشكاوى القانونية من الشرطة المحلية والمحاكم المحلية.

وفي آخر تقرير سنوي للخارجية الأميركية عن الموضوع، حدثت أغلبية حالات خطف الأطفال مع دول في أميركا الجنوبية، وذلك بسبب كثرة المهاجرين من هناك، وخاصة المهاجرين غير القانونيين، وخاصة من المكسيك، وخاصة في حالات زواج أميركيات (بهدف الحصول على الإقامة والجنسية). ثم قضايا تشمل أوروبيين (في حالات طلاق أميركيات أو أميركيين). وإسرائيل (بسبب ازدواج جنسيات كثير من اليهود، وزواج يهود بغير يهود).

وبالنسبة للدول العربية والإسلامية، يلعب الدين دورا كبيرا. وفي قائمة الذين يبحث عنهم مكتب التحقيق الاتحادي (إف بي آي) لخطفهم أطفالا أميركيين، عربا ومسلمين. منهم السوداني أحمد الصافي، الذي خدع زوجته الأميركية، وخطف ولدهما أحمد وبنتهما سارة إلى خارج الولايات المتحدة. ومنهم العماني هلال جعفر، الذي سافر في إجازة إلى عمان مع زوجته الأميركية وابنهما أحمد. لكن، عندما انتهت الإجازة، رفض العودة إلى الولايات المتحدة، واحتفظ بالابن. وعندما فشلت الزوجة في الحصول على الابن، عادت إلى بلدها توليدو (ولاية أوهايو)، ورفعت قضية.

وربما أشهر خطف هو الذي صوره فيلم «نوت ويثاوت ماي دوتر» (ليس من دون بنتي). صور زواج الطبيب الإيراني سيد محمودي والأميركية بيتي محمودي. أولا، خطط الطبيب لخطف بنتهما «مخطوبة» إلى إيران، لكنه لم ينجح، وآثار شكوك زوجته. ثم ألح عليها للسفر إلى إيران «لترى بنتنا عائلتي». هناك، رفض العودة إلى الولايات المتحدة، وحجز الزوجة والبنت، وساعده القضاء الإيراني. هربت الزوجة، ثم خططت لخطف بنتها. ونجحت، وصارت القضية فيلما مشهورا.