باحثون أميركيون وصينيون: العثور على أجسام مضادة لـ «كورونا» الشرق الأوسط

بحث سعودي يشير إلى انتشار الفيروس بين الجمال

TT

في ثلاثة أبحاث علمية رائدة حول فيروس «كورونا الشرق الأوسط»، نجح باحثون أميركيون وصينيون في التعرف على «أجسام طبيعية مضادة» لفيروس «كورونا الشرق الأوسط» الذي انتشر في السعودية وأقطار أخرى، وذلك ضمن بحثين منفصلين، فيما أعلن باحثون سعوديون وأميركيون في بحث ثالث أن الجمال مسؤولة عن نقل هذا الفيروس، عبر لحومها وحليبها.

وأشار البروفسور وين ماراسكو الذي أشرف على البحث الأول في معهد دانا - فاربر للسرطان في بوسطن، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن الفريق العلمي وجد في أبحاثه المختبرية أن هذه الأجسام المضادة «التي تتمتع بصفة تحييد» الفيروسات، تمكنت من درء محاولات التصاق جزء حيوي من الفيروس بالمستقبلات البروتينية للخلايا. ويتيح هذا الالتصاق للفيروس عادة نقل عدواه نحو خلايا الجسم البشري. وتعرف تلك المستقبلات بالرمز DPP4.

وقال البروفسور ماراسكو إنه نجح في التعرف، ومن بين مليارات الأجسام المضادة التي يمتلكها المعهد، على 7 من الأجسام المضادة قامت بمنع فيروس «ميرس» من تنفيذ مهمته بنقل عدواه نحو خلايا الجسم.

وتمكن ماراسكو من العثور على تلك الأجسام المضادة لفيروس «ميرس» بعد إجرائه لمسح شامل لـ«مكتبة» تحتوي على 27 مليار جسم مضاد بشري محفوظة في مجمدات (فريزر) مركز «دانا - فاربر التي تعد واحدة من كبريات المكتبات في العالم. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه نجح على مدى سنوات طويلة في استخلاص هذه الأجسام المضادة من أجسام أشخاص سليمين، وقد نجح مركزه في حينه في التعرف على أجسام مضادة لفيروس «سارس».

ولدى سؤاله عن احتمالات صنع لقاحات مضادة لفيروس «ميرس» قال ماراسكو إن ذلك أمر ممكن لأننا نوظف حاليا عشرات العقاقير من الأجسام المضادة لعلاج بعض الأمراض. وأشار ماراسكو إلى أن تجارب أخرى تجرى حاليا ستقود إلى تطوير لقاحات وعلاجات بالأجسام المضادة. وقال إن «هذه المجموعة من الأجسام المضادة توفر إمكانات علاجات مناعية توجه خصيصا لحماية أفراد الطاقم الطبي».

ونشر فريق البروفسور ماراسكو، الذي يشغل منصب المدير العلمي لمركز العلاج بالأجسام المضادة البشرية في مركز دانا - فاربر، بحثه في مجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم PNAS».

ويشابه «الفيروس التاجي لمتلازمة الشرق الأوسط MERS CoV» (ميرس) الذي بدا انتشاره في السعودية عام 2012 فيروس الالتهاب التنفسي الحاد «سارس» الذي انتشر في الصين عام 2003. ولا يوجد حاليا أي علاج ناجع أو لقاح ضد المرض الذي يصيب الجهاز التنفسي، ومن بين أعراضه السعال والحمى وضيق التنفس ويمكن أن يؤدي إلى الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي. ولذا فإن اكتشاف أجسام مضادة له سيعجل في تطوير لقاح مضاد له. وتساعد الأجسام المضادة التي يولدها جهاز المناعة والتي تتكون من بروتينات، في التعرف على البكتريا والفيروسات الدخيلة ومنع نشاطها.

وفي البحث الثاني المنشور في مجلة «ساينس ترانزليشنال ميديسن جورنال» وجد فريق برئاسة باحثين صينيين نوعين من الأجسام المضادة أطلق عليهما «ميرس - 4» و«ميرس - 27» كانا يتمتعان في ظروف التجارب المختبرية بقدرات لمنع انتقال عدوى فيروس «ميرس» نحو الخلايا. وأشار العلماء إلى أنه «رغم أنه من السابق لأوانه القول، فإن النتائج تلمّح إلى أن هذه الأجسام المضادة، خصوصا إن تم توظيفها سوية، قد تكون واعدة في عمليات منع الإصابة بفيروس «ميرس».

على صعيد آخر، أعلن باحثون من جامعتي الملك سعود وكولومبيا الأميركية في دراسة نشرت أمس في مجلة «إم بايو» mBio، أن مسحا واسعا للجمال أظهر أن الكثير منها، إن لم يكن أغلبها، مصابة بسلالة من الفيروس مشابهة في تركيبتها الجينية لسلالة الفيروس التي تصيب الإنسان. وشارك في الدراسة باحثون من مؤسسة «إيكوهيلث ألاينس». وقام الباحثون بفحص الفيروس الذي استخلص من مسحات أخذت أنوف الجمال التي لم تكن مهتمة بإصاباتها! وقال الأستاذ عبد العزيز العقيلي من جامعة الملك سعود: «إننا نقوم وبوجود هذه البيانات باستقصاء الطرق المحتملة لعدوى البشر بعد تعرضهم للتعامل مع منتجات الجمال مثل ألبانها ولحومها».

وأشار توماس بريز المدير المشارك لمركز الأمراض المعدية والمناعة في جامعة كولومبيا إلى أنه بينما يصاب الإنسان بعدد قليل من أنواع فيروس «ميرس» الجينية، فإن الجمال تكون مصابة بأنواع كثيرة مختلفة من فيروس «ميرس». وأضاف أن «النطاق الضيق من فيروسات (ميرس) في الإنسان والنطاق الواسع له في الجمال قد يفسر قلة انتشار الفيروس لدى الإنسان، لأن عددا محدودا جدا من أنواع الفيروس يمكنها العبور من الحيوان إلى الإنسان».

وعندما سألت «الشرق الأوسط» البروفسور ماراسكو عن نتائج دراسة الباحثين الصينيين حول نفس الموضوع ودراسة الباحثين السعوديين، قال إنه تلقى اتصالا من الصينيين أمس لترتيب اجتماع حول مستقبل الأبحاث، كما أشار إلى أن إصابات الجمال في السعودية يمكن أن تكون منتشرة من دون أن تؤثر عليها، إلا أن بعضا من تلك الفيروسات قد يتحور ليصبح قادرا على الانتقال من الحيوان إلى الإنسان.