ملتقى تونس للألعاب التراثية يستعيد «طفولة الأجداد»

منافسة طريفة بين الموروث منها والحديث

أطفال تونسيون يمارسون إحدى الألعاب التراثية
TT

ضج شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية نهاية الأسبوع الماضي بالباحثين عن معرفة المزيد عن ألعاب الأجداد. وتنادى الكثير من التونسيين لحضور «ملتقى تونس للألعاب التراثية»، الذي نظمته إدارة الثقافة بالعاصمة تونس يومي 2و3 مايو (أيار) الحالي في نطاق احتفالات تونس بشهر التراث الذي يوافق 18 أبريل (نيسان) إلى 18 مايو الحالي.

وتوزعت فقرات هذه التظاهرة المميزة بين المركز الثقافي قصر العبدلية وشارع النخيل بالمرسى الواقعة في الضاحية الشمالية للعاصمة وكذلك شارع الحبيب بورقيبة الذي ضم عروضا تنشيطية كثيرة مارس خلالها الشباب الألعاب التراثية القديمة المهددة بالاندثار في ظل تنامي الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو والكومبيوتر وسيطرتها على عقول الناشئة.

وفتح الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية أرصفته لمجموعة من المعارض المتعلقة بإنتاج الورشات الحرفية، إضافة إلى ورشات تنشيطية للألعاب التراثية، ومعرض للأكلة التقليدية إلى جانب إلى عرض موسيقي لأغاني تراثية أدتها زكية الجريدي في وصلات أسمتها «نسمات كافية» (نسبة إلى مدينة الكاف شمال غربي تونس).

وفي قصر العبدلية أشرف كل من جمال عبد الناصر ونائلة الجندوبي على مجموعة من الورشات الحرفية الموجهة لتصنيع بعض الألعاب وإحياء الكثير منها. كما ترأس الدكتور عبد الرحمان أيوب، وهو أستاذ جامعي تونسي مهتم بالتراث، مائدة مستديرة بعنوان «المبدعون والحرفيون يساهمون في إحياء وتطوير الألعاب التراثية».

وفي هذا الشأن، نصح عبد الرحمان أيوب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الشباب التونسي بالعودة إلى الألعاب التراثية، وقال إنها أفضل بكثير من الألعاب الإلكترونية ومن لعبة الورق.

وأشار في حديثه إلى اعتماد الألعاب التراثية على أدوات بسيطة وخلقها لأجواء حميمة بين المتبارين واللجوء إلى استعمال الحيلة والذكاء وإبرازها لعنصر الانتماء إلى الجماعة وعدم الانكفاء على النفس على حد قوله. وقال أيضا إن الألعاب التراثية تعتمد في بعض الحالات على «نوى التمر أو المشمش» وهذا الأمر متوفر ولا يكلف المجموعة أموالا ولا تكاليف إضافية مقارنة بالألعاب الحديثة.

وفي منافسة طريفة بين الألعاب التراثية والألعاب الإلكترونية الحديثة، روجت شركة تونسية مختصة في أجهزة الكومبيوتر خلال الآونة الأخيرة، لعبة «الخربقة في نقرتين» على أسطوانات مدمجة وهو ما سيساعد لاحقا على إعادة الروح إلى هذه اللعبة التقليدية الضاربة في القدم.

كما تعتزم نفس شركة الكومبيوتر تنظيم بطولة للعبة الخربقة لكن هذه المرة عبر شبكة الإنترنت وتتوقع أن تجلب لها الكثير من هواة هذه اللعبة. وتحتل مجموعة من الألعاب التراثية مساحة هامة من الذاكرة الشعبية التونسية، ومن بين تلك الألعاب نذكر لعبة «الغميضة» و«سبع حجرات».

والخربقة لعبة شعبية مشهورة في دول المغرب العربي وتعرف في الجزائر بهذا الاسم أيضا لكن في ليبيا يطلقون عليها اسم «السيزا» أو «أم السبعة».

وعلى الرغم من اندثار كثير من الألعاب المعتمدة على أدوات بسيطة سواء عبر تسطيرها على الأرضية التراثية أو باعتماد الحجارة أو نوى التمر أو أغطية قوارير المشروبات الغازية، فإن المرونة المميزة للعبة الخربقة سواء من ناحية مكان اللعب أو الأدوات المستعملة هي التي مكنت هذه اللعبة من مقاومة زحف الألعاب الحديثة المعتمدة على التقنية وبالتالي البقاء لعقود طويلة من الزمن في معظم أنحاء تونس.