افتتاح متحف هجمات 11 سبتمبر في نيويورك يبعث مشاعر الألم مجددا

الرئيس الأميركي أوباما يصفه بأنه موقع «الشفاء والأمل»

جانب من ساحة متحف 11 سبتمبر في نيويورك (أ.ب)
TT

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس متحف 11 سبتمبر (أيلول) بأنه موقع لـ«الشفاء والأمل»، أثناء حفل تدشين هذه المؤسسة التي أقيمت في المكان الذي استهدفته اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك، بعد ثلاث سنوات من التأخير والجدل والمشكلات المالية، في مراسم تذكر بضحايا الاعتداءات التي غيرت وجه الولايات المتحدة.

وقال أوباما في كلمة مقتضبة: «أود أن أعبر عن عميق امتناني لكم جميعا أنتم الذين عملتم في هذا المشروع العظيم لأنكم أوصلتمونا إلى هذا اليوم، لأنكم قدمتم هذا المكان المقدس للشفاء والأمل».

وأضاف أوباما، الذي حضر الاحتفال مع زوجته ميشيل «إنه لشرف لنا أن نرافقكم في ذكرياتكم وأن نتذكر ونكرم (الضحايا)، لكن قبل أي شيء، أن نستذكر الروح الحقيقية لذكرى 11 سبتمبر، وهي الحب والتعاطف والتضحية، وأن ندخلها إلى الأبد في قلب البلد».

وكان 19 من أعضاء تنظيم القاعدة قد استهدفوا في 11 سبتمبر 2001 الولايات المتحدة فصدموا بطائرتي ركاب خطفوهما برجي مركز التجارة العالمي فيما أسقطوا طائرة ثالثة على مجمع البنتاغون في واشنطن، وتحطمت طائرة رابعة في حقل في بنسلفانيا (شرق) بعدما هاجم ركابها الخاطفين.

عشية افتتاح المتحف، لم يخف تشارلز وولف حزنه، لأن الموقع الذي يذكره بزوجته كاثرين التي قتلت في الهجمات. وقال وولف: «أنا متشوق ومتوجس من افتتاح المتحف. فهو يعيد لي ذكريات كل شيء». وسيفتح المتحف أبوابه أمام الزوار في 21 مايو (أيار) .

ويقع المتحف المؤلف من سبعة طوابق تحت الأرض تبلغ مساحتها 10210 أمتار مربعة، بين حوضي النصب التذكاري الذي افتتح في 11 سبتمبر 2011 في موقع الهجمات في جنوب مانهاتن، الذي زاره منذ ذلك الحين أكثر من 12 مليون شخص.

ولا يمكن رؤية سوى طابق واحد من المتحف من الخارج ويبدو متواضعا، مقارنة مع ناطحات السحاب التي تحيط به.

ويمكن للزوار أن يسيروا في المكان الذي كان يوما من الأيام موقعا للبرجين، والقيام برحلة عاطفية تعيد إلى الذاكرة المأساة التي لن تنساها مدينة نيويورك مطلقا، وغيرت الحياة في الولايات المتحدة بعد أن تسببت في إطلاق الحرب على الإرهاب.

ومن أعلى الطوابق السبعة المقامة تحت الأرض، يمكن للزوار النظر إلى الداخل ومشاهدة قطع ضخمة من جدار بني لحماية المبنى من فيضانات نهر هدسون.

وفي بداية المعروضات خارطة تفصل مسار الطائرات المخطوفة التي نفذت المهمة الانتحارية في ذلك اليوم المشؤوم قبل نحو 13 عاما. وتظهر صورة للبرجين سماء زرقاء صافية قبل الهجمات، بينما تسمع أصوات من غرفة قاتمة تعبر عن الصدمة والرعب. وبعد ذلك تقود الطريق الزوار تدريجيا إلى الداخل.

ويظهر عمود حديدي ضخم هو آخر ما جرى انتشاله من موقع الهجمات في مايو 2002، إضافة إلى أدراج من شارع مجاور استخدمه المئات من الناس للفرار من موقع المأساة. ويستغرق الوصول إلى قاع المتحف وقتا طويلا، ويضم معروضات وقاعة ضخمة تظهر آثار أسس أحد البرجين.

يقول كارل كيربس، أحد مهندسي المشروع: «يأتي الزوار حاملين ذكرياتهم، وأردنا أن يكون الأمر تدريجيا». ويسعى المتحف لأن يروي قصة صعبة للغاية، وفي الوقت نفسه تكريم نحو ثلاثة آلاف شخص قتلوا في الهجمات. كما أنه يسعى إلى توعية أجيال المستقبل بما حدث.

وتجدر الإشارة إلى أن المعرض الأول «في ذكراهم»، مخصص لتكريم 2977 شخصا فقدوا حياتهم في هجمات 11 سبتمبر، إضافة إلى ستة ضحايا تفجيرات سابقة لمركز التجارة العالمي عام 1993. أما المعرض الثاني «التاريخ» فإنه يغوص في أعماق الهجمات ويحلل خلفيتها ويتفحص تبعاتها التي تزال ماثلة حتى اليوم.

ويضم معرض «التاريخ»، الذي يدرج الأحداث بحسب ترتيبها الزمني، الكثير من الصور للبرجين وهما مشتعلان، وسكان نيويورك وقد أصابتهم الصدمة، ولقطات فيديو من التغطية التلفزيونية الإخبارية، إضافة إلى عناوين الصحف.

ويصرخ رجل إطفاء في شريط فيديو: «أرسل كل شيء لديك»، بينما يعرض شريط آخر إطفائي شاب يستعد لصعود أحد البرجين. ويستطيع الزوار، الذين يحظر عليهم التقاط الصور، سماع تسجيلات لآخر رسائل هاتفية من ضحايا البرجين الذين علقوا في المبنيين إلى عائلاتهم.

كما سيتمكن الزوار من الاستماع إلى تسجيلات صوتية تجعلهم يعيشون اللحظات الأخيرة لركاب الطائرة التي تحطمت في حقل في بنسلفانيا قبل تحطمها. ووردت 37 مكالمة من الطائرة قبل تحطمها. ويسمع صوت مضيفة الطيران سيسي روس - ليلز تقول في مكالمة لزوجها: «حبيبي، استمع جيدا. لقد تم خطف الطائرة. أخبر أطفالي أنني أحبهم كثيرا».

أما عربة الإطفاء ذات السلم الملتوي فإنها تذكر بتضحيات 343 إطفائي قتلوا في الحريق والحطام الذي رافق انهيار البرجين.

وتنتهي الزيارة في غرفة يروي فيها مذيع شبكة «إن بي سي» بريان ويليامز قصة «ظهور تنظيم القاعدة» في شريط مدته سبع دقائق. وقد أثار هذا الشريط انتقادات وسط مخاوف من أن يدفع زوار المتحف إلى الربط بين القاعدة والإسلام بشكل عام.

إلا أن رئيس المتحف رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ رفض تلك الانتقادات، وأشاد بالمتحف، مؤكدا أنه «سيبقي على روح الوحدة حية، أكثر من أي كتاب تاريخ».

وبرر بلومبرغ رسم الدخول إلى المتحف البالغ 24 دولارا، مؤكدا أن المتحف لا يستفيد من الأموال الفيدرالية. وقدر تكلفة تشغيله بنحو 60 مليون دولار سنويا.

وثار جدل أيضا حول نقل 7930 رفات لضحايا لم يتم التعرف إليهم بعد أن تعذر ربط 40 في المائة من الضحايا بأي من عينات الحمض الريبي النووي التي قدمتها العائلات، إلى مرقد عند أسفل المتحف. فقد رأت أقلية من العائلات في ذلك «إهانة» بل أحيانا «تدنيسا»، معتبرة أن هذه الرفات مكانها ليس في متحف.

وشددت متحدثة باسم الطبيب الشرعي على أن المرقد الذي أقيم خلف جدار حفر عليه قول للشاعر الروماني فيرجيل حول واجب الذاكرة «ليس جزءا من المتحف ولن يفتح للجمهور».

وسيحضر مراسم افتتاح المتحف حاكم نيويورك أندرو كوومو وحاكم نيوجيرسي كريس كريستي ورئيس بلدية نيويورك السابق عند وقوع الاعتداءات رودي جولياني.