سلمى حايك تعرض مشاهد من فيلم «النبي» لجمهور كان

قالت إنها تعرفت على جبران خليل جبران من خلال جدّها

سلمى حايك (أ.ف.ب)
TT

إذا ما ارتفعت مبيعات كتاب «النبي» لجبران خليل جبران في الأشهر السابقة مباشرة لنهاية العام، فإن هذا الارتفاع سيكون، على الأغلب، نتيجة العروض الجماهيرية الواسعة المنتظرة لفيلم سلمى حايك الجديد المأخوذ عن ذلك الكتاب.

الطريقة التي تنتج بها سلمى حايك هذا النص تحفظ له قدره من القيمة الأدبية والروحانية بحيث سيعود إليه كثيرون وسيقبل عليه جيل جديد بلا ريب، خصوصا أن الفيلم موجّه للصغار كما للكبار.

في ليلة يوم أول من أمس كشفت الممثلة - المنتجة في حفل خاص عن مشاهد من الفيلم المأخوذ عن ذلك العمل الذي وضعه جبران سنة 1923 وباع من حينها ما يزيد على مائة مليون نسخة وعلى نحو مطرد إلى اليوم. المشاهد ليست متعاقبة والعمل لم ينجز بعد كليا، لكن سعادتها به طاغية. تقول لنا في حديث خاطف بعد العرض وقبل التوجّه إلى الحفلة الليلية التي أقيمت على شرف المناسبة: «هذا هو أول عرض أقيمه للفيلم وفعلت ذلك هنا في (كان) لأنني أريد البدء بتقديمه إعلاميا على الأقل تمهيدا لعرضه المقبل على نحو كامل».

وردّا على سؤال حول ما يعنيه كتاب «النبي» لها، أجابت: «يعني كل شيء. منذ ثلاث سنوات عندما بدأت العمل على هذا الفيلم وأنا لا أنام جيّدا. ساعاتي كلها مرهونة على هذا المشروع. مرتبطة بخطواته الحثيثة. أراقبه ينمو ويتألف لقطة بلقطة وسعيدة الآن أننا بتنا - أنا وفريق العمل - قادرين على عرض بعض ما أنجزناه منه هنا».

* هل قرأت جبران وأنت صغيرة؟

- تعرفت على جبران من خلال جدي الذي توفي وأنا في السادسة من عمري. ذات مرّة أذكر جيّدا أنني دخلت إلى غرفته ووجدت الكتاب على طاولته بالقرب من سريره. سألته عنه فأمسك بالكتاب وفتح صفحاته وأخذ يقرأ. عدت للكتاب في فترات مختلفة من حياتي وفي كل مرّة كنت أتمنى لو أن أحدا ينتج فيلما عنه.. في النهاية سألت نفسي لم لا أقوم أنا بذلك.

* ذكرت جدّك خلال حديثك في الحفل..

- هو حبي الأول. تعلّمت منه الكثير وهو غاب وأنا صغيرة لكني ما زلت أحبه.

«النبي» فيلم رسوم متحركة يؤدي صوت بطله مصطفى (صوت الحكمة الذي يوزع أبياته وفلسفته من خلال 28 فصلا)، الممثل البريطاني ليام نيسون ويشترك في تحقيقه تسعة مخرجين من الإمارات (محمد سعيد حريب) والولايات المتحدة (نينا بالي، وجوان سفار، وبيل بلمتون، جوان غراتز) وفرنسا (جايتون وبول بريتزي وميشيل سوشا) وآيرلندا (توم مور)، كل يحمل طابعه وأسلوبه كما تقنيته في عمل الأنيمشن (سيليوَت، دمى متحركة، دجيتال الخ…) والحريّة الممنوحة له بدمج حكاية مع مقاطع من نصوص النبي. بذلك يسير الفيلم على سكتي حديد: هو عرض مصوّر لنصوص وأشعار «النبي» لجبران وحكاية تمهّد لما سيلي بين كل مقطع ومقطع.

تقول: «لولا هؤلاء الفنانون الذين اجتمعوا على تذليل صعوبة تقديم فيلم مبني على تلك الأشعار من دون أن يكون وعظيا وجامدا لما كان عندي ما أعرضه هذا اليوم».

* جزء من الصعوبة يكمن في النص أساسا. حدثينا عن منهج العمل بينك وبين كل من هؤلاء المخرجين؟

- التقيت بكل مخرج على حدة. بعضهم لم يكن قرأ جبران ولا يعرفه عمليا بل سمع به، وبعضهم درسه في الجامعة التي تخرّج منها لكن الجميع أقبل على قراءة النصوص المتاحة.

كتاب «النبي» مؤلف من 28 فصلا قصيرا كل منها يحمل عنوانا مختلفا («حب»، «زواج»، «العطاء»، «الجريمة والعقاب»، «شغف»، «بيوت») وكان لا بد للمنتجة أن تختار من بينها ما تراه مناسبا يؤمّن الفكرة الأساسية: «أسندت كل فصل من فصول الفيلم التسعة إلى مخرج منفرد وتركت له حريّة العمل. حين تشاهده كاملا أعتقد أنك ستعجب بكيفية اندماج كل أسلوب ضمن وحدة الفيلم ككل».

* أليس مبدأ منح المخرج حرية مطلقة يعني خروج الفيلم بمعالجات وأفكار متناقضة لا يمكن لها أن تعمل معا؟

- لم تكن حرية مطلقة. كانت هناك خطط محددة، لكن ما قصدت قوله هو أن كلا منهم استخدم حريّته الأسلوبية والإبداعية ضمن منهج واحد متفق عليه. بقي الهاجس موجودا من أن يبدو الفيلم متنوعا أكثر مما يجب لذلك أبقيت عيني مفتوحتين على النتائج ولم يبدأ أي مخرج العمل إلا من بعض اجتماعات طويلة حول الكيفية التي سيجري بها تحقيق الفيلم وكيف سيلتقي مع الفصول الأخرى للمخرجين الآخرين.

على الشاشة ومن خلال ما يمكن الحكم عليه من هذه المقاطع المختلفة المعروضة يحتفظ كل صاحب فصل بأسلوبه المختلفة، لكنها جميعا تجتمع في غزارة الأفكار. الطريقة الوحيدة لتقديم فيلم روحاني بنصّه الأدبي، غالبا، هي الطريقة التي تجتمع فيها تلك المقاطع الخاصّة عليه: شاشة ثرية بالحركة والأفكار التي تقترب من السريالية والحفاظ على الرسالات الإنسانية التي بثّها جبران خليل جبران عبر نصه، ثم الاعتماد على قراءة الممثل (ليام نيسون في هذه الحالة) على مصاحبة المقاطع بصوته الرخيم وهو يقرأ النصوص الشعرية. حين ينتقل الفيلم للربط بين هذه المقاطع، التي تتخذ سمة موسيقية كونها مؤداة مع موسيقى (من كتابة اللبناني الأصل أيضا غبريال يارد) بعضها ببعض، فإن الحكاية المؤلفة لا تقل رونقا.

العرض المقبل والكامل، تقول لي زوجة المخرج توم مور، سيكون في مهرجان «تورونتو» إلى جانب فيلمه الأميركي الجديد «أغاني البحر»، إنتاج بلجيكي مع أصوات ممثلين آيرلنديين منهم فيونولا فلاناغن وبرندان غليسون.

قدم مدير عام المهرجان تييري فريمو العرض بكلمة ذكر فيها «الممثلة المكسيكية» سلمى حايك. عندما تسلمت عنه المايكروفون صححته: «لقد غفل عن ذكر نصفي الآخر.. أنا مكسيكية - لبنانية وأنا فخورة بذلك».

بين كل مقطع رأيناه على الشاشة وآخر كانت تعاود الإطلالة لتقدم المطلع المقبل وصانعه. بعد ساعة ونصف تعتقد أنك كوّنت فكرة كاملة عن الفيلم إلى حين مشاهدته لاحقا. لكن النجم الساطع وراء كل ذلك كان لبنانيا محضا.

ليس فقط أن جبران خليل جبران ألقى الضوء، من قبره، على هذا البلد الذي يتناساه وباقي العمالقة الذين نموا فوق تربته، بل ها هي سلمى حايك تذكر لبنان أكثر من مرّة وفي كل مرّة بذلك الود الكبير. وفي كل مرّة تتلقى من جمهور متعدد الجنسيات الكثير من التصفيق.

من بين من تلا شعره في هذا العرض - الأمسية الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو تبعته بعد قليل الممثلة جولي دلبي.

الفيلم من إنتاج متعدد الألوية أيضا. تم تمويل الجزء الأكبر من قطر وفنانين أميركيين وفرنسيين وهناك نسبة تمويل جاءت من لبنان احتفاء ولو متأخرا بما كان لبنان أولى بتقديمه لولا تلك الاعتبارات والشروط وقلة المعرفة بالكيفية الصحيحة أساسا. كثيرة هي المحاولات التي أرادت أن تقص حكايته وتستفيد من الثروة المخزونة من ممتلكاته وأعماله، إلا أن الحقوق التي بولغ في حمايتها دفعت معظم تلك المحاولات إلى الفشل.

* أخبار وهوامش

* يذكر كثيرون أن السرقة تفشّت في العام الماضي وعلى نحو غير مسبوق. طبعا في كل عام هناك سرقات (وهذا الناقد تعرّض لواحدة منها قبل سنوات كثيرة لكن اللص كان من الغباء بحيث خلع الباب بمطرقة ضخمة أحدثت صوتا ما أثار الانتباه إليه). لكن العام الماضي جنح اللصوص صوب المجوهرات والأموال النقدية التي ينقلها البعض في حقائب. هذا العام لا يبدو، إلى الآن، احتمال تكرار هذا الحجم من السرقة وحسب مصدر فرنسي «البوليس المدني المسلح موجود في الطرقات والحانات والفنادق بغزارة ولا يمكن تكرار ما حدث في العام الماضي».

* هناك مشروع وصل المخرج البريطاني ستيفن فريرز إلى «كان» للاشتراك في إحيائه: فيلم عن حياة رونالد ريغان قبل وخلال فترة رئاسته للولايات المتحد». الفيلم سيسرد من وجهة نظر جاسوس روسي يؤديه الممثل جون مالكوفيتش، لكن الممثل الذي سيؤدي دور الرئيس الراحل لم يعثر عليه بعد.

* المخرجان الأميركيان مارتن سكورسيزي وستيفن سبيلبرغ سيقومان بالظهور في فيلم تسجيلي للحديث عن المخرجين الراحلين ألفرد هتشكوك وفرنسوا تروفو. الفيلم مبني على نص المقابلة التي أجراها تروفو في مطلع الستينات مع المخرج البريطاني الكبير وسيشترك أيضا في التعليق المخرجون وس أندرسون وديفيد فينشر ورتشارد لينكلتر.

* خبران عن المخرج الدنماركي المطرود من «كان» قبل عامين بسبب مؤتمره الصحافي الذي أعلن فيه أنه «قد يكون نازيا». الأول أنه يكتب سيناريو فيلم رعب منتقلا من فيلمه الجنسي الأخير «مهووسة جنسيا» (ذي الجزأين) إلى رحاب سينما التخويف. الثاني، يبدو أكثر مدعاة للثقة، ومفاده أنه ينجز التحضير لمشروع بعنوان «السفن الطويلة» عن تاريخ الفايكنغز.

* ممثلات السعفة

* لم تتمتع الممثلات الأميركيات بالكثير من جوائز «أفضل ممثلة» في مهرجان كان السينمائي خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية. تحديدا مُنحت هذه الجائزة، خلال هذه الفترة، سبع مرّات لفرنسيات، ومرتين لصينيات ومرتين لبريطانيات ومرتين لدنماركيات. بينما توزعت الجوائز الأخرى على الدول التالية بمعدل جائزة «أفضل ممثلة» واحدة لكل دولة: إيطاليا، بولندا، رومانيا، إسبانيا، كندا، كوريا، البرازيل، كندا، إسرائيل.

أما عدد الممثلات الأميركيات اللواتي فزن بها خلال هذه الحقبة فهو ثلاثة وهن:

- ميريل ستريب عن «صرخة في الظلام» سنة 1989 - هولي هنتر عن «البيانو» سنة 1993 - كرستين دانست عن «كآبة» سنة 2011