الأردن يسوق موقع المغطس على نهر الأردن خلال زيارة بابا الفاتيكان له

تسعىلاستقطاب المسيحيين من حول العالم.. والحكومة توافق على إقامة تسع كنائس

وزير الإعلام محمد المومني وبجانبه وزير السياحة نضال القطامين والأب نبيل حداد (بترا)
TT

يسعى الأردن إلى تسويق زيارة قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول التي ستبدأ يوم السبت المقبل إلى موقع المغطس على نهر الأردن قبل توجهه إلى بيت لحم والقدس، من أجل استقطاب المسيحيين العرب والأجانب لزيارة المكان الذي عمد فيه السيد المسيح (عليه السلام)، في منطقة «بيت عنيا» التي تبعد مئات الأمتار شرق نهر الأردن على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

والزائر إلى المغطس يلاحظ مدى الجهود والاستعدادات المبذولة من قبل السلطات الأردنية من أجل إبراز هذا المكان بوصفه جهة سياحية للحجاج المسيحيين الذي يزورون الأراضي المقدسة في الأردن والأراضي الفلسطينية في بيت لحم والقدس وغيرها من الأماكن المنتشرة فيهما على حد سواء.

وقال وزير العمل والسياحة والآثار الأردني نضال القطامين إن الأردن أصبح معروفا بأنه «متحف مفتوح» للحضارات والعصور المختلفة، ويزخر بالمواقع التاريخية والأثرية. وقال إن تربة الأردن تحتضن قبورا للأنبياء ومقامات للصحابة، مشيرا إلى الطريق الذي سلكه السيد المسيح من الناصرة عبر القدس نحو الأردن، حيث التقى يوحنا ليتعمد على يديه في نهر الأردن ليكون هذا الموقع قبلة لجميع المؤمنين المسيحيين.

وأضاف أن «السياحة الدينية بشقيها الإسلامي والمسيحي أصبحت على سلم أولوياتنا العام الحالي، وهناك تركيز أكبر وترويج وتطوير لهذا المنتج ليصبح ذا أهمية أكثر في جذب وجلب السياح والحجاج من الخارج».

وقال مدير «مركز التعايش الديني» عضو مجلس أمناء المغطس الأب نبيل حداد لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المكان تقدس بحدث المعمودية وانطلقت منه المسيحية عقيدة وإيمانا إلى العالم. وأضاف أن «السيد المسيح ولد في مدينة بيت لحم الفلسطينية، والمسيحية ولدت هنا في موقع المغطس شرق نهر الأردن، أرض القداسة والتاريخ».

وأشار إلى أن الحكومة الأردنية وافقت على إنشاء تسع كنائس للطوائف المسيحية المعترف بها، «حيث جرى إنشاء سبع منها، على أمل استكمال البقية في المستقبل القريب».

ودلت الحفريات الأثرية في الموقع على أن هناك بقايا لكنائس شيدت في الماضي وأنها تهدمت بفعل الزلازل وفيضانات نهر الأردن. وقال الأب حداد إن «الأردنيين يسطرون نموذجا في صنع الوئام والسلام، ويرون في قداسة البابا فرنسيس داعية للسلام، يأتي ليبارك جهودنا الأردنية الصادقة في الحفاظ على إرث الإنسانية».

وخلال جولة لعدد من الإعلاميين والصحافيين، منهم مراسل «الشرق الأوسط»، في موقع المغطس للاطلاع على الترتيبات التي اتخذها الأردن لاستقبال قداسة البابا فرنسيس الأول في 24 مايو (أيار) الحالي، أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أن «زيارة البابا للأردن تشير إلى ما يتمتع به الأردن من حرية واحترام للديانات السماوية واستقرار أمني في منطقة ملتهبة تعاني من الانقسامات والعنف»، معربا عن الأمل في أن «تساهم الزيارة في وضع الأردن على خريطة السياحة العالمية، والسياحة الدينية بالتحديد».

وشرح المومني برنامج زيارة البابا إلى الأردن والنشاطات التي سيقوم بها عند قدومه للمغطس، مبينا أنه سيتوجه إلى مطل نهر الأردن ليصلي منفردا في الموقع، وأنه سيسمح للصحافيين بالتقاط صور تذكارية له من موقع المعمودية في المغطس، كما سيلتقي عددا من الأطفال اللاجئين وذوي الإعاقات في كنيسة اللاتين التي وضع حجر أساسها البابا بنديكتوس السادس عشر خلال زيارته للمملكة قبل أربعة أعوام. ولفت إلى أن الزيارة البابوية تؤكد على المعاني والقيم الإيجابية التي يتمتع بها المجتمع الأردني والمبادرات الملكية لترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وحوار الأديان. وفي موقع المغطس يشاهد الزائر المكان الذي كان يعيش فيه يوحنا المعمدان (النبي يحيى عليه السلام) وبقايا كنائس أثرية شيدت على امتداد «وادي الخرار»، إضافة إلى مكان التعميد حسب الحفريات الأثرية التي تطابقت مع روايات الكتب السماوية. وخلال الحفريات الأخيرة التي جرت عام 1997، عثر على سلسلة من المواقع القديمة المرتبطة بالموقع الذي كان يعمد فيه يوحنا المعمدان والذي عُمد فيه السيد المسيح عليه السلام. وتقع سلسلة المواقع هذه على امتداد «وادي الخرار»، شرقي نهر الأردن.

وقد جرى اكتشاف دير بيزنطي في موقع تل الخرار، المشار إليه باسم «بيت عنيا عبر الأردن»، ويوجد هذا الموقع على بعد نحو كيلومترين شرقي نهر الأردن في بداية وادي الخرار. وهناك عدة ينابيع طبيعية تشكل بركا يبدأ منها تدفق الماء إلى وادي الخرار، وتصب في النهاية في نهر الأردن. وكذلك توجد واحة رعوية تقع في بداية وادي الخرار، أو كما تسمى «تلة إيليا» أو «تلة مار إلياس».

كما جرى العثور على مواد أخرى مثل الخزف والعملات المعدنية وبلاط الرخام المستعمل في تبليط الأرضية، وكل هذه تدل على أن الموقع يعود إلى الفترة البيزنطية المتأخرة ما بين القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد.

ويحاول الأردن الذي يعتمد اقتصاده إلى حد كبير على قطاع السياحة، تنشيط سياحته الدينية والاستفادة من زيارة البابا فرنسيس للمملكة في 24 مايو الحالي، بعد أن تأثر هذا القطاع كثيرا بالأوضاع المضطربة في منطقة الشرق الأوسط.

وتزخر أراضي المملكة التي تشكل الصحراء 92 في المائة من مساحتها، بكثير من المواقع الأثرية الدينية بدءا من المغطس وجبل نيبو الذي صعد إليه النبي موسى عليه السلام، وكنائس تعود لعصور مختلفة، مرورا بمقامات الأنبياء مثل يوشع وشعيب وأيوب وهارون ونوح. كما يضم الأردن مقامات صحابة وموقع معركتي مؤتة واليرموك، وقصورا وقلاعا إسلامية، وكهف أهل الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم.

وقال وزير السياحة إن نسبة الإشغال في الفنادق بلغت حتى أمس 85 في المائة، ويتوقع أن تصل النسبة إلى 95 في المائة خلال أيام مع قرب زيارة البابا.

ويعتمد اقتصاد هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو سبعة ملايين نسمة، إلى حد كبير على دخله السياحي الذي يشكل نحو 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وأشار قطامين إلى «أننا نتوقع زيادة عدد السياح خلال العام الحالي نظرا للاستقرار الأمني والسياسي في الأردن، وتفاقم الأزمات في عدد من دول المنطقة».

وتمثل السياحة المصدر الثاني للعملات الأجنبية في الأردن بعد الحوالات المصرفية من عشرات آلاف المواطنين الأردنيين العاملين في الخارج خصوصا في دول الخليج التي بلغت في 2013 نحو 3.6 مليار دولار. ويضم الأردن مواقع سياحية مهمة، كمدينة البتراء الأثرية، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، والبحر الميت الذي يقع في أكثر بقعة انخفاضا على سطح الأرض، وصحراء وادي رم التي تشبه تضاريسها سطح القمر.