مواجهة بين تكساس وكاليفورنيا بسبب مصنع لـ «الشطة»

محاولات لإغلاق المصنع في لوس أنجليس نتيجة الروائح المنبعثة

داخل مصنع الشطة الذي أزعج سكان لوس أنجليس (رويترز)
TT

مع زيادة أكل الأميركيين للشطة (الفلفل) الحارة، ويعتقد أن من أسباب ذلك زيادة المهاجرين وخاصة من دول العالم الثالث، كان لا بد أن تحدث هذه المواجهة الغريبة من نوعها بين أكبر ولايتين أميركيتين: كاليفورنيا وتكساس، بسبب الشطة.

في الأسبوع الماضي، وصل إلى ضاحية اروينديل (ولاية كاليفورنيا)، من ضواحي مدينة لوس أنجليس، وفد من كونغرس بولاية تكساس لزيارة مصنع «سريراتشا» لإنتاج الشطة الحارة. وكان الهدف من الزيارة هو إقناع صاحب المصنع بنقله إلى تكساس. وذلك بعد أن أصدر أعضاء في كونغرس ولاية كاليفورنيا مشروع قانون لإغلاق المصنع، أو تخفيض نسبة الشطة الحارة في إنتاجه.

تحرك هؤلاء الأعضاء بعد زيادة المواجهة، في الشهر الماضي، عندما أنذرت بلدية ضاحية اروينديل المصنع. وذلك بعد أن اشتكى عدد كبير من جيران المصنع بأن البخار الذي يخرج من المصنع سبب مضايقات، بل أمراضا جسدية، لهم.

وسارع صاحب المصنع الأميركي الفيتنامي ديفيد تران، واتهم البلدية بالعنصرية، لأنه مهاجر إلى أميركا من فيتنام. وسارع مهاجرون مكسيكيون في المدينة، وتحالفوا مع الفيتنامي. بعد زيارة وفد كونغرس ولاية تكساس للمصنع، عقد عضوا الوفد، السيناتوران: كارلوس يورستي (أميركي مكسيكي)، وجيسون فلالبا (أميركي فلبيني) مؤتمرا صحافيا. قالا بأنهما لم يضغطا على صاحب مصنع الشطة لنقل مصنعه من ولاية فلوريدا إلى ولاية تكساس، لكنهما قالا بأنهما يرحبان به إذا فعل ذلك.

وقال يورستي: «لسنا هنا لتقديم أي حوافز محددة. لكن، فقط، للترحيب بالمستثمرين من خارج ولاية تكساس. ولا تنسوا أن تكساس ليست فيها ضريبة دخل شخصي (لم يقل بأنها عالية جدا في كاليفورنيا)». في وقت لاحق، قال صاحب المصنع بأنه سينتقل إلى تكساس إذا ضايقته بلدية اروينديل، وكونغرس ولاية كاليفورنيا. لكن، توجد مشكلة أخرى: هل تقدر تربة ولاية تكساس (الأقل خصوبة من تربة ولاية كاليفورنيا، بصورة عامة) على زراعة الشطة الحارة جدا التي يعتمد عليها المصنع؟ وقال صاحب المصنع: «من دون (ريد هوت تشيلي بيبر) (شطة حمراء ساخنة) في تكساس، لا أستطيع نقل مصنعي إلى هناك».

في نفس الوقت، لم يقلل سكان ضاحية اروينديل (ألف وخمسمائة شخص) من حملتهم ضد المصنع. وفي الأسبوع الماضي، وقع بعضهم على عريضة أقسموا فيها قسما رسميا بأن الروائح من عملية طحن الفلفل الحار سببت لهم العطس والسعال، وأحرقت عيونهم، بل أجبرت بعضهم على زيارة عيادات طبية. وفي الأسبوع الماضي أيضا، أنذر مجلس بلدية الضاحية المصنع بإعلانه «مصدر إزعاج للمواطنين». وهدد بإرسال مسؤولين «لإجراء تغييرات لتخفيف الرائحة القاسية». (ونقلت صحيفة محلية أسماء أنواع من الشطة أقل حرارة). لكن، صاحب المصنع تحداهم وقال: «أبيع كل عام ما قيمته ثمانين مليون دولار. أي نوع من العدل هذا؟».

وكتبت عن الموضوع صحيفة «لوس أنجليس تايمز». وأشارت إلى زيادة شعبية الشطة الحارة. وأن من أسباب ذلك زيادة المهاجرين من دول العالم الثالث، وسألت: «من كان يصدق، قبل ثلاثين سنة فقط، أن الأميركيين كانوا يكتفون بالملح والفلفل الأسود لتلطيف طعامهم؟ من كان يعرف معنى كلمة (كايين) (من أنواع الشطة الحارة)؟».

ونشرت الصحيفة رسما لأنواع الشطة، وحرارة كل نوع، اعتمادا على مقياس «سكوفيل». هذا هو المقياس الذي اخترعه، عام 1912. الأميركي ولبر سكوفيل. ويقيس مادة «كابسيسكوم» (أصل المادة الحارة).

يدل حجم الواحدة على قدرة أي نوع من الشطة على فقدان حرارته بعد وضعه في مسحوق خاص لفترة معينة. مثلا: وحدة الفلفل الحلو جدا هي صفر. وشطة «كايين» عشرة ملايين وحدة. وشطة «هابانيرو» خمسة عشر مليون وحدة.

ومن ظواهر زيادة استعمال الأميركيين للشطة الحارة، تأسيس معهد لها في جامعة ولاية نيومكسيكو. وتقول ديباجة المعهد: «مرحبا بكم في المعهد الوحيد من نوعه في العالم لدراسة كابسيسكوم» (فلفل شجرة «تشيلي»).

حسب معلومات المعهد، يعد المكسيكي فابيان غارسيا «أبو الشطة الأميركية». الذي يدخل المعهد يشاهد صوره في أكثر من مكان. وكان، في عام 1888، أحضر أول شجرة «تشيلي» إلى الولايات المتحدة.

وحسب معلومات المعهد أيضا، هذه الشجرة هي أساس أشجار الشطة في كل العالم. ورغم أن حضارات في أميركا الوسطى والجنوبية، مثل «ازتكس» و«مايا»، كانت تعرف الشطة، لم يكن يعرفها بقية العالم، حتى اكتشاف العالم الجديد في عام 1495. لهذا، يقال: إن المكتشفين الإسبان كانوا يعودون بذهبين: الذهب اللامع (الحقيقي) والذهب الساخن (الشطة).

وفي كل عام، يرعى المعهد مهرجان الشطة الذي يتبارى المزارعون فيه بعرض أنواع الشطة التي يزرعونها. ويتبارى علماء الشطة في تقديم آخر أبحاثهم (وآخر تغيير لجينات الشطة لإنتاج أنواع جديدة) كما يتنافس الطباخون في إعداد أطعمة تحمل المذاق الحار.