أبحاث أميركية واعدة لتطوير لقاحات مضادة لفيروسي «سارس» و«كورونا الشرق الأوسط»

اكتشاف أسرار تمويه الفيروسات لتفادي مجابهة جهاز مناعة الجسم لها

بعض أنواع العلاج تمنع الفيروس من التكاثر وتدرأ انتشار عدواه
TT

في خطوة حاسمة لتطوير لقاحات للأمراض التنفسية الحادة، أعلن علماء أميركيون عن نجاحهم في تعطيل نشاط جزء من تركيبة فيروس الالتهاب التنفسي الحاد (سارس)، المسؤول عن عملية تمويه الفيروس داخل خلايا الجسم وإخفائه عن جهاز المناعة لدى الإنسان. وقال فريق من باحثي جامعة بيردو الأميركية إن التطوير الجديد سيسمح لهم بتطوير لقاحات ممكنة أيضا لمقاومة الفيروسات التاجية، ومن ضمنها فيروس «كورونا الشرق الأوسط».

وقال آندريو ميسيكار البروفسور في علوم البيولوجيا والكيمياء بالجامعة في البحث المنشور في الإصدار الإلكتروني من مجلة «بلوس - باثوجينس» إن «هذه هي الخطوة الأولى لوضع خريطة طريق لتنفيذ دراسات مماثلة على مختلف فيروسات (كورونا) ومنها فيروس الشرق الأوسط (ميرس)».

ويشارك ميسيكار أيضا في أبحاث فريق علمي لتطوير مركبات يمكنها مكافحة «ميرس» الذي انتشر حديثا إلى الولايات المتحدة، والذي تقدر مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها نسبة الوفيات بسببه بـ30 في المائة من الحالات المصابة.

ونجح الفريق العلمي في تحديد البنية الجزيئية لأحد إنزيمات فيروس «سارس» الرئيسة المسمى «البروتياز المشابه للبابايان» papain-like protease أو اختصارا «PLpro»، والتعرف على كيفية عمل هذا الإنزيم في تجريد خلية الجسم البشري التي يتغلغل فيها، من بروتين «يوبيكوتن»، وكذلك من بروتين «آي إس جي15»، الذي يحفز جهاز المناعة على مهاجمة الفيروس الدخيل.

وقال ميسيكار إن «الخلايا التي تصيبها العدوى من أنواع الفيروسات ترسل عادة إشارات استغاثة لتحفيز جهاز المناعة على الاستجابة السريعة لمجابهة العدوى، إلا أن الفيروسات الأكثر نجاحا يمكنها المراوغة وخداع جهاز المناعة». وتابع أن «(سارس) يقوم بتعطيل البروتينين المذكورين داخل الخلية، ولذا فإنه يوقف عمل نظام الإنذار المخصص لتنبيه جهاز المناعة».

وأضاف الباحث الأميركي أن «الإخلال بشبكات الإشارات العصبية داخل الخلية المصابة بالفيروس يؤدي إلى إرباك عملها وإرباك اتصالاتها مع الخلايا المحيطة منها، الأمر الذي يقود موتها وموت الخلايا القريبة».

وان كانت بعض أنواع العلاج تمنع الفيروس من التكاثر، وتدرأ انتشار عدواه، فإن ذلك لا يستوجب بالضرورة أن تكون قادرة على درء حدوث تفاعلات ضارة داخل الجسم بسبب الفيروس «لأن الارتباك في الاتصالات بين الخلايا هو الذي يجعل من الفيروس قاتلا»، كما يقول الباحث.

يذكر أن فيروس «سارس» كان أخذ في الانتشار عام 2003 وشمل نحو 24 دولة حول العالم وأدى إلى إصابة 8098 شخصا توفي منهم 774. ولم يبلغ عن أية حالات جديدة منذ عام 2004.

ورغم أن الفيروس قد غاب عن المسرح العالمي لفترة طويلة، فإن «برنامج التسجيلات الوطنية للعوامل المنتقاة» NSARP الأميركي قد وصف عام 2012 فيروس «سارس» بكونه «عاملا (معديا) منتقى»، الأمر الذي يعني أن لدى الفيروس القدرة على تشكيله تهديدات خطيرة للصحة العامة وسلامة الإنسان.

وقال الباحثون أنه إضافة إلى أن إنزيم «PLpro» يعمل على تمويه الفيروس بغية التملص من اكتشاف جهاز المناعة له، فإنه مسؤول أيضا عن تكوين بروتينات منفصلة بعد تقطيعه للبروتينات العديدة للفيروس، الأمر الذي يسهل عملية تكاثر الفيروس، لذا فإن على العلماء تطوير لقاحات لتعطيل هذه الخاصية.

وقال ميسيكار إنه يعمل الآن مع فريقه لتطبيق نتائج الدراسة على فيروس «كورونا الشرق الأوسط - ميرس». وقد توصل الفريق فعلا إلى أن إنزيم «PLpro» داخل فيروس «ميرس» يزيل أيضا البروتينين «يوبيكوتن»، وكذلك «آي إس جي15» من الخلية المصابة مسهلا تمويه الفيروس وإخفاءه عن جهاز المناعة.