يمني يجمع الأحجار الكريمة.. ويقتني العقيق النادر

عبد الكريم نزار: ملوك الفرس والروم كانوا يفضلون اليمني على غيره

العقيق اليمني أحد أنواع الأحجار الكريمة التي تطعم بها الحلي لمصنوعة من الفضة والذهب (تصوير: فؤاد الحرازي)
TT

اشتهر الشاب اليمني عبد الكريم نزار بهوايته في جمع الأحجار الكريمة والنادرة واقتنائها، وخاصة العقيق الذي اشتهر به اليمن عبر التاريخ بصفته أحد مواطن إنتاج الأصيل والنادر منه. ورغم أن تجربة الشاب اليمني في مجال جمع أحجار العقيق الأصيلة لا تزيد على 11 سنة، فإنه استطاع خلال هذه الفترة الوجيزة جمع عدد منها، ولعل ذلك راجع إلى شغفه بالأحجار الكريمة. ذلك الشغف الذي يصل إلى حد العشق والتغزل بالعقيق وما يحويه من قيم جمالية وفنية، مما جعله أحد أهم الهواة في هذا المجال، وأضحت تجربته محل اهتمام الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعربية.

في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أكد عبد الكريم أن العقيق اليمني، بصفته أحد أنواع الأحجار الكريمة التي تطعم بها الحلي المصنوعة من الفضة والذهب وغيرها من المعادن النفيسة، ثروة وطنية لا تقدر بثمن، مشيرا إلى أن بلاده اشتهرت عبر التاريخ بكونها أحد أهم بلدان إنتاج وتصدير العقيق، حتى إن كتب التاريخ تشير إلى أن ملوك الفرس والروم كانوا يفضلون العقيق اليمني على ما عداه من العقيق الذي تنتجه البلدان الأخرى، وكان ضمن الهدايا التي بعثت بها ملكة سبأ إلى الملك سليمان وأحد أهم صادرات اليمن في ذلك الوقت.

وأضاف الشاب اليمني، في سياق الحديث، أن صناعة الحلي والمشغولات اليدوية تعد إحدى أهم الحرف اليدوية التي اشتهرت بها صنعاء ماضيا وحاضرا، وإلى اليوم هناك أسواق خاصة بالإكسسوارات والحلي المصنعة من الفضة ومطعمة بفصوص العقيق بألوانها الزاهية، لافتا إلى أن منتجات الحرف اليدوية في هذا المجال تحظى بإقبال كبير من السياح القادمين إلى اليمن من مختلف بلدان العالم، فهناك أسر بعينها عرفت باستجلاب العقيق وصقله وتوارث أبناؤها هذه الحرف أبا عن جد.

وكشف عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط» عن أنه يقتني حاليا مجموعة من فصوص العقيق النادرة والطبيعية التي تحمل أشكالا وصورا بديعة وغاية في الروعة، فلديه مثلا فص عقيق طبيعي عليه صورة الكعبة المشرفة، وآخر عليه صورة الحجر الأسود، وآخر للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، بالإضافة إلى فص عقيق يحمل صورة السلطان قابوس على إحدى واجهاته وعلى الواجهة الأخرى خريطة سلطنة عمان، وغير ذلك من الفصوص التي تجسد صورا وأشكالا إبداعية تكونت في باطن صخور العقيق بصورة طبيعية على مر السنوات.

ويوضح عبد الكريم نزار أن هناك عشرات الأنواع من العقيق، وأشهرها العقيق الأحمر والرماني والمشجر والمصور وغيره، مشيرا إلى أن عملية جلب حجارة العقيق وصقله حتى يأخذ شكله الفني والجمالي المبهر تمر بخطوات كثيرة ومعقدة، يقوم بها حرفيون توارثوا المهنة باستخدام الحرارة ومواد أخرى للحصول على فصوص عقيق تحمل قيمة فنية تشجع على اقتنائها.

ويرى الهاوي اليمني أن المصداقية والأمانة تعدان ركنا أساسيا في جمع واقتناء الأحجار الكريمة خاصة العقيق، مؤكدا أن فصوص العقيق التي بحوزته تحمل، بالإضافة إلى شهادات المختبرات اليمنية ممثلة بوزارة النفط والمعادن اليمنية وشهادات خبراء العقيق المحللين بكونها أحجارا طبيعية وأصيلة، فإنها تحمل شهادات أيضا من مختبرات دبي المركزية، حيث أخضع الفصوص التي لديه لمختبرات دبي بصفتها جهة محكمة ومتخصصة على المستويين الإقليمي والدولي، وحصل على شهادات تؤكد أصالتها.

وقال إنه خلال مشاركته في مهرجان دبي للتسوق تلقى عروضا مغرية لشراء فصوص العقيق التي تحمل صورة الكعبة المشرفة والحجر الأسود بمبالغ كبيرة من قبل المهتمين باقتناء هذه الأحجار الكريمة، لكنه رفض بيعها.

ولا يهتم عبد الكريم نزار بما يقال عن خصائص العقيق وأسرار بعض ألوانه في جلب الحظ والرزق والحفظ من العين والحسد وعلاج بعض الأمراض وغيرها من الحروز والمعتقدات بشأن أنواع وألوان العقيق التي يشيعها البعض، ويؤكد أنه مهتم فقط بالبعد الفني في فصوص العقيق وما تحمله من سحر الطبيعة، فضلا عن بعدها في الصناعات الحرفية اليدوية التي هي جزء أصيل من المنتج السياحي اليمني، الذي يمكن أن يسهم في جذب المزيد من السياح إلى اليمن.

وفي سياق متصل، تلقى عبد الكريم نزار وعدا من وزارة السياحة اليمنية بتمكينه من المشاركة في وفود اليمن في المعارض والمؤتمرات السياحية الإقليمية والدولية وبما يمكنه من الترويج لما لديه من ثروة نادرة في مجال العقيق، خاصة أن مقتنياته تحمل شهادات دولية.

وقال رغم أن فص العقيق لا يتجاوز وزنه بضعة غرامات فإن لكل فص قيمته التي تتراوح ما بين بضعة دولارات إلى مئات الآلاف من الدولارات عندما تطعم بها الخواتم والأسوار وغيرها من الحلي والمصوغات.

ويؤكد الشاب اليمني أنه قادر على المشاركة والمنافسة في المزادات الدولية الخاصة بالأحجار الكريمة، إلا أن ما ينقصه هو المقدرات والضمانات المالية الكبيرة التي تطلبها المشاركة في المزادات الدولية في هذا المجال.

ويشير نزار إلى أن مشاريعه المستقبلية تتضمن إقامة معمل لإنتاج وتصنيع العقيق وغيره من الأحجار الكريمة التي تمتلك منها بلاده ثروة مقدرة، إضافة إلى إقامة معرض دائم للأحجار الكريمة بمشاركة الجهات المختصة بحيث يكون هذا المعرض أحد أهم المقاصد السياحية التي يقصدها زوار اليمن القادمون من مختلف بلدان العالم. وبشأن استخدام البعض أشعة الليزر لرسم صور محددة على فصوص العقيق، يؤكد عبد الكريم أن تشكيل الفصوص بالليزر يعطي أشكالا سطحية، كما أنها قابلة للمحو والإزالة بسهولة بعكس الأشكال والصور التي تكونت بشكل طبيعي، فهي عميقة ولا يمكن إزالتها، وهذا هو الفرق بين العقيق الطبيعي الأصيل والمشكل بتقنيات ووسائط صناعية مختلفة، وهو أمر يمكن إدراكه بسهولة من قبل المختصين في هذا المجال.