جوائز «توني» السنوية لأفضل ما قدمته برودواي أرضت الجميع

الحفل الثامن والستون لأوسكار المسرح في نيويورك

مشهد من مسرحية «دليل الرجل النبيل للحب والجريمة» (أ.ب)
TT

في حفل حمل الرقم 68 وأقيم، يوم الأحد أول من أمس، في قاعة راديو سيتي في مدينة نيويورك، تم إعلان جوائز الأوسكار المسرحي المسمّى بـ«توني أووردز». كالعادة في كل عام، في مثل هذه الأيام، تأتي الجائزة (اسمها الأصلي «جائزة أنطوانيت بيري للتميز في المسرح») لتشمل الأعمال المسرحية مقسّمة تبعا لتبويبات متعددة: هناك أفضل مسرحية وأفضل مسرحية معاد تقديمها، والتبويب ذاته ينطلي أيضا على جائزة لأفضل مسرحية موسيقية، وأفضل إعادة تقديم لمسرحية موسيقية. إلى ذلك هناك جوائز كثيرة في التمثيل الرجالي والنسائي (الرئيس والمساند) وفي الكتابة وفي الإخراج كما في التصميم العام والديكوراتي وفي تقنيات الصوت وتنفيذ التصاميم الراقصة وفي صنف الملابس كما الإضاءة وكل ذلك ضمن التبويب المزدوج لما هو مسرحي عام وما هو مسرحي موسيقي.

المسرح عنى، بالنسبة لسواه من القمم الفنية، المكانة الأرفع والمنصّة الأكثر دقّة وحدّة في اختياراتها. المعايير التي يتعامل بها الناقد المسرحي لا تختلف فقط عن تلك التي لدى الناقد الآخر في أي من المجالات الفنية المعاصرة، بل هي أيضا تلك التي يعمد إليها أعضاء هيئتي «جناح المسرح الأميركي» و«عصبة برودواي» اللتين تشتركان في انتخاب الفائزين وتوزيع الجوائز عليهم. ولا يضر حينها أن يأتي المقدّم المعتمد لتقديم الحفل من بين الخبرات المسرحية. في عام 1992 مثلا قامت الممثلة غلن كلوز بتقديم الحفل، تبعتها في العام التالي ليزا مانيللي وبعد عام آخر أنطوني هوبكنز. الممثل هيو جاكمان قدّم حفل هذه السنة وكان قدّمه لثلاث سنوات متوالية من عام 2003 حتى 2005.

لا يُضير كذلك العمد إلى تقديم وصلات موسيقية واستعراضية ودرامية بين الفقرات، كما العادة في حفلة الأوسكار. ما يضير، حسب بعض المحللين على الأقل، أن الجميع خرج سعيدا وقد فاز بجائزة ما.

مسرح وسينما الرابح الرئيس في حفلة أول من أمس كان متعدد الوجوه والأسماء بطبيعة هذا الحال. عدة مسرحيات تم تتويجها بجوائز أساسية منها «دليل الرجل النبيل للحب والجريمة» و«هدويغ والبوصة الغاضبة» و«حبة زبيب في الشمس».

«دليل الرجل النبيل» فازت بتوني أفضل مسرحية موسيقية (إلى جانب ثلاث جوائز أخرى بينها جائزة أفضل مخرج لداركو ترسنجاك). النص مستمد عن رواية للكاتب البريطاني روي هورنيمان نشرت سنة 1907 بعنوان «إسرائيل رانك: السيرة الذاتية لمجرم» التي عنها تم تحقيق فيلم بريطاني أخرجه روبرت هامر سنة 1949 بعنوان «قلوب رقيقة وتيجان صغيرة» Kind Hearts and Coronets.

المسرحية فاجأت الكثير من المتابعين والإعلاميين بفوزها من حيث أن التوقّعات ذهبت غالبا للمسرحيات الموسيقية الأخرى المتنافسة وهي «بعد منتصف الليل» و«علاء الدين» و«جميلة: ذا كارول كينغ ميوزيكال». إلى جانب أنها لم تحفل باهتمام جماهيري متميّز لم يتقدّمها ممثلون معروفون كان يمكن الركون إلى أن وجودهم وحده قد يدفع بالمسرحية إلى الجائزة الكبرى.

من جانب آخر، وفي عالم مسرحي معاصر بات مزدحما بالاقتباسات، نجد أن السينما تقف وراء بعض الأعمال الأخرى التي إما اشتركت في سباق توني. من بينها، مثلا «علاء الدين» وهو النص ذاته الذي أنتجته ديزني في التسعينات وأثار الضجة الكبيرة نسبة لما ورد في أغانيه مما عد إهانة مقصودة للشخصية العربية.

وإن لم يكن الفيلم مصدرا، فهناك العاملون في السينما، ومن بينهم هذا العام المنتج الأميركي سكوت رودين الذي وقف وراء عشرات الأفلام المنتجة في العقدين السابقين ومنها «ذا ترومان شو» و«شافت» (نسخة 2000) و«الساعات» و«الشبكة الاجتماعية» The Social Network و مؤخرا «كابتن فيليبس» و«داخل ليووين ديفيز» و«فندق غراند بودابست».

أيضا من بين المسرحيات التي تنافست ولم تفز «جسور مقاطعة ماديسون» التي سبق لكلينت إيستوود أن أخرج الأصل المأخوذ عن رواية لروبرت جيمس وولتر فيلما من بطولته وميريل ستريب سنة 1995.

لكن هذا لا يعني أن الاقتباس المسرحي دائما ما يعود إلى النسخة السينمائية، كما الحال مع «علاء الدين»، بل الأكثر انتشارا هو العودة إلى النص الروائي الأصلي والاستيحاء منه مع وضع العين على بعض ميزات الفيلم ذاته وخلط النتائج في خط ثالث جديد.

حدث ترفيهي بالنسبة للفائزين من المواهب والممثلين أتيح للممثلة أودرا ماكدونالد أن تفوز بجائزة أفضل ممثلة مسرحية للمرّة السادسة في تاريخ «توني». بذلك هي أكثر الممثلين والممثلات فوزا بهذه الجائزة. وقد نالتها عن دورها في مسرحية «لادي داي عند مطعم إيمرسون» أو Lady Day at Emerson›s Bar and Grill لاعبة دور المغنية بيلي هوليداي في فترة من أحلك فترات حياتها الفنية والشخصية. هذه الإيماءة إلى مسرحيات تناولت شخصيات حقيقية كانت واحدة من عدّة إيماءات لمسرحيات تناولت حياة أفراد فعليين. هناك مثلا «جميلة: ذا كارول كينغ ميوزيكال» التي مثلت دور المغنية المعروفة فيها الممثلة جيسي مولر (الفائزة بجائزة أفضل ممثلة في مسرحية موسيقية). كما هناك مسرحية «كل الطريق» التي تتناول حياة الرئيس السابق ليندون ب. جونسون كما أدّاه برايان كرانستون (نراه في دور الأب في فيلم «غودزيللا» الحالي) وهو فاز بجائزة أفضل ممثل.

في المقابل، فاز نيل باتريك هاريس بجائزة أفضل ممثل في مسرحية موسيقية عن «هدويغ والبوصة الغاضبة» وفاز جيمس مونرو إيغلهارت بجائزة مماثلة عن دوره في «علاء الدين». في الجانب الدرامي نال أفضل إخراج كيني ليون عن «حبة زبيب في الشمس» التي نالت بدورها جائزة توني لأفضل مسرحية درامية معاد تقديمها.

الحس الطاغي على الاحتفال الذي نقلته محطة سي بي إس هو توجهها لأن تكون حدثا ترفيهيا كما الحال بالنسبة للجوائز السينمائية (غولدن غلوبس والأوسكار). إلى جانب تقديم الممثل هيو جاكمان المفعم بالحيوية وتعدد الفقرات الموسيقية تم إخراجها بما يناسب هذه الغاية. مدى نجاح المحاولة لم يتأكد بعد.