ثلث زيجات أميركا بدأت في الإنترنت

«تويتر» و«فيسبوك» أكثر مصداقية من المواقع الغرامية

الزواج يمكن أن يحدث بسرعة البرق
TT

أوضحت دراسة نشرت نتائجها أمس أن ثلث الزيجات في الولايات المتحدة بدأت باتصالات عن طريق الإنترنت، ويعتبر هذا تطورا كبيرا بالمقارنة مع ما قبل 20 سنة، عندما ظهرت في الإنترنت مواقع اللقاءات والصداقات.

وقال متزوجون ومتزوجات إنترنت في هذه الدراسة إن لقاءات الإنترنت ربما أفضل من غيرها. وذلك لسببين رئيسين، كما أوردت الدراسة: أولا: تفصح الاتصالات المكتوبة أكثر بالمقارنة مع اللقاءات المباشرة، حيث يمكن أن يتغلب الخجل، أو الخوف، أو حتى الشغف.

ثانيا: ثبت علميا أن صفاء العقل ينعكس أكثر عبر الكتابة (خاصة في ظروف هادئة، وعاطفية) عنه عبر الكلام.

وقال د. جيف هول، في قسم العلاقات الاجتماعية في جامعة كنساس، ومتخصص في الحب والغزل، وأشرف على الدراسة: «أرى أنه مدهش من حدوث هذا (نتائج الدراسة) من دون أن يلاحظه الناس. أرى انه مدهش حقا أن مصداقية الشبكات الاجتماعية، من دون إجراء بحوث كثيرة عنها، صارت هامة، وفعالة، إلى هذه الدرجة. أنا أصبت بدهشة حقيقية».

في هذه الدراسة، اعتمد د. هول، وفريق من الباحثين والباحثات، على مختلف أنواع شبكات الاتصالات الاجتماعية، بداية بشبكات قديمة، مثل: «ماي سبيس» (مكاني) و«كلاسميت» (زميل الفصل). ثم انتقلوا إلى الشبكات التي جاءت بعدها، مثل: «فيسبوك» و«تويتر».

لكن، حسب الدراسة، لا يقع الناس في الحب بمجرد قراءة تغريدة طريفة، أو رؤية صورة جميلة. ناهيك بأن يتزوجوا سريعا. بالعكس، وهذا يعتبر من أسباب مصداقية الموضوع، قد تمر سنوات حتى يصل الناس إلى مرحلة الزواج.

لهذا، قال هول: «علينا أن نتوقع، مع زيادة اتصالات الحب في الإنترنت خلال السنوات القليلة الماضية، موجات هائلة من الزيجات، بعد سنوات قليلة». وقال إن هذا التأخير في توقع زيجات الإنترنت يجب ألا يقلق مواقع مثل «ماتش (تقريب)، و«أوكي كيوبيد» (نعم لإله الحب)، و«كريستيان ديتنغ» (لقاءات مسيحية).

طبعا، تريد هذه المواقع إقناع المشتركين فيها بأن الحب، وأيضا، الزواج، يمكن أن يحدثا بسرعة البرق.

وحسب الدراسة، وخلال السنوات القليلة الماضية، زادت كثيرا هذه المواقع في العدد، وفي الانتشار. ويتوقع أن تكون قيمة «ديتنغ إندرستري» (صناعة المقابلات الغرامية) أكثر من ملياري دولار في السنة المقبلة. ويعني هذا أن سوق العرض والطلب ستكون كبيرة بما يكفي لكثير من العارضين والطالبين.

لكن، في نفس الوقت، حذر خبراء آخرون من مساوئ حب وزواج الإنترنت. وأشاروا إلى الآتي:

أولا: توجد اختلافات ثقافية، واجتماعية، ودينية، وجغرافية كثيرة بين كثير من الذين يتقابلون في الإنترنت.

ثانيا: تغيب عن هذه المقابلات عواطف محسوسة. مثل: نظرات، وهمسات، ولمسات، وقبلات.

ثالثا: يتردد الإباء والأمهات في قبول (وتصديق) حب وزواج بناتهم وأولادهم عن طريق الإنترنت.

ترد على هذه الانتقادات لوري ديفيس، مؤسسة ورئيسة موقع شركة «آي فليرت» (الغزل الإلكتروني)، وهي شركة استشارية هامة. وتتخصص في مساعدة الناس على كتابة أحسن العبارات والخطابات الغرامية. ردت بأنها تزوجت، في الشهر الماضي، من رجل قابلته أولا في موقع «تويتر».

وقالت إنها كتبت وصورت، حفل الزواج، حيث علق أربعة آلاف مشارك على موقع، «تويتر». ووضعوا على الموائد أسماء هاشتاغ، مثل: «سويت هارت» (حبيبة قلبي) و«فول إن لاف» (وقوع في الحب). وبدلا عن منع استعمال التليفونات خلال حفل الزفاف. شجعوا الحاضرين على الاتصال خلال الحفل، خاصة عن طريق «تويتر».

وفعلا، كتب حاضرون أشياء مثل «بيوتفيل نايت» (ليلة جميلة)، و«بيوتيفيل ويدينغ» (عرس جميل).

وحسب دراسة جامعة كنساس، لا تقع كثير من النتائج الغرامية بين غرباء جدا. لكن، بين غرباء تجمعهم عوامل. مثل: نفس الجامعة، نفس المدينة، نفس المنظمة، حب نفس المغني أو المغنية، حب نفس الفريق الرياضي. وصار هذا واضحا عند دراسة صفحات كثير من المشتركين في مواقع مثل «تويتر» و«فيسبوك».

وكتب مايكل روزينوولت، صحافي في صحيفة «واشنطن بوست»، عن ميشال إلكساندر (42 عاما) وتريسيا فيست (40 عاما) من واشنطن، التقيا عبر «فيسبوك»، وسيتزوجان في واشنطن في الأسبوع المقبل.

وقال الصحافي إن الاثنين تقابلا عندما كانا يعلقان على صور بعضهما بعضا. ثم تابعا استراتيجية «آبديت» (تجديد الاتصال). ثم وضعا بعضهما في عمود «صديق». ثم عرضا صورا من المدرسة الابتدائية. وكتب أحدهما: «أحس أن قلبي يدق».

وهناك قصة لورا أولين (32 عاما) وجيمس هاب (33 عاما). تعمل هي في الحملات الانتخابية، وكانت اشتركت في حملة الرئيس باراك أوباما عام 2012. ويعمل هو خبير كومبيوتر في قسم رعاية المستهلكين في واشنطن.

كيف تقابلا أول مرة؟

كتب هو: «أي شخص يعرف فيلما سياسيا وقعت أحداثه في واشنطن، غير فيلم رجال الرئيس؟» وردت هي بالإشارة إلى فيلم سياسي قديم.

في البداية، لم يرد عليها. لكنه بحث في صفحاتها، وخلفياتها. ثم أعلن أنه يتابعها في «تويتر». ثم أعلنت هي أنها تتابعه في نفس «تويتر». ثم بدآ يرسلان رسائل خاصة عن مواضيع لا صلة لها بالحب (كانت أغلبية كتاباتهما واتصالاتهما سياسية، أو عن واشنطن، والحياة فيها).

ثم تقابلا، ليس في ميعاد ثنائي، ولكن في حفل شبابي في واشنطن، يعرف الجانبان بعض الذين دعوا له. تحادثا سريعا. ثم افترقا. ثم لم يتقابلا لشهور. ثم قطعت هي اتصالاتها معه. وألغت اسمه من قائمة المتابعين. يبدو أنها فقدت الأمل، رغم أنها قالت إن السبب هو انشغالها في حملة الرئيس أوباما الانتخابية.

ثم، بعد نهاية الانتخابات وفوز أوباما، عادت إليه مع عودة الأمل إلى قلبها. ومرة أخرى، وضعت صفحته في قائمة الذين تتابعهم. ثم عادت اللقاءات الشخصية. وبعد ثلاث سنوات من أول لقاء في الإنترنت، بدا وأنهما وقعا في شرك الحب.

في وقت لاحق، كتبت: «وجدت ان (تويتر) أفضل من غيرها، لأن الحديث يمكن أن يكون في مواضيع تهم الجانبين، وبعدها، يمكن أن يحدث ما سيحدث. في الجانب الآخر، تبدو المواقع الغرامية وكان الهدف منها هو فقط الحب والزواج، إن لم يكن الجنس فقط».

ويقدر أي واحد على البحث في هذا الموضوع في مواقع مثل «غوغل». يقدر على أن يكتب عبارة مثل: «قابلت صديقي (صديقتي) في..». وحينها، تظهر عشرات الآلاف من المواقع. ليست فقط المواقع العادية مثل «تويتر» و«فيسبوك»، ولكن، أيضا، مواقع جديدة. مثل: موقع «تندر» التي تربط الناس حسب مدنهم، أو ضواحيهم (لتسهيل مقابلات بينهم). ومثل موقع «بتسريب» التي تجمع بين رسامين ورسامات (يرسم كل شخص نفسه. ويقارنون الرسومات، وقد يقعون في حب بعضهم بعضا).

حسب دراسة أعدتها مؤسسة «بيو» في واشنطن، قال نصف الذين استطلعت المؤسسة آراءهم إنهم يعتقدون أن أغلبية الباحثين عن أصدقاء وصديقات في المواقع الغرامية يبالغون في نقل صور حقيقية عن أنفسهم، سواء رجال أو نساء.

وحسب الدراسة، كما قالت لورا سابقا، توجد مصداقية أكثر في مواقع الاتصالات الاجتماعية العامة مثل «تويتر» و«فيسبوك» عنها في مواقع الاتصالات الغرامية.

وقالت لورا: «وجدت في المواقع الغرامية مجانين. نعم، حقيقة، مجانين».

وأيد ذلك د. هول، رئيس فريق البحث في جامعة كنساس: «المواقع الغرامية تحد من حرية الاختيار. إنها مثل سوق لبضائع معينة، إنك تبحث عن لون معين، ووصف معين، وشخصية معينة، وعمر معين. لكن، الشبكات الاجتماعية (العامة) ليست مصممة بهذه الطريقة. لهذا، تمكن معرفة الناس بطريقة أقل افتعالا، وبالوصول إلى انطباعات دقيقة وشاملة».