التشكيلي الإيراني محمود فرشجيان صاحب الأسلوب المميز في «المنمنمات»

اختار ولاية نيوجيرسي لمزاولة فنه.. وابتعاده عن إيران «ترك تأثيرا إيجابيا» على أعماله

من أعمال الفنان وفي الاطار محمود فرشجيان
TT

محمود فرشجيان اسم مألوف لدى الإيرانيين، وحتى لدى جمهوره من غير الإيرانيين. فيعرف العالم فرشجيان على أنه الرسام وصاحب الأسلوب المميز في «المنمنمات» في تصميم الألوان، واستخدامه لها فريد من نوعه، إذ يستلهم مواضيع رسومه من معتقداته الدينية، والأدب العرفاني. أشهر أعماله «ضامن حرية الغزال» (في إشارة إلى أحد ألقاب الإمام الثامن لدى الشيعة)، و«الشمس والمولانا»، و«اليوم الخامس من خلقة العالم»، و«مساء يوم العاشوراء»، و«الكوثر»، و«المدح»، و«المعراج».

تضم قائمة أسماء مثقفي القرن الحادي والعشرين اسم محمود فرشجيان الحائز على وسام الفنون الإيرانية من الدرجة الممتازة، والكثير من الجوائز العالمية، واستضافت معظم الدول العالم أعماله الفنية في معارض مشتركة أو فردية.

يقيم هذا الفنان الإيراني البالغ من العمر 85 سنة حاليا في ولاية نيوجيرسي الأميركية، ويقوم بزيارات دورية وموسمية إلى إيران. وعلى هذه الخلفية جاء حوار «الشرق الأوسط» معه:

* على حد علمي أنت تعمل منذ فترة على لوحة رسم تنوي تقديمها إلى المتحف التابع لأستان قدس رضوي (الواقع في مدينة مشهد)، فما موضوع اللوحة؟ وهل انتهيت منها؟

- نعم. سأنتهي منها خلال شهرين إن شاء الله، حيث سيجري عرضها لفترة في متحف سعد آباد بعد قدومي إلى إيران. وأنوي تقديم لوحة المعراج التي يجري عرضها حاليا في المتحف إلى أستان قدس رضوي، وكما سيتم تقديم لوحتي الجديدة إلى نفس المؤسسة. تتمحور المواضيع المختلفة التي أتناولها في لوحات الرسم حول الشؤون المعنوية على غرار خلقة العالم والإنسان، والهدى، والحقيقة.

* وهل تعمل على مشروع آخر؟

- لقد رسمت منذ فترة تصميما أوليا لمرقد عبد العظيم، وقدمت التصميم إلى متولي شؤون المرقد. وأقوم حاليا بالإعداد لرسمه.

* لقد ذاع صيتك في العالم على أنك أحد الرسامين المعروفين في إيران. فهل تشعر بالقلق بشأن الحفاظ على هذا الفن؟ وهل بذلت جهدا لتحقيق ذلك؟

- كنت أحرص على مدى ثلاثين عاما وحتى قبل قيام الثورة في 1979 على تدشين كلية للفنون الإيرانية الإسلامية التقليدية والأصيلة، وبعثت رسائل عدة للمسؤولين آنذاك بهذا الشأن.

فقد اتخذت مؤخرا إجراءات حول تأسيس مثل هذه الكلية، وسيجري تدشينها قريبا إن شاء الله.

* أي مؤسسة ستقوم برعاية هذه الكلية؟

- قد تقوم منظمة الإرث الثقافي برعاية هذه الكلية التي تقام فيها حصص دراسية للفنون الإيرانية التقليدية والأصيلة على غرار تصميم الرسوم، وفن الرسم، وتصميم السجاجيد، والرسم على المعادن. وسنشاهد إنشاء الكلية قريبا إن شاء الله.

* هل قمت بتدريب تلاميذ في مجال الرسم؟

- نعم. قمت بتدريب الكثير منهم إذ أصبحوا كلهم أساتذة يقدمون أعمالا جيدة.

* وهل ما زلت تدرب التلاميذ؟

- لا. لا أقوم بتدريب المبتدئين، ولكن الرسامين يرسلون لوحاتهم إلي وأنا أعبر عن رأيي بشأنها، وأوضح لهم الأخطاء التي ارتكبوها في الرسم.

* وهل يحدوك الأمل في استمرارية الفنون التقليدية وفن المنمنات في عصرنا الحاضر؟

- نعم لدي أمل. تتميز هذه الفنون بالأصالة وبالتالي فهي قادرة على الظهور في أي زمن ومكان، ولكنها تواجه دوما صعودا وهبوطا. يتمتع الفن الإيراني الإسلامي بمكانة خاصة منذ القدم أي منذ حكم الصفوي وحتى قبله أي عهد تيمور. تكمن ميزة هذا الفن في جوهره الذي يبرز نفسه بغض النظر عن أسلوبه والفترة التي يظهر فيها.

* وهل طرحت آراء جديدة في لوحاتك؟

- أعمل جاهدا في أعمالي التي تتمتع أحيانا بصعوبة كي أتمكن من طرح مواضيع معنوية على غرار الهداية، والخلق، والسجود وهي مفاهيم يصعب التعبير عنها، ويختلف التعبير عنها بريشة الرسم مع الرسومات العادية التي تتناول مواضيع بسيطة. ولقد أحرزت نجاحا في هذا النوع من الرسومات بفضل الله تعالى. لقد حرصت خلال هذه السنوات على الحفاظ على جوهر الرسومات والاهتمام بالموضوع أكثر من أي شيء آخر.

* بصفتك باحثا في الفنون التقليدية الإيرانية، هل تجد صلة بين الفن التقليدي الإيراني ونظرائه في الدول الأخرى؟

- نعم توجد صلة. إذا أجريت دراسة على الأعمال الفنية للدول الأخرى على غرار الصين واليابان مثلا فتجد أنها مستوحاة بشكل كبير من لوحاتي. يبرز هذا التأثير في فن نحت التماثيل في هاتين الدولتين. ففي الصين، جرى إعادة رسم لوحاتي بأسلوبهم الخاص وهي عملية رائعة جدا. وقامت مؤسسة تدعى «بي سي إف» في الولايات المتحدة بصناعة تماثيل لافتة من خلال الاستلهام من رسوماتي.

* ولا تجد مانعا في ذلك؟

- لا أبدا. عندما يكون الفن تعبيرا عن لغة وطنية وعامة، ويحظى بتأييد الجميع فمن الطبيعي أن يجري استخدامه. يكتسب جوهر الفن أهمية. تتمتع الأعمال الفنية التي تحظى بتأييد الجميع بالاهتمام وذلك بغض النظر عن جنسية صاحب العمل، ومنشأ العمل. وهذا أمر جيد.

* ألا تجد صعوبة وتضادا بين الحياة في الولايات المتحدة وفي مجتمع غربي وبين الفن الذي تعبر عنه وهو الفن الأصيل الإيراني المستوحاة من معتقداتك الدينية؟

- لا. أعتقد إذا تمكن الفرد من التمسك بمعتقداته الدينية، وتقاليده، وهويته بغض النظر عن البيئة التي يعيش فيها فإنه يتمكن من تزكية نفسه، وفهم فنه بشكل أفضل. وهذا ما حصل لي، فأنا أحب العمل في أجواء هادئة، وقلما أجد في إيران مثل تلك الأجواء. وكأنني ذلك العطشان الذي يتلهف إلى شرب الماء وهو بعيد عن مصدر المياه. ترك الابتعاد عن إيران تأثيرا إيجابيا علي، أستطيع هنا أن أحصل على الأعمال المختلفة، وأطالع بشكل أكبر كي أتمكن من خلق أعمال فريدة.

* كيف تقيم تعامل متلقي لوحاتك في خارج البلاد، هل يتمكن جمهورك هناك من فهم عميق لأعمالك الفنية؟

- تختلف ردود فعل متلقي لوحاتي. قد لا تثير إحدى لوحاتي مثلا إعجاب مواطن إيراني في إيران، ولكنها تحظى بإعجاب مواطن أجنبي في خارج البلاد. والعكس صحيح. تشير الكتب المنشورة التي تتمحور حول أعمالي الفنية، وتعليقات جمهوري من غير الإيرانيين إلى أنهم يقدرون أعمالي بشكل أكبر لأنهم مهتمون ومولعون بالفن.

* وهل تعتزم نشر كتاب جديد حول أعمالك الفنية؟

- نعم. أعمل حاليا على نشر كتاب يضم مجموعة من أعمالي الفنية. لا أحبذ التكلم عن عمل لم أنجزه بعد بشكل كامل، ولكنني أتمنى أن أحقق النجاح في هذا العمل.

* ألا تعتزم زيارة إيران والقيام بعرض أعمالك الجديدة هناك؟

- إن روحي، وفكري في إيران أينما ذهبت وقطنت، وأنا أزور إيران عدة مرات سنويا.

* خدمة الشرق الأوسط بالفارسية - شرق بارسي.