ميركل تتفوق على نظيرها الفرنسي هولاند حتى في احتفالات عيد ميلاده الستين

المستشارة الألمانية انهالت عليها باقات الزهور وعبارات الثناء والتقدير

الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس فرنسوا هولاند (أ ف ب)
TT

عندما بلغت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سن الستين في منتصف يوليو (تموز) الماضي، انهالت عليها باقات الزهور وعبارات الثناء والتقدير، بينما نشرت الصحف الكثير من المقالات التي توجه إليها عبارات الإشادة بأداء ميركل التي يعتبرونها «الأم الروحية» لألمانيا والمحبوبة كثيرا.

وتوجت انتصارات ميركل بفوز الفريق الألماني بكأس العالم لكرة القدم، وعقد الكثير من المعلقين مقارنات بين إعادة بناء فريق كرة القدم وبين إعادة بناء الاقتصاد الألماني بعصا ميركل السحرية، غير أن الأضواء تتحول اليوم إلى فرنسا، حيث يبلغ الرئيس فرنسوا هولاند أيضا الستين من عمره، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

ولكن بعكس ميركل سيكون عدد الذين يكيلون قصائد المديح إلى هذا الرئيس المحاصر بالمشكلات قليلا. وتعاني شعبية الرئيس الفرنسي الاشتراكي من الركود مثلها في ذلك مثل حال الاقتصاد، وأشار استطلاع للرأي نشر في 7 أغسطس (آب) الحالي إلى أن 23 في المائة فقط من الناخبين يثقون في قدرته على التعامل مع التحديات التي تواجه البلاد. وتتماشى شعبية هولاند مباشرة مع منحنى البطالة في فرنسا.

فكل شهر يمر تأتي أعداد جديدة ومثيرة للأسى من العاطلين، مما يثير التهكم على وعوده بوقف حالات فصل الشركات للموظفين بسبب تراجع الوضع الاقتصادي بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2013، الأمر الذي يؤكد الرأي القائل إن فرنسا أصبحت رجل أوروبا المريض.

ففي يونيو (حزيران) الماضي زاد عدد العاطلين في فرنسا ليسجل رقما قياسيا جديدا يبلغ 4.‏3 مليون شخص، ومع توقع عدم تحقيق النمو الاقتصادي الهدف المعلن وهو واحد في المائة هذا العام، فمن المتوقع أن تظل صورة سوق الوظائف قاتمة إلى عام 2015.

ويتهم المنتقدون هولاند بالتخلي عن الإصلاحات غير الشعبية التي تحتاج إليها الصناعة الفرنسية من أجل التطوير، ولمساعدتها على المنافسة في الأسواق العالمية.

وفقد بريقه في غضون بضعة أشهر من انتخابه في مايو (أيار) 2012، حيث جاء انتخابه على وعد بأن يكون «رئيسا عاديا».

ويرى كريستوف باربييه رئيس تحرير مجلة «إكسبريس» الفرنسية، أن هولاند يتعثر في أدائه بسبب صورته كرئيس يقف بين مجموعة من السياسيين المساوين له.

وقال باربييه لوكالة الأنباء الألمانية: «إن هناك نوعا من الرابطة الحسية بين الفرنسيين ورئيسهم، وغالبا ما كانت هذه الرابطة تتسم بالقداسة».

وأضاف: «غير أن هذه الرابطة انكسرت بسرعة للغاية مع فرنسوا هولاند، وذلك ليس لأنه رئيس عادي، ولكن لأنه عادي للغاية وأظهر نوعا من محدودية القدرات، كما لو كان ليس كفؤا لمهام منصبه».

وأدى ابتعاده عن قاعدة الناخبين إلى تمهيد الطريق أمام فوز الجبهة الوطنية التي تقف في أقصى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو الماضي، وهو فوز غير مسبوق من شأنه أن يمثل لطخة أبدية في سجل هولاند.

وامتد التراجع في الأداء هذا الصيف إلى مجال السياسة الخارجية لهولاند، التي كان ينظر إليها باعتبارها منطقة نادرة يسودها النجاح والجرأة في أعقاب تدخله ضد المسلحين الإسلاميين في مالي. فقد أذهل الزعيم الفرنسي الناخبين اليساريين عند بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، عندما انتهج خطا متشددا مؤيدا للخط الإسرائيلي، وهو أمر يتعارض مع التراث الفرنسي بالتزام الحياد في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ومن ناحية أخرى التزمت فرنسا التي تبني سفينتين حربيتين لصالح روسيا الصمت إزاء الأزمة الأوكرانية. وفي الوقت الذي ينتظر فيه هولاند حدوث تحول اقتصادي نحو الأفضل حاول أن يحسن صورته بقيادة سلسلة من الاحتفالات الدولية بذكرى الحربين العالميتين الأولى والثانية، مما أثار الانتقادات بأنه ينظر إلى الماضي بدلا من التطلع نحو المستقبل، بل إن صحيفة «لوفيغارو» المحافظة التي تعد واحدة من أشرس منتقديه أصبحت تتخيل بالفعل مرحلة ما بعد هولاند.

فنشرت الصحيفة رواية على 17 حلقة بعنوان «هولاند يترك منصبه». ومع ذلك فلم يظهر هولاند الزعيم الاشتراكي الودود الذي يحتفل بعيد ميلاده مع أفراد أسرته في منتجع رئاسي بقلعة فرساي أي بادرة تشير إلى رغبته في ترك منصبه. ومع ذلك فقد تباينت وجهات النظر حول إمكانية فوزه في انتخابات الرئاسة التي ستجرى عام 2017.