أحمد فؤاد سليم يتألق في معرض استعادي لأعماله بالقاهرة

قدم أجيالا من الفنانين وأسس مجمع الفنون وضمت اسمه موسوعات عالمية

احمد فؤاد سليم - جانب من لمعروضات
TT

تحتفي الحركة التشكيلة المصرية بذكري ميلاد الفنان أحمد فؤاد سليم، عبر معرض استعادي، يضم مختارات من أعماله الفنية، افتتحه أخيرا بحضور زوجته عازفة البيانو الشهيرة مارسي متى، وكوكبة من الفنانين التشكيليين، الدكتور أحمد عبد الغني، بقاعة «الباب - سليم» بساحة دار الأوبرا بالقاهرة، وهي القاعة نفسها الذي أسسها الفنان الراحل لتكون نافذة لأعمال الفنانين خاصة الشباب، في كنف متحف الفن المصري الحديث، وتشكل بموقعها الفريد حالة فنية خصبة، تتجاور وتتقاطع معها كل أشكال التشكيلي المصري الموجودة بالمتحف.

ولد أحمد فؤاد سليم في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1936 بمدينة دمياط الساحلية (شمال القاهرة)، ورحل عن عالمنا في 2 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009. عن عمر يناهز 73 عاما، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة، ثم درس الفن لمدة 3 سنوات بمعهد ليونارد دافنشي بالقاهرة. وتذكر الحياة التشكيلية له الكثير من الأعمال والمشاريع المهمة، من أبرزها أنه صاحب فكرة بينالي القاهرة الدولي، ونظم دورة الافتتاح الأولى له في عام 1984. كما أشرف على دوراته المتتالية حتى الدورة والعاشرة 2006. كما نظم بينالي الخزف الدولي 1994 – 1996 - 1998 بالاشتراك مع قوميسيره العام، وأيضا صالونات الشباب السنوية منذ عام 1993 حتى 1998. كما أسس أول مهرجان مصري لفن الفيلم السينمائي الروائي والفيلم الفني القصير والفيلم الوثائقي، وكذلك مسرح الـ100 كرسي التجريبي الشهير 1968 مع شقيقة الكاتب المسرحي عبد المنعم سليم، إضافة إلى قاعة عرض الفن بالمركز الثقافي التشيكوسلوفاكي سنة 1967، حيث عمل مستشارا فنيا للمركز لمدة 9 سنوات، ثم سلسلة المعرض القومي للفنون التشكيلية السنوية من 1980 وحتى 1986. وإليه يرجع الفضل في تأسيس نقابة التشكيلين المصريين، ويبقى من أبرز إنجازاته تأسيسه مجمع الفنون بقصر الأميرة عائشة فهمي المطل على نيل حي الزمالك الراقي بالقاهرة، وهو أول مجمع للفنون بمصر، ويضم 7 قاعات داخلية أطلق عليها (قاعات إخناتون)، وعمل أحمد فؤاد سليم مديرا له، ثم مشرفا عليه حتى عام وفاته، واستطاع تطوير المجمع وإعادة تخطيطه كليا وتهيئته للعروض العالمية، واهتم سليم من خلال عمله بالمجمع بأن يجذب شرائح من الفنانين، وخصوصا الشباب وتبني أعمالهم وساهم في تشكيلهم فنيا وثقافيا.

حول مشوار الفنان الراحل قال الفنان أحمد عبد الغني، رئيس قطاع الفنون التشكيلية: «إن اسم الفنان الراحل أحمد فؤاد سليم سيظل علامة مهمة في سجل الفن التشكيلي المصري المعاصر، يجسد مشوار حياته صورة نبيلة للمبدع الذي لم يبخل يوما عن العطاء لفنه ولجمهوره، فحفل سجله بالكثير من الإنجازات على المستوى الإبداعي والإداري، كما قدم للحركة التشكيلية والحركة النقدية والتنظيرية للكثير من الفنانين الذين صاروا نجوما، وكان (سليم) أول من مد يده لهم مؤمنا كفنان كبير بموهبتهم الإبداعية».

وأضاف عبد الغني: «لقد آمن سليم بدور الشباب كصناعة للمستقبل، وتشهد قاعات مجمع الفنون بالزمالك على الدور الهام الذي لعبه لتقديم فنانين جدد ومواهب منحها فرصا للعرض بجانب قامات في الفن». وذكر أنه شخصيا مر معه بتجربة «لا يمكن أن أنساها حين منحني وأنا في بداية حياتي الفنية فرصة عظيمة للعرض بجوار الفنان الكبير سلفادور دالي، لحظة ما زالت تحتل مكانها الكبير في نفسي، ولعبت دورا مهما في مسيرتي كفنان».

عاش أحمد فؤاد سليم حياته من خلال الفن، وتميز بثقافة تشكيلية غزيرة انعكست على إنتاجه الفني، الذي واءم ما بين التشخيصية والتجريدية في سلاسة فنية، منفتحة بإشراق العقل والعاطفة على عالم الرموز والأساطير والزخارف المشرقة، التي استقاها من التراث الشعبي، وجعل من أعماله نافذة جديدة لها، تطل من خلالها على تاريخها وترثها، وفي الوقت نفسه موصولة بالحاضر، في تنوع جمالي ودلالي لاقت وحيا، مشربا بروح شاعرية، تعكس ولعه بالشعر الذي كان عاشقا له ويكتبه بين الحين والآخر. كما تسلح سليم بعقلية نقدية جدلية، تنحاز إلى العلم والمنطق، أدار من خلالها الكثير من المعارك والصراعات النقدية التي خاضها حول الفن وعلاقته بالمجتمع، وبالأنواع الأدبية والفنية الأخرى، ومشاكل التشكيل في الواقع الثقافي المصري، وكان حريصا خلالها على أن يرسي جسورا للحوار البناء، بين شتى التيارات الفنية، تستفيد منه الحياة الثقافية، خاصة الأجيال الجديدة من الفنانين.

أقام الفنان الراحل الكثير من المعارض الفردية والجماعية في مصـــر ومعظم دول أوروبا وبعض الدول العربية، وسجله حافل بالجوائز والتكريم المحلية والدولية، من أهمها فوزه بالجائزة الأولي (تصوير) لبينالي الإسكندرية لدول حوض البحر الأبيض المتوسط الدورة العاشرة 1974، كما حصل على وسام بدرجة (فارس) في الفنون والآداب من الحكومة الفرنسية 198. أيضا حصل على ميدالية الفن من ملكة الدنمارك 1986، والجائزة الكبرى وأوسكار (تي) في بينالي القاهرة الدولي الثالث 1988، وضمت اسمه موسوعات فنية عالمية.

ترك أحمد فؤاد مجموعة من الملفات الهامة، في مجال الفن والثقافة، من أهمها: «7 مقالات في الفن»، و«الفن وأحواله»، و«في كشف الزيف والخداع وسقوط القناع». وله كتاب عن الفنان مصطفى الرزاز، عبارة عن حوار مطول حول قضايا الفن والفكر والثقافة.