ناشطات عراقيات يؤسسن تجمع «نساء لعراق مدني»

يسعى لإبعاد الدين عن السياسة وإطلاق الحريات

رافق الإعلان افتتاح ندوة فنية «سمبوزيوم» للرسم الحر بمشاركة عدد كبير من الفنانات اللواتي أردن المشاركة بلوحات تعبر عن رفضهن لواقعهن ورغبتهن بعراق مدني خال من الحروب
TT

في خطفة تهدف لنشر الثقافة المدنية في العراق وصيانة حقوق الإنسان وإبعاد الدين عن السياسة، والفصل بين السلطات والتكفل بحرية التعبير، أعلنت ناشطات عراقيات في العاصمة العراقية بغداد عن تشكيل تجمع «نساء لعراق مدني» بحضور منظمات مجتمع مدني وشخصيات نسوية في المشهد الثقافي والفني والإعلامي.

سبق إعلان التجمع، افتتاح المؤتمر الذي نظمته منظمة صوت المرأة المستقلة، ورابطة الفنانات التشكيليات، حمل شعار «الحضارة نهضت في مدن الرافدين وسينهض مجددا بالمدنية» الذي رافقه افتتاح سمبوزيوم للرسم الحر بمشاركة عدد كبير من الفنانات اللواتي أردن المشاركة بلوحات تعبر عن رفضهن لواقعهن ورغبتهن بعراق مدني خال من والحروب وامتهان المرأة وعودتها لقرون مضت.

ولم تزل المرأة العراقية في عموم البلاد وخاصة المناطق الريفية تتعرض إلى مختلف أنواع العنف والتحجيم وتردي القوانين خاصة الأسرية منها والتي لم تعد تنصفها وإلى محاولات من قبل جهات وتيارات دينية لأجل تغيير قوانين الأحوال الشخصية بأخرى جديدة تحط في الكثير من بنودها من شأن المرأة ومكانتها في الأسرة والمجتمع، فيما تسعى ناشطات من منظمات المجتمع المدني لأجل الحد من تلك الممارسات والتمسك بحقوق النساء التي نص عليها الدستور.

رئيسة منظمة صوت المرأة المستقلة، لامعة طالباني، قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «وجدنا نحن كنساء عراقيات نعيش تحت وطأة ظروف مضطربة أن الوقت قد حان للتأكيد على أهمية السعي للتغيير نحو نظام مدني يعطي فرص متكافئة للجميع ويضمن الحريات العامة التي نص عليها الدستور العراقي».

وأضافت: «نسعى أيضا لنشر ثقافة المدنية والدعوة لإقامة نظام مدني في العراق والدعوة لعدم تسييس الدين وإبعاده عن القرارات السياسية للبلاد». وأكدت الطالباني: «أن التجمع يسعى إلى جمع أكبر عدد من النساء والرجال للضغط على المسؤولين وحثهم على تبني نظام مدني بعد أن فشلت جميع الأنظمة السابقة، التي أنتجت جماعات متطرفة ومتشددة، وكانت السبب بالوضع الذي وصلنا له الآن».

الناشطة المدنية والفنانة بان عبد اللطيف إحدى المشاركات في التجمع قالت: «المرأة العراقية لها مواقف وأدوار معروفة طيلة العقود التي مر بها العراق، لكن هناك محاولات تجري اليوم من قبل السلطات والجهات المتنفذة في البلاد لتحجيم دورها تحت رداء الدين والتحريم في مظاهر عاشتها المرأة قبل قرون من الزمان». وأضافت: «دعوتنا اليوم لأجل تجمع مدني، يعني أننا نتوجه نحو تأسيس الدولة المدنية وما تنتجه من مناخات معتدلة في القوانين والحريات والحقوق والتمثيل السياسي وتداول السلطات وبناء دولة مؤسسات تسعى لتوزيع الفرص على نحو متساو». ميثاق الإعلان عن «تجمع نساء لعراق مدني» الذي ألقته الأكاديمية سهير متعب، جاء فيه «نحن مجموعة من الناشطات العراقيات من مختلف الأجيال نتعهد أن نعمل من أجل عراق مدني يسود فيه السلام وحماية حقوق الإنسان ومشاركة المرأة في صنع القرار على المستويات كافة».

ويتضمن الميثاق أيضا، أن «الدولة المدنية تؤكد على أن جميع الأفراد متساوون أمام القانون، وتضمن حرية الصحافة والتعبير الفني والفكري والعبادة والملكية الخاصة واستخدام ثروة الدولة من أجل رفاهية الفرد»، وأن «صفات المدنية هي الأساس في الديمقراطية ويجب أن يكون صنع القرار بيد الشعب من خلال تفعيل المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في صنع العراق وفي جميع المجالات على الصعيد المحلي والإقليمي وذلك من خلال تفعيل الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة وإلغاء القوانين للتمييز المجحف وتعديل قانون الأحوال الشخصية ومعالجة معضلة الأرامل والمشردات والنازحات بما يتناسب حقوق الإنسان». وجاء في الميثاق، أن «تحقيق العدالة الاجتماعية يكمن في صلب الحقوق المدنية لتعزيز التنمية المستدامة والحماية الاجتماعية والمبادئ الأساس لحقوق الإنسان»، وأن «حرية الإعلام تكمن في صلب الديمقراطية وتتمتع بطابع حيوي لزيادة الشفافية والمساءلة في عملية صنع القرار، وأن القوانين المشرعة في هذا المضمار ينبغي أن تتضمن الحريات الأساس الضرورية».

وأكد (تجمع نساء لعراق مدني)، في ميثاقه أن «الحرية الشخصية تضمن حرية الأفراد بأن يعيشوا حياتهم الخاصة التي تتطلب عدم التدخل الحكومي والحماية من الإكراه، وأن يكون الأفراد أحرارا في تنمية مواهبهم ومتابعة مشاريعهم الخاصة»، وأن «تمكين المنظمات غير الحكومية من تعزيز القيم الاجتماعية والأهداف المدنية وتفعيل شراكة منظمات المجتمع المدني مع الحكومة لتسهم بجعل المواطنين على بينة من حقوقهم».

ولم يغفل التجمع التركيز على «حقوق ذوي الإعاقة في إطار اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الذي دخل حيز التنفيذ في الثالث من مايو (أيار) 2008 الذي انضم إليه العراق عام 2012»، وعلى أهمية «الحفاظ على الموروث الثقافي البغدادي ومشروع تنمية بغداد القديمة من المنطقة الواقعة ما بين شيخ عمر إلى باب الشيخ، ومن خط محمد القاسم إلى شاطئ دجلة، وإعادة إعمارها على صورة سكنية حديثة».

وطالبت المشاركات بـ«تطوير الرعاية الصحية الشاملة بغض النظر عن الخلفية والاحتياجات المالية، وتعزيز الرعاية المنزلية، ورعاية كبار السن، والوقاية في مجال الصحة النفسية»، وبـ«تشريع قانون لرفع مؤهلات الشباب العراقي من خلال تمويل معاهد يديرها القطاع الخاص لتطوير قابلية اللغة الإنجليزية، وتمكينهم من التقديم لأفضل الجامعات في الخارج ليلعبوا دورهم في بناء مستقبلهم والإسهام في التنمية الشاملة بالإضافة إلى تشريعات أخرى لرفع كفاءة الشباب العامل والمزارع والكاسب».