تزايد الاهتمام بجراحات التجميل في بغداد

البوتوكس وغيرها تدرّ على الأطباء أرباحا كبيرة

يوجد أقل من ستة جراحي تجميل في البلاد، كما أنه على المريض أن يوفر البوتوكس أو السليكون بنفسه (رويترز)
TT

لم تكن مريضة الدكتور عباس السهان من ضحايا الحرب، ولم يكن لديها ندبة تحتاج إلى جراحة تجميل، بل إنها كانت ترغب فقط أن يصبح لها أنف جذاب، وقد حصلت عليه.

وفي حديث معها بعد إجراء الجراحة وإزالة الضمادات واختفاء الالتهابات، كانت سارة سعد عبد الحميد، 23 عاما، تبدو في حالة من السعادة الغامرة. وقد دهش الأصدقاء عندما زاروها «من حجم التغير الذي طرأ على وجهها» فتقول سارة: «لقد شبهوا أنفي بأنف نيكول كيدمان!».

جدير بالذكر أن عمليات التجميل لم تتوقف حتى في أسوأ فترات العنف التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. والآن وبعدما هدأت الأوضاع في البلاد، عادت جراحات الأنف والبوتوكس وشفط الدهون.

ومن جهته قال السهان لوكالة «أسوشييتد برس»، وهو من جراحي التجميل البارزين في بغداد، إنه يجري نحو 20 عملية جراحية أسبوعيا، تجرى 70 في المائة منها على النساء. وخلال ذروة القتال كانت عمليات التجميل ترتكز على علاج الجرحى، ولكن معظم العمليات الجراحية التي تجرى الآن ليس لها صلة بالحرب. فيقول السهان: «عندما تتحسن الأوضاع الأمنية والأوضاع الاقتصادية سوف تتزايد معدلات عملنا».

وقد تزايد الاهتمام بجراحات التجميل منذ سقوط نظام صدام حسين ونهاية العقوبات الاقتصادية التي كانت تعزل العراق عن التأثر بالتوجهات العالمية والثقافة السائدة بالعالم الخارجي. بالإضافة إلى أن الأطباء الذين كانوا قد هربوا خوفا من العنف بدأوا يعودون إلى البلاد.

ولكن السهان أضاف أن عمليات التجميل ليست متوافرة تماما، حيث يوجد أقل من ستة جراحي تجميل في البلاد، كما أنه على المريض أن يوفر البوتوكس أو السليكون بنفسه.

وبالطبع لا تستدعي عيادة السهان ذات الأرائك المهترئة والسلّم الذي تنبعث منه رائحة القطط إلى الذاكرة جراحي التجميل الذين يظهرون في مسلسل «نيب تك» الشهير، ومع ذلك كانت غرفة الانتظار في إحدى الليالي الماضية تعج بالمرضى الذين يكتظون حتى في الردهة.

ويلعب معظم جراحي التجميل في بغداد دورا مزدوجا، حيث إنهم يجرون جراحات إعادة البناء، التي تجري في أغلب الأحوال للمرضى من جرحى الحرب في المستشفيات الحكومية، كما يجرون جراحات التجميل على المستشفيات الخاصة.

وبالطبع تدر جراحات التجميل على الأطباء أرباحا أكبر نظرا لأن العملاء يدفعون لهم أجرهم نقدا، الذي يصل إلى 600 دولار في جراحة الأنف، فيما تبلغ تكلفة عمليات زيادة حجم الصدر 1200 دولار، ويجب على المرضى استيراد السليكون من الخارج. ويتم حقن البوتوكس لإرخاء العضلات وإخفاء التجاعيد، وهو متوافر في الصيدليات العراقية.

وينتشر الطلب على عمليات التجميل حتى بين أوساط المتدينين، ولكن لأن العراق دولة إسلامية فقد لجأ البعض إلى استشارة رأي آية الله علي السيستاني، وهو من أهم الشخصيات الدينية الشيعية في البلاد. وقد قال في الفتوى المنشورة على موقعه الإلكتروني إن زرع الشعر محبب أكثر من ارتداء الشعر المستعار الذي يمكن أن يسقط خلال الصلاة، كما قال إن جراحات شفط الدهون والجراحات التي تستهدف تصغير أو تكبير حجم الصدر جائزة ما دام الطبيب الذي يجري الجراحة سيكون امرأة.

ولكنّ جراحي التجميل في بغداد أكدوا أن المرضى نادرا ما يفكرون في الناحية الدينية في تلك المسألة، وأنهم لا يطلبون اختيار جنس الطبيب الذي سيجري الجراحة.

ومن جهة أخرى، يجلب الكثير من الناس صورا لأشخاص مشاهير يرغبون في أن يتشبهوا بهم، كالنجمة اللبنانية المحبوبة نانسي عجرم أو إليسا.

وتتطلب جراحات التجميل أن يكون لدى الطبيب لمسة فنية، وفقا للسهان الذي أضاف: «إذا لم يكن لدى الطبيب حس فني فإنه لا يستطيع إجراء جراحات التجميل. فلا توجد أنف تشبه الأخرى، فكل مريض يعد حالة متفردة».

وتقول إحدى السيدات، 30 عاما، وقد طلبت عدم الإفصاح عن هويتها لأنه لا أحد يعلم بأنها تجري جراحة بالأنف، إنها كانت تعاني من عدم إعجاب والدة خطيبها بأنفها، فتقول: «يتقدم السن وينفد الوقت، ويجب على المرء أن يسعى لأن يصبح أجمل»، وأضافت أنها لا ترى أي تعارض ديني.

ومن جهة أخرى يقول الطبيب العراقي فلاح عبد الحسين الشمري الذي يدير عيادة خاصة في بغداد: «يتزايد عدد المرضى الذين يأتون إلينا يوما بعد يوم، فقد كان العراقيون قبل ذلك محرومين من مثل تلك الخدمات التجميلية لأنهم كانوا غير قادرين على السفر. ولكن بعد الحرب أصبح هناك انفتاح على العالم الخارجي، وأصبح الناس مهتمين بإجراء الجراحات التجميلية».

وهناك تغير آخر يرجع إلى عودة الأطباء - وهم أكثر الفئات التي كانت تتعرض للاختطاف خلال التمرد - من المنفى الاختياري، فقد قضى الشمري الفترة من 2005 إلى 2007 في لبنان التي تعد عاصمة جراحات التجميل في الشرق الأوسط، ولكن ما زالت هناك مخاوف أمنية في البلاد، ولذا رفض السهان ذكر عنوان العيادة أو ساعات عمله بالمستشفي في حال كان هناك خاطفون يتربصون به.