ترحيب بتخصيص «الشرق الأوسط» صفحة للمياه كأول انطلاقة للإعلام المائي

مطالبة جماعية بمضاعفة جهود الإعلام تجاه الاهتمام بقضايا المياه

TT

تشير الدراسات والأبحاث الى ان قضايا المياه تعد من أهم القضايا الحيوية المرتبطة بشؤون الحياة بكافة نواحيها السياسية والاقتصادية والمحلية بشكل مباشر، هذا الوضع يحتم على أجهزة الاعلام القيام بدور أكثر فاعلية تجاه هذه القضية الاستراتيجية كونه الجهاز الأهم في الربط المباشر بين كافة شرائح المجتمع.

«الشرق الأوسط» التقطت المبادرة وطرحت تساؤلا حول ما قدمه الاعلام بكافة انواعه لخدمة هذه القضية. في هذا المجال يعتقد الدكتور صالح العواجي، وكيل وزارة المياه والكهرباء السعودية لشؤون المياه بالنيابة، إن الإعلام مرآة حقيقية لعكس وجهات النظر المختلفة وأهمها نقل وجه نظر المستفيدين من خدمات المياه والصرف الصحي ومطالبهم، مؤكداً أن المسؤولين ـ خاصة وزير المياه والكهرباء وكيل الوزارة لشؤون المياه ـ على اطلاع بما يهم المواطن في شأن المياه، ويستدرك بقوله «لكن الإعلام بكافة أنواعه وكذلك وجهة نظر المسؤول والمتخصصين الى جانب الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى تعد أهم وسائل نقل وتبادل وجهات النظر» مثمناً خطوة «الشرق الأوسط» بتخصيص صفحة للمياه، وقال انها خطوة موفقة وغير مسبوقة، إذ ان قضايا المياه تحتاج للمزيد من التركيز بالطرح الإعلامي الواعي، داعيا إلى انتهاج الطرح المتوازن بعيداً عن الأطروحات العاطفية الانفعالية ووجهات النظر الخاطئة والتحيز والتشبث بالرأي الواحد.

من جانبه يرى عبد اللطيف المقرن، رئيس مجلس إدارة جمعية علوم وتقنية المياه بدول مجلس التعاون الخليجي، أن الصحافة مقصرة في إعطاء المياه ما تستحقه رغم أهميها البالغة «خاصة في أيامنا هذه التي أصبحت مواردنا المائية وخاصة الجوفية منها في تناقص مستمر، وأصبحت البلدان متعطشة لكل قطرة ماء وتدخل في هذا الاطار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تقع ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة من دول العالم، ولا يتعدى هطولها المطر أكثر من 50 ـ 70 مليمترا سنويا». ولا شك بأن الإعلام بجميع جوانبه، المقروء منه أو المسموع أو المرئي، يقع عليه دور كبير في إيصال رسالة ذات أهمية لشرائح كبيرة حول أهمية المياه.

وفي ذات الجانب يؤكد الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ، المشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود بالرياض، أن الإعلام أعطى قضية المياه حقها بما يتناسب وأهميتها وبالذات في بلد كالسعودية التي تقع في قلب المناطق الجافة وتفتقر للأنهار، وقال إن المياه محدودة وقد تعرضت لاستنزاف بسبب النمو الزراعي والسكاني والتوسع الأفقي لكليهما وتغير أنماط استهلاك المياه بينما الأمطار محدودة. وقال «اعتقد ان على الإعلام دورا رئيسيا في توعية وإرشاد المواطن للترشيد في الاستهلاك عبر أساليب محببة للنفس مستندة إلى ديننا الإسلامي وتراثنا الوطني مع إيضاح كامل لوضع المياه الآني». كل ذلك في ظل النمو السكاني والتوسع الأفقي وتسليط الضوء على وسائل لتنمية الموارد المائية مثل مشروع حصاد الأمطار الذي ينفذه مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء.

وفي نفس السياق يرى علاء بخاري، مدير مركز البيئة والمياه بمعهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، أن تخصيص صفحة للمياه في صحيفة «الشرق الأوسط» يعتبر خطوة رائدة على مستوى الإعلام المكتوب في السعودية، وقال «لو نظرنا من حولنا لوجدنا أن الكثير من دول العالم وعلى الرغم من توفر مصادر المياه لديها (أنهار جارية وبحيرات ومياه جوفية) تضع موضوع المياه في أولوياتها على مختلف الاصعدة سواء من نواحي البحث والتطوير أو استراتيجيات إدارة موارد المياه والتخطيط لها أو التمويل، بالإضافة إلى النواحي الإعلامية، وذلك لإدراكها بأن المياه سلعة إستراتيجية ـ إن صح التعبير ـ قابلة للنضوب ولا غنى عنها لاستمرار النماء والتقدم لدى الدول والشعوب».

من جانبه يرى الدكتور عبد العزيز البسام الأستاذ المشارك في جيولوجيا المياه ووكيل كلية العلوم للشؤون الإدارية والمالية، ان «الإعلام بكل أنواعه يبذل جهودا طيبة لمتابعة اخبار المياه ولكنه يحتاج إلى تفعيل جهوده لمناقشة المشاكل المائية بجوانبها الحيوية، وعلى الإعلام توعية المستهلك بأهمية المياه حتى لا تلومنا الأجيال المقبلة في إهدار هذه الثروة وذلك من خلال التوجيه والتوعية بترشيد استهلاك المياه والتلوث المائي والجوانب المتعلقة بالعلاقة بين المياه والبيئة».

من جانب آخر، يرى الدكتور فهد الكليبي، أستاذ علم المناخ المشارك ورئيس قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، أن التغطية الإعلامية لشؤون المياه أفضل من السابق إلا انها لا تزال تحتاج للمزيد من الجهود خاصة في ما يتعلق بالجوانب المرتبطة بالمياه بشكل عام، وترشيد استهلاك المياه بشكل خاص على أن تكون مدعمة بالأرقام ونتائج الدارسات المتعلقة بشؤون المياه واستشراف مستقبل المياه بشكل عام. ويرى الدكتور حمزة احمد بيت المال، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، أن الإعلام لم يعط شؤون المياه حقها الذي يتناسب مع أهميتها إذ لا بد من تحويل القضية الى هاجس وطني لجميع شعوب العالم العربي وخاصة بالنسبة للسعودية التي لا توجد بها مصادر مياه مستديمة وتعتمد بشكل أساسي على مياه التحلية، ويمكن التحكم باستهلاك المياه بالنسبة للفرد ليس بالاعتماد فقط على رسائل التوعية والإعلانات المباشرة وإنما عن طريق تكثيف التوعية الإعلامية باستخدام أشكال تعبيرية ذات قبول من المستهدفين. من الجانب الاقتصادي يرى الدكتور حمد الحوشان، أستاذ الاقتصاد الكمي بجامعة الملك سعود، أن على الإعلام تبني وجهة نظر المستهلك لأنه هو المستهدف من خدمات المياه والصرف الصحي، كما ينبغي عدم وضع اللوم عليه في إهدار المياه وإنما لا بد من قيام الدولة بمراجعة دورية لشبكات المياه والصرف الصحي لكشف التسريبات في تلك الشبكات. ودعا الدكتور عادل بشناق، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة ورئيس اللجنة المنظمة لمنتدى جدة 2005 للمياه والطاقة، وسائل الإعلام إعطاء قضايا وشؤون المياه اهتماما أكبر يتناسب مع أهمية شؤون المياه لصحة ورفاهية المجتمع، وذلك عبر تشجيع ودعم شباب الإعلام المتخصص من قبل مسؤولي الإعلام وذوي الاختصاص والخبرة، ويتم تحقيق ذلك بالتعاون والتكامل بين رجال الإعلام وذوي الاهتمام بشؤون المياه شريطة حرص شباب الإعلام المتخصص على تواصل تعلمهم الذاتي عن كل جديد ومفيد في مجال تخصصه.

ونفى المهندس صالح الغامدي، المتخصص في تقنية أنظمة التحكم والمراقبة الآلية للمياه، أن يكون الإعلام قد أعطى المياه حقها من التغطية التي تتناسب مع أهميتها.