سعودي يضع خطة شاملة لمواجهة التحدي العالمي في نقص مياه الشرب

ترتكز على تشكيل تكتل جديد يعرف بمجموعة العشرين

TT

وضعت الامم المتحدة معضلة نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي التي تواجه اغلب دول العالم على رأس اولويات التنمية في قمة الالفية 2002، كانت اولى الخطوات الفعالة في فبراير (شباط) الماضي عبر منتدى عالمي نظم من قبل مؤسسات علمية كندية، وجهت فيه الدعوات للعلماء والمختصين في مجال المياه على مستوى دول العالم لوضع خطط شاملة، ومن ضمن تلك الخطط ما قام به عالم سعودي بعمله خطة شاملة لمواجهة التحدي العالمي في نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي كمجهود شخصي. صفحة المياه هذا الاسبوع التقت بمبتكر الخطة الدكتور وليد بن احمد عبد الرحمن استاذ موارد المياه ومدير قسم المياه في معهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومدير الهيئة الدولية للمياه، وذلك للتعرف على قصة نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وأبرز ملامح خطته لحل هذه المعضلة العالمية، فالى الحوار...

> ما هي ابعاد مشكلة نقص المياه وخدمات الصرف الصحي على المستوى العالمي؟

ـ يمكن القول، وبدون مبالغة ان قضايا المياه، من بين جميع القضايا البيئية والتنموية، لها التأثير الاضخم على الحياة وعلى الارض. ولبيان ابعاد آثار نقص المياه الصالحة للشرب، وكذلك خدمات الصرف الصحي خصوصا في دول العالم الثالث، فان هناك اكثر من 1.1 مليار انسان محرومون من المياه الصالحة للشرب، واكثر من 2.3 مليار انسان محرومون من خدمات الصرف الصحي، ونتيجة لذلك، فان 2 مليون حالة وفاة تحدث في السنة، ونحو 80% من الامراض مرتبطة بالمياه بصورة مباشرة او غير مباشرة. وعلى سبيل المثال، يموت في الصين نحو 64 ألف انسان سنويا بامراض تحدث نتيجة لتلوث المياه، ويخسر نحو 7 ملايين طفل 6.5 نقطة على مقياس الذكاءIQ نتيجة تناولهم اطعمة وشربهم لمياه ملوثة بالرصاص والزئبق ومعادن ثقيلة اخرى، ولقد دفعت شدة ازمات نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي منظمة الامم المتحدة الى الاعلان، في قمة الالفية وقمة عام 2002 الدولية للتنمية المستدامة للتطوير المستدام ان اول اهداف التنمية للالفية الجديدة هو توفير مياه الشرب السليمة وخدمات الصرف الصحي، خصوصا في الدول النامية التي تتركز فيها هذه المشكلة، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي بذل الجهود لمساعدة الشعوب النامية لانقاص العجز في مياه الشرب السليمة وخدمات الصرف الصحي وبنسبة 50% بحلول عام 2015، واذا ما اخذنا في الحسبان النمو السكاني؛ فاننا سنجد ان عدد الذين يجب ان توفر لهم مياه الشرب السليمة يبلغ نحو 630 مليونا وخدمات الصرف الصحي نحو 1.4 مليار لتحقيق اهداف التنمية للالفية الجديدة، على اقل تقدير.

> ما اسباب التأخر في مواجهة الدول لهذا التحدي الكبير المتمثل في نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي؟

ـ مع دخولنا الى عام 2005، فانه ما زال هنالك قصور كبير في تحقيق اهداف الالفية الجديدة في مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وتعود الاسباب الى عدم وجود الارادة السياسية لدى العديد من الدول النامية لتحقيق هذا الهدف وعدم توفر الاطر القانونية والتشريعية والتنظيمية لتحقيق هذا الهدف ونقص التمويل المالي لمواجهة هذه المشكلة والافتقار الى القوة البشرية، والتقنية، والبنية التحتية، والقدرات المؤسساتية، لذا فانه قد حان الوقت لعمل جاد وسريع وحاسم على المستوى الدولي لمواجهة هذا التحدي الذي يواجه مستقبل البشرية خصوصا في الدول النامية. > ما الخطوة الاولى لحل هذه المشكلة؟

ـ اعتقد ان اول خطوة في الخطة الشاملة المقترحة هي تكوين مجموعة من عشرين دولة تدعى مجموعة العشرينL20 تتولى الريادة العالمية لحل هذه المشكلة، وتضم في عضويتها الدول الثماني الكبرىG8 وهي كندا بريطانيا وامريكا وفرنسا وايطاليا والمانيا واليابان وكندا وبالاضافة الى اثنتي عشرة دولة تمثل الدول النامية ذات التعداد السكاني الكبير والاكثر معاناة من هذه المشكلة كالصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا وبنغلاديش واندونيسيا ومصر ونيجيريا وتركيا والمكسيك وكوريا الجنوبية بالاضافة الى السعودية كقوة اقتصادية وتقنية، وهذه المجموعةL20 تمثل قاعدة عريضة ولكنها ضيقة بحيث تشكل وحدة لاتخاذ القرارات، وتجمع بين القوة والمرونة، بحيث تمكن المجموعة من اخذ القرارات القيادية الحاسمة على المستوى الكوني في هذه المسألة غير الخلافية.

> ما الاسباب التي تجعل دول مجموعة العشرينL20 تبادر لحل مشكلة المياه السليمة والصرف الصحي على المستوى العالمي؟ وما هي الفوائد التي ستجنيها؟

ـ تتلخص بان دول مجموعة العشرين تحوي 73% من سكان العالم الذين لا تتوفر لديهم خدمات صرف صحي مناسب، وعلى 58% ممن لا تتوفر لديهم مياه شرب سليمة. وعليه فان القضية وثيقة الصلة بدول مجموعة العشرين وكذلك فان حل هذه المشكلة يمكن ان يحدث تحسنا كبيرا في المستويات الصحية، ويمكنها المساهمة في انقاذ حياة الملايين. مما ينتج عنه تخفيض الانفاق على الصحة وهذا ينسجم مع التحسينات التي ستتطرأ على الخدمات الصحية العامة الحالية وايضا من ناحية ان التكاليف ستكون معقولة التي ستتحمله حيث تقدر التكاليف السنوية للصرف الصحي لتحقيق اهداف التنمية للالفية بنحو 9.5 مليار دولار امريكي، بينما يبلغ التقدير المتوقع لتامين مياه الشرب السليمة بنحو 1.8 مليار دولار امريكي. وهذه المبالغ تقل كثيرا عن مساهمات الدول المتقدمة مثل مجموعة الثمانيG8 في جهودها الجماعية والفردية المبعثرة حاليا ومن خلال المنظمات الدولية على امور تتعلق بالمياه إضافة الى ان العوائد الاقتصادية ستكون كبيرة.

وان معظم المكاسب الاقتصادية لهذه المنافع تأتي من تقليل الوقت للعمل بتقليل الامراض من جراء توفير المياه والصرف الصحي، ورفع إنتاجية الأفراد البالغين، ومكاسب في عدد الايام الدراسية، وتخفيض التشخيصات الطبية وعدد مرات العلاج وكذلك فإن هذه المبادرة منسجمة مع اولويات منظمة الأمم المتحدة.

> ما مكونات الخطة المقترحة؟

ـ تتلخص اهم عناصر الخطة المقترحة في إنشاء مفوضية دولية للمياه، تكون تحت إشراف مجموعة الدول العشرين، للإشراف على اعداد وتنفيذ خطة عمل شاملة رئيسية لحل المشكلة، ويجب ان تدعم المفوضية الدولية للمياه عن طريق إنشاء هيئة خبراء عالميين متخصصين في شتى مجالات المياه والصرف الصحي، وكذلك توفير الأدوات الاساسية لتوفير وسائل النجاح للخطة بالقيام بحملة توعية دولية عن اهداف ومنافع الخطة المقترحة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية، وانشاء شبكات جغرافية افقية متعددة من الهيئات والجهات الحكومية وغير الحكومية ومن المستفيدين من هذه الخدمات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بالاضافة الى شبكات عمودية للربط مع المنظمات الدولية، ويمكن من خلال المفوضية الدولية للمياه تنسيق مشاركة اكبر عدد ممكن من الشركاء النشطين لتحقيق اهداف الخطة لتبادل الخبرات والتقنيات والمعرفة وبناء برنامج تطوير الكفاءات البشرية والمؤسساتية اللازمة لتنفيذ الخطة على مستوى كل دولة، لذا فانه يتوجب الالتزام ببناء هذا البرنامج الذي سيركز بالأساس على تنمية الموارد البشرية من خلال تدريب المتخصصين الذين يحتاج اليهم في البدء بتطبيق خطة مياه الشرب والصرف الصحي. وسيؤدي ذلك وبطريقة غير مباشرة الى نقل المعرفة والتقنية بفعالية من دول الشمال الى دول الجنوب، ومن دول الجنوب الى دول الشمال، ويجب الالتزام ومن خلال المفوضية الدولية للمياه بالقيام ببرنامج دولي للمراقبة والتقييم لكافة مراحل تنفيذ هذا البرنامج على المستويات المحلية والإقليمية وإجراء التعديلات اللازمة على الخطة حسب الحاجة من اجل ضمان نجاحها في تحقيق الاهداف المرجوة منها والالتزام بإكمال الجهود المحلية والدولية القائمة حاليا في مجالات مياه الشرب والصرف الصحي للاستفادة من الوضع القائم، وذلك من خلال تنسيق المفوضية الدولية للمياه مع الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين. ويجب الالتزام بالاستفادة من الجهود الحالية لكافة الدول بما فيها دول مجموعة الثماني والتي تم الالتزام بها في قمة 2003م في خطة عمل للمياه من خلال الاستعانة بهيئة من الخبراء المتخصصين العالميين في شتى مجالات المياه والصرف الصحي من اجل تقديم المشورة الفنية والعلمية في شتى مجالات مياه الشرب والصرف الصحي المتعلقة بالخطة. كما يجب الالتزام باستخدام التقنيات منخفضة التكاليف في الخطة المقترحة.

> ما هي اولويات تنفيذ الخطة المقترحة؟

ـ يجب إعطاء اولويات تنفيذ الخطة في الدول النامية مع الأخذ بالاعتبار إعطاء الاولوية لافقر البلدان والتي تعاني بشكل كبير من النقص الحاد في توفير المياه السليمة والصرف الصحي وإعطاء الاولوية للبلدان التي لديها سياسات وطنية واضحة للمياه، والتي تتبنى الادارة المتكاملة للمياه في تنفيذ هذه السياسات وإعطاء الاولوية للبلدان التي لديها دعم مالي كافي ولكنها تفتقر الى المهارات التقنية والتشغيلية والادارية.