مختصون يقللون من كفاءة المرشدات الموزعة ضمن حملة ترشيد المياه

لعدم تطابقه مع المواصفات العلمية وتغطيته كافة مخارج المياه

TT

دخلت الحملة الواسعة التي تنفذها وزارة المياه والكهرباء لترشيد المياه بالسعودية مرحلتها الثالثة التي تستهدف ترشيد استهلاك المياه بمرافق القطاع الخاص.

ونفذت الوزارة في المرحلتين الاوليين حملة واسعة شملت جميع المناطق لترشيد استهلاك المياه عبر توزيع حقائب تحتوي على أدوات معينة على الترشيد، استهدفت الشقق والفلل السكنية تلتها المرحلة الثانية التي استهدفت القطاع الحكومي والأماكن العامة.

عدد من المواطنين المهتمين تساءلوا عن مدى كفاءة أدوات الترشيد الموزعة لتحقيق الهدف المنشود!.

صفحة المياه طرحت التساؤل ـ المشروع ـ على المختصين في مجال أدوات الترشيد للوصول الى تقييم كفاءة تلك الأدوات من الناحية العلمية والصناعية، لتحقيق أفضل وسيلة للترشيد حماية لهذه الثروة الغالية من الضياع.

في الجانب العلمي، تحدث الدكتور يوسف الرميخان، الأستاذ المساعد في مصادر المياه في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، لـ «الشرق الأوسط»، عن حملة وزارة المياه بقوله: «ان الحملة التي تنفذها الوزارة خطوة جيدة في مجال ترشيد المياه، لكن المهم في الأمر ان أدوات الترشيد التي توزع حاليا ليست ذات كفاءة في ترشيد المياه، لأنه لم يراع في تصميمها الأسس العلمية الكفيلة بإيجاد أفضل الظروف التشغيلية لتلك الأدوات، التي من أهمها المواصفات الفنية التي تعتمد على معادلات علمية، تربط بين ضغط وتدفق المياه، ومدى استجابة تدفق المياه للضغط».

وواصل الدكتور الرميخان: »على ان أدوات ترشيد المياه الفعالة هي التي تقلل من تدفق المياه من مخارجها المباشرة، كذلك التي تؤدي لملامسة اليد البشرية أو أي جزء من جسم الإنسان بكل كفاءة، ملبية لكافة الاحتياجات البشرية دون إهدار للمياه أو نزول فضلات مائية، وهذا ما لم يتحقق في أدوات الترشيد الموزعة من قبل وزارة المياه». واعتبر ان الاختبارات التي قامت بها الوزارة على تلك الأدوات اعتمدت على طرق ارتجالية لتقييم كفاءتها، وأغفلت الطرق العلمية المفترض اتباعها في هذا الصدد.

وتابع الدكتور الرميخان، الذي قام بمشروع بحثي استغرق أكثر من 8 سنوات وبتكلفة 4 ملايين ريال (مليون وسبعة وستين الف دولار أميركي)، قبل بداية حملة وزارة المياه الحالية لدارسة أدوات ترشيد المياه: »ان الوزارة لم تستفد من هذه الدارسة، بالرغم من علم المسؤولين بالوزارة بها من خلال زياراتهم المتعددة للمشروع بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، كما انني اعمل مستشارا غير متفرغ لدى وزارة المياه. فلو أن الوزارة استعانت بنا لحققت نتائج أفضل لترشيد المياه».

وبين الدكتور الرميخان انه توصل من خلال مشروعه البحثي إلى ابتكار وتصنيع جهاز بتكلفة 600 الف دولار لتقييم كفاءة أجهزة ترشيد المياه، كذلك قاعدة بيانات ضخمة تصل الى 600 صفحة، تحصر أدوات ترشيد المياه وتصنيفها ومواصفاتها وكيفية الوصول إلى أفضلها على مستوى العالم، وقال ان عددا من الدول العربية اتصلت بهم للاستعانة بخبراتهم في هذا المجال.

من جهة أخرى، قالت مصادر متخصصة في صناعة ادوات ترشيد المياه، لـ »الشرق الأوسط»، انه لتحقيق ترشيد المياه بكل كفاءة، ينبغي أن يكون النظام المعمول به لترشيد المياه مرتكزا على تغطية كافة المخارج المباشرة للمياه منعا لإهدارها. وبناء على ذلك، ومن خلال تقييم حقيبة ترشيد المياه الموزعة من الوزارة يتضح انه لم تغط هذا الجانب المهم ـ حسب وصفهم. وتابعت المصادر ان مخارج المياه المباشرة في كافة المواقع هي سبعة مخارج، تتمثل في خلاط المغسلة، وخلاط المطبخ، والصنبور العادي، وصنبور الحدائق، ومغاسل السيارات، وخلاط البانيو، وخلاط الحمام الإفرنجي »البيديه»، والشطاف. وهناك مخرج واحد غير مباشر هو السيفون.

بالرجوع إلى حقيبة الترشيد وتقييمها من هذا الجانب، نجد انها غطت ثلاثة مخارج فقط من المخارج المباشرة، وهي المغسلة والمطبخ والصنبور العادي، بينما أهملت المخارج المباشرة الباقية، بالرغم من استهلاكها العالي من المياه.

ووفقا لتلك المصادر، فإن مرشدي خلاطي المغسلة والمطبخ من المفترض ان يرشدا نسبة 41.7 في المائة من المياه المتفقة في الدقيقة، إلا انهما وبالتجربة العملية لا يخفضان سوى نسبة 17 في المائة فقط، لأنه لم يراع في تصميمهما عامل ضغط المياه. لافتين الانتباه إلى ان مرشد خلاط المطبخ، يحتوي على صفايات معدنية تؤدي الى انسداده سريعا، وتعرضه للصدأ، مما يوثر على الصحة ويقلل من عمره الافتراضي.

وأشارت المصادر إلى ان المرشد المستخدم في الصنبور العادي الموجود بكثافة في المساجد والمدارس يستخدم نفس مرشد المغسلة، وهو لا يتناسب مع الصنبور لكونه مصنوعا للاستخدام في الاماكن التي لا تعاني من ضغط مثل المساجد، كما ان ارتفاع الخزان عادة ما يكون على مقربة من دورات المياه.

وأضافت، انه بالرغم من الاستهلاك العالي لخلاط البانيو الذي يصل للفرد الواحد إلى معدل 20 لترا بالدقيقة، الا انه لا يوجد في الحقيبة مرشد مخصص لخلاط البانيو· كذلك لا يتوفر مرشد مخصص للحمام الإفرنجي »البيديه»· ولا يوجد ـ أيضا ـ مرشد مخصص للشطاف، بالرغم من ذكر وجوده ضمن الحقيبة على موقع الوزارة على الإنترنت، وفي الحملات الإعلانية لحملة الترشيد.

كذلك لا يوجد مرشد مخصص لصنابير الحدائق ومغاسل السيارات، مع إن استهلاكهم عال بسبب عدم وجود أي قطعة تحجز الماء، مثل القطع العادية الموجودة في الخلاطات.

واعتبرت المصادر ان أكياس الإزاحة الموجودة ضمن الحقيبة، والمخصصة لصناديق الطرد »السيفون»، وهو مخرج غير مباشر للمياه، غير عملية، حيث ان عدة السيفون المتوفرة بالأسواق تمكن أي عامل فني من التحكم بالمياه المتدفقة من السيفون بأكثر من طريقة.

واستغربت المصادر ما ورد في موقع الوزارة على الإنترنت، في الجزئية الخاصة بطرق وأدوات الترشيد الذي أشار ـ عند الحديث عن صندوق الطرد ـ الى ان وضع كيس بلاستيكي أو قطعة خرسانية يمكن ان يقلل أيضا كمية المياه المستخدمة في كل مرة عند استخدام «السيفون»، وهذا يدل على انه كان بالإمكان الاستغناء عن أكياس الإزاحة الموجودة بالحقيبة، ما دام ان الكيس البلاستيكي أو القطعة الخرسانية تفي بالغرض بالنسبة لصناديق الطرد، وهذا يوفر من تكلفة الحقيبة.

ومنطلق تأكيدهم على عدم كفاءة أدوات الترشيد عبر حقائب الترشيد الموزعة من قِبل وزارة المياه، ضمن حملة الترشيد بالسعودية، وصفت المصادر تلك الأدوات بـ «مخفضات للمياه»، وليست مرشدات للمياه، معللين وصفهم هذا بأن المخفضات تعتمد على عاملين: الأول، فتحات ضيقة لتمرير المياه من خلالها· والعامل الثاني، وجود قطع معدنية لخلط المياه بالهواء· بينما المرشدات تعتمد على مفهوم علمي حديث يتحكم بتدفق المياه عن طريق التحكم بضغط المياه، وهذا ما يدل على وصفهم بعدم كفاءة تلك الأدوات. من جانب آخر، أوضحت مصادر في مراكز أبحاث مائية جامعية سعودية، عدم استشارة وزارة المياه بشأن إيجاد مواصفات لأدوات ترشيد المياه الموزعة ضمن حملة الترشيد، مؤكدين وجود مختبرات لديهم لكشف مدى جودة وكفاءة تلك الأدوات.

ووفقا لبعض المستهلكين في الرياض وجدة والدمام، استطلعت «الشرق الأوسط» رأيهم حول ملاءمة أدوات الترشيد الموزعة، أوضحوا عدم استطاعتهم تركيب تلك الأدوات لعدم ملاءمتها لمخارج المياه بمنازلهم، كذلك عدم معرفة الفنيين لتركيبها.