دراسة: صلاحية مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا في الأعمال الإنشائية

من منظور بيئي واقتصادي

TT

أكدت دراسة بحرينية متخصصة على إمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا في الاعمال الإنشائية في مملكة البحرين، عوضا عن المياه العادية، من دون ان تغير في خصائص الخرسانة طبقا للمواصفات العالمية المعتمدة.

واستنتجت الدراسة إمكانية استخدام مياه الصرف المعالجة ثلاثيا في اعمال الخلط الخرساني وغسل الرمل البحري والمعالجة المائية الخرسانية. واثبتت الاختبارات المختلفة التي أجريت على الخرسانة بمختلف استخداماتها للمياه العادية، ومياه الصرف الصحي ثلاثيا، عدم وجود فروقات في جميع مراحل الاختبارات بين مختلف أنواع المياه.

وأوصت الدراسة التي أجراها المهندس عصام يعقوب الربيعان، استخدام المياه المعالجة لحل مشكلة استنزاف المياه الجوفية في مختلف الاعمال الإنشائية في مملكة البحرين، وذلك عبر تشجيع القطاع الصناعي في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا في مختلف الاعمال الإنشائية، والتوسع في رفع طاقة المحطة الرئيسية لمعالجة الصرف الصحي بالبلاد، وهي محطة توبلي التي يمكن إن تساعد في تطوير القطاع الصناعي، وتوقف استخدام المياه الجوفية بالمجال الصناعي، وإعداد دراسة جدوى خاصة لفرض تعرفة تعكس القيمة الحقيقية لاستهلاك المياه للاغراض الصناعية، ورفع درجة الوعي الإعلامي عند مصانع الاعمال الإنشائية للاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في مختلف اعمالهم، وإعداد دراسة خاصة لحصر كمية ونوعية المياه المستخدمة في مختلف الاعمال الإنشائية، والعمل على إعداد نماذج لمد شبكة جديدة لمياه الصرف الصحي المعالجة لمصانع الاعمال الإنشائية عن طريق استخدام نظام المعلومات الجغرافية، على ان تؤخذ بعين الاعتبار جميع المتغيرات ومستلزمات تلك المصانع، كالمياه المستخدمة وشبكات التوزيع وتصريف المياه الناتجة عن تلك الاعمال، وحركة التوسع العمراني، ومستوى المياه المطلوبة للمحافظة على مختلف الموارد المائية على بيئة خليج توبلي، التي تتأثر بشكل كبير من صرف المياه الناتجة عن تلك الاعمال، التي تكون محملة بكثير من المواد المضرة ببيئة الخليج، الأمر الذي ينعكس على البيئات الطبيعية المختلفة.

وأوضحت الدراسة ان استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة الثلاثية في الاعمال الإنشائية، يساهم في الاستفادة من التكاليف التي تصرف على معالجة مياه الصرف الصحي وتخفيف الاستنزاف الواقع على خزانات المياه الجوفية جراء سحب المصانع المعينة للمياه الجوفية التي تتعرض للتدهور والمساهمة الفعلية في تقليل العجز المائي بشكل عام والحفاظ على البيئة التي بدأت آثارها واضحة على الواقع المحلي بالبحرين.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في طرق توجيه مياه الصرف الصحي المعالجة، التي تصرف في غالبيتها العظمى في البحر نحو الاعمال الإنشائية وأهمها الاعمال الخرسانية، وعمليات غسل الرمل البحري، حيث ثبت من الدراسات استحواذ نسب كبيرة من جملة المياه المستهلكة من شبكة التوزيع والمياه الجوفية.

وأشار الباحث إلى ان استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الاعمال الإنشائية يساعد على تخفيف عجز المياه الجوفية في البحرين، وخفض التكاليف المستقبلية لإنشاء محطات تحلية مياه البحر. وأضاف ان الاستغلال الأمثل لمياه الصرف الصحي المعالجة يحقق وفرا اقتصاديا وحماية للبيئة على حد سواء. لهذا هدفت الدراسة إلى التعرف على كمية ونوعية مياه الصرف الصحي المعالجة بالبحرين، وعمل الاختبارات اللازمة لتوظيف تلك المياه في الإعمال الإنشائية، خصوصا في عملية خلط الخرسانة وعمليات غسل الرمل البحري، من اجل استخدام هذه المياه بهذه الاعمال بدلا من مياه شبكة التوزيع والمياه الجوفية.

وقد استخدمت في الدراسة ثلاثة أنواع من المياه لإجراء التجارب، وهي مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا من محطة توبلي وهي محطة المعالجة الرئيسية في البحرين· اما النوع الثاني، فقد كانت مياه جوفية محلاة بواسطة محطة تحلية خاصة بأحد مصانع الخرسانة بالبحرين، الذي اجري فيه تجارب قوة تحمل الخرسانة للضغط، وأطلق الباحث على هذه المياه اسم (المياه العادية) تسهيلا للغة عرض التجارب والنتائج.

اما النوع الثالث، الذي استخدم في هذه الدراسة فهو مياه صرف صحي معالجة من محطة توبلي، تمت فلترتها في مختبر جامعة البحرين من اجل تقليل نسبة الأملاح. وقد استخدمت هذه المياه في التجارب لمعرفة تأثير قلة الأملاح على الخلطة الخرسانية. وبدأت الدارسة بخلط مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا مع المياه العادية، ثم عمل تجارب على المدى القصير حسب المواصفات العالمية، كذلك على المدى الطويل لاختبار مدى قوة تحمل الخرسانة للضغط وللمعالجة.

وقد تم استخدام معالجة كل خلطة بمياه عادية ومياه صرف صحي معالجة ثلاثيا، وذلك من اجل معرفة إمكانية استخدام تلك المياه بدلا من المياه في المعالجة المائية للخرسانة، وقد أجريت تحاليل على عينات من مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا للتأكد من مطابقته للمواصفات المطلوبة في إعمال الخلط الخرساني.

ولاحظ الباحث تقارب نتائج اختبارات قوة تحمل الخرسانة للضغط في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا مع المياه العادية، التي تم اختبارها في نفس الظروف والمواد الساخنة. وتبين ان اختلاف النتائج لا يتعدى 10 في المائة، وهذا يعد مؤشرا جيدا لإمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا في الاعمال الإنشائية.

وقد لاحظ الباحث من مقارنة متوسط القراءات التي أجريت على مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا والمعالجة المائية بمياه صرف صحي معالجة مقارنة بالخلطة القياسية، ان اختلاف نوعية المياه المستخدمة في مجال المعالجة المائية لا يوثر على نتائج الخرسانة مما يدل على كفاءة استخدام تلك المياه في هذه العمليات بالرغم من أهمية الماء كأحد مقومات الخرسانة.

وينتقل الباحث بدراسته إلى جانب آخر للتأكد من إمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في عمليات غسل الرمل البحري. فقد اتجهت الشركات المتخصصة لمواجهة زيادة الطلب على الرمل في الاعمال الإنشائية وقلة توفره بحكم تضاريس البحرين إلى جلب الرمل البحري، وغسله ومعالجته للاستفادة منه في الاعمال الإنشائية التي تشهد ازدهارا بعد التطور العمراني بالبحرين.

وكانت خطة العمل المتبعة لإجراء اختبار مدى إمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا موزعة على أربع جهات: وهي محطة توبلي، وهي الجهة المانحة للمياه· ووزارة شؤون البلديات والبيئة البحرينية، وهي الجهة التي قامت بنقل المياه من المحطة إلى موقع العمل المراد بأحد مصانع غسل الرمل البحري بالبحرين. اما الجهة الرابعة فهي احد المختبرات الأهلية المتخصصة في اختبار جودة الرمل، ولقد تم تجهيز موقع العمل بكافة التجهيزات اللازمة لمثل هذه التجارب، كذلك كمية الرمل الراد غسله بالمياه العادية ومياه الصرف المعالجة ثلاثيا، وقد بلغت 10 أطنان.

وبدأت التجربة بتفريغ كمية المياه في خزان الآلة المستخدمة خصيصا لهذه التجربة وبدأ العمل في المصنع، وبعد الانتهاء من العمل اخذت ثلاث عينات عشوائية من الرمل المغسول بمياه الصرف الصحي، وأخذت نفس الكميات من الرمل المغسول بنفس الطريقة، ونفس الوقت بالمياه العادية المستخدمة بالمصنع وبطريقة عشوائية أيضا، كما تم اخذ ثلاث عينات وبنفس الطريقة السابقة من الرمل البحري غير المغسول وأرسلت إلى المختبر.

وتبين من نتائج التحليل ان فارقا في النتائج كان لصالح مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا متفوقة على المياه العادية.

الباحث خلص الى عدم وجود مشاكل في ما لو تم إحلال مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا، بدلا من المياه الجوفية ومياه شبكة التوزيع في اعمال غسل الرمل البحري، لما لذلك من مرود بيئي بالدرجة الأولى من حيث المحافظة على الآبار الجوفية والبيئة المحيطة بتلك للمصانع. وفي الجانب الآخر، تحقيق مرود اقتصادي على البحرين والمصانع على حد سواء.

ومن هنا فإنه يجب الاتجاه إلى استخدام تلك المياه في الاعمال الصناعية المماثلة لتخفيف العجز المائي الذي تعاني منه البحرين، والحفاظ على المياه الجوفية وإعطائها الفرصة في تجديد نفسها واستعادة مستوياتها المائية والملحية، والتخفيف من استهلاك مياه شبكة التوزيع واستغلالها الاستغلال الأمثل.

وقد حثت الدارسة على وجوب عمل دراسة لاستخدام مياه المحطة في القطاعات الاقتصادية واستغلالها اقتصاديا، في إطار الاستفادة من المياه المعالجة ومحاولة إعداد جزء من تكاليفها والمساهمة في تخفيف العبء عن الموارد المائية، خاصة ان استخداماتها لا تغطي تكاليفها السنوية، حيث تلقى المياه المعالجة ثنائيا إلى البحر بينا تستخدم المياه المعالجة ثلاثيا في التشجير.