د. الطخيس: أصحاب المصالح يضاعفون أرباحهم على حساب نضوب المياه

وكيل وزارة المياه يدعو لوقف تدفقها في 22 مارس من كل عام وتطبيق ردود الفعل الاستباقية

TT

دعا مسؤول رفيع في مجال المياه في السعودية إلى ان يكون للماء في السعودية اهتمام يليق بندرته وأهميته، كما نال سوق الأسهم هذه الأيام اهتمام الأغلبية، مقترحا ان يتوقف تدفق المياه عن الجميع بمناسبة اليوم العالمي للمياه الموافق الثاني والعشرين من مارس من كل عام، حتى يتساءل الجميع عن المناسبة.

ووجه وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون المياه الدكتور علي بن سعد الطخيس عبر «الشرق الأوسط»، جرس إنذار مبكرا بوضع المياه في السعودية، الذي يرى انه بحاجة إلى عناية خاصة وبحاجة لاهتمام الخاصة قبل العامة اذا كنا نفكر بحياة مستدامة، مشددا على انه يجب علينا في السعودية ان نعتبر من غيرنا، مشيرا الى بريطانيا كمثال اذا تأخر المطر عنهم لفترة محدودة فقط، فانهم يعلنون على الفور حالات الطوارئ، بالرغم أن لديهم طبقات تختزن المياه الجوفية، ومع ذلك لم يفكروا في سد العجز لديهم من هذه المياه، لأن المبدأ الذي ينتهجونه هو التنمية المستدامة والتركيز على مصادر المياه المتجددة، كذلك في اسبانيا وفرنسا.

أما نحن، والحديث للدكتور الطخيس فلنا مع المياه قصة عشق على فصول انتهى بعضها منها فصل نضوب العيون بالإحساء والخرج والأفلاج، وبقية فصول القصة ستأتي تباعا بعد أن ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تعاملنا مع المشكلات وتفاعلنا معها يأتي ردة فعل بعد أن تقع الفأس بالرأس، فليست لدينا استراتيجية المبادرة، وردود الفعل الاستباقية تفتقد للأنظمة الملزمة لذلك.

وأوضح الدكتور الطخيس، إن للماء في السعودية أهميته وهمومه فالقليل يعرف أهميته وهمومه ولم يتمكنوا من التأثير على الآخرين، وكان نصيبهم الاكتواء بالهموم، والبعض لا يعرف أهمية الماء ولا همومه، ويعتقدون ان الحصول على الماء سهل كشربه والبعض الأخر لا يريد أن يعرف أهمية الماء ولا همومه ولا يريد غيره أن يعرف عن ذلك شيئا، وهولاء هم أصحاب المصالح الخاصة المعتمدة على الماء فهمهم الوحيد مضاعفة ارباحهم في اقصر وقت ممكن دون الاهتمام بالآثار السلبية المترتبة على أنشطتهم الخاصة فهم ينتقلون منطقة لأخرى كلما نضبت مياه أو أوشكت على النضوب.

وتابع الدكتور الطخيس في محور حديثه مع «الشرق الأوسط»، عن يوم المياه العالمي 2006: بالفعل يوجد عدد كبير من المناسبات العالمية التي مضى على بعضها أكثر من عشرين عاما من الاحتفال المتكرر، لكن التساؤل الذي دائما ما يتبادر إلى الأذهان هو، هل هناك بالفعل فائدة وجدوى للتذكير بهذه المناسبات؟!· يجيب الدكتور علي الطخيس على ذلك في تصوري الفائدة محدودة جدا ووقتية تزول بزوال الحدث ليس إلا. وما يحدث من التذكير في بعض المناسبات مجرد تسجيل موقف. يفترض أن تكون لنا وقفة مع كل مناسبة نتذكر ونتدبر أمورنا ونحاسب أنفسنا في حالة التقصير.

ويضيف الدكتور الطخيس، ان جميع الدول مدعوة لإبراز اليوم العالمي للمياه، كلما كان ممكنا على المستوى الوطني بالتوعية بأهمية المياه وضرورة توفيرها بكميات ونوعيات مناسبة لضمان استثمار الحياة عن طريق تكثيف الأنشطة، كرفع مستوى الوعي لدى جميع مستخدمي المياه من خلال المطبوعات وتوزيع معلومات المياه وتنظيم المؤتمرات وحلقات النقاش والندوات المتعلقة بالمحافظة على مصادر المياه وتنميتها.

وأشار الدكتور الطخيس إلى ان الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في دورتها السابعة والأربعين المنعقدة يوم 22 ديسمبر 1992م ان يكون 22 مارس من كل عام يوما عالميا للمياه، وان يتم العمل بهذا القرار اعتبار من عام 1993م، يأتي هذا القرار متمشيا مع توصيات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية الواردة في الفصل 18 (مصادر المياه العذبة) من جدول اعمال القرن 21.

وبين الدكتور الطخيس انه جرت العادة أن يتم كل عام اختيار احد منظمات الأمم المتحدة للترتيب والتنسيق للأنشطة الخاصة بهذه المناسبة على المستوى العالمي وتختار هذه الهيئة شعارا يعكس الأوجه المتعددة لمصادر المياه العذبة واستخداماتها تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) شعار اليوم العالمي للمياه عام 2006م ليكون «الماء والثقافة» وكل عام يتم الاحتفاء بشعار مختلف فشعار عام 2005م كان «الماء من اجل الحياة» وشعار عام 2004م «الماء والمخاطر» وشعار عام 2003م «الماء من اجل المستقبل» وشعار عام 2002م «الماء من أجل التنمية»، وشعار عام 2001م «الماء والصحة» وشعار عام 2000م «الماء للقرن الحادي والعشرين» وعام 1999م «الكل يعيش أسفل الوادي» وشعار عام 1998 «المياه الجوفية: المصدر الخفي» وشعار 1997م «الماء.. هل هناك ما يكفي».

وفي جانب متصل باليوم العالمي للمياه 2006م الذي يمر ولغة الأرقام تعكس وضعا مائيا قاتما على المستوى السعودي والخليجي والعربي والدولي.

فعلى المستوى الدولي بات نصف سكان الأرض تقريبا محرومين من مياه الشرب المأمونة، ومن مرافق التطهير السليمة رغم امتلاك العالم كميات هائلة من المياه العذبة، حسبما جاء في تقرير حديث للأمم المتحدة العالمي الثاني عن تنمية الموارد المائية. ويحدث ذلك نتيجة توزيع المياه بشكل غير متكافئ، وبسبب سوء الإدارة ومحدودية الموارد والتغيرات البيئية.

وعلى المستوي العربي يشير مركز التنمية للإقليم الأوربي العربي (سيداري) إلى إن معظم الدول العربية تعاني من ندرة المياه واعتماد الدول العربية بنسبة 65 % على الموارد المائية من خارج حدودها، وتوقع خبراء المركز زيادة عدد الدول العربية التي تقع تحت خط الفقر المائي إلى 19 دولة بداية عام 2006 نتيجة لزيادة عدد السكان وقلة نصيب الفرد من الموارد المائية عن ألف متر مكعب، وهو المعدل الذي حددته الأمم المتحدة لقياس مستوى الفقر المائي للدول إلى ان عدد السكان العرب المحرومين من خدمات مياه الشرب النقية بنحو 50 مليون نسمة يضاف إليهم 80 مليون نسمة أخرى محرومون من خدمات الصرف الصحي.

أما على المستوى الخليجي، فيشير تقرير للأمم المتحدة سبق لـ «الشرق الأوسط»، نشره إلى ان البلدان الأكثر افتقارا للمياه هي الكويت التي تبلغ حصة الفرد من المياه فيها 10 امتار مكعبة والإمارات 58 مترا مكعبا للفرد وقطر 94 مترا مكعبا سنويا للفرد· ومن اكبر المشاكل التي تعاني منها دول الخليج مائيا هي استهلاك الفرد من المياه الأعلى بين دول العالم على الرغم من ضآلة نصيب الفرد على المستوى العالمي فمعدل استهلاكه يقع بين 500 إلى 600 لتر.

وتقدر دراسات العجز المائي سنويا بـ 15 مليار متر مكعب تتقاسمها دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمتها السعودية 13.558 مليون متر مكعب ثم الإمارات 1.495 مليون متر مكعب ثم سلطنة عمان 240 مليون متر مكعب ثم الكويت 200 مليون متر مكعب ثم قطر 140 مليون متر مكعب ثم البحرين 100 مليون متر مكعب على الترتيب.

بينما على المستوى السعودي، تؤكد خطة التنمية الثأمنة لقطاع المياه والتي سبق ان نشرتها (الشرق الأوسط ) على ثلاثة أجزاء إلى النسبة المتدنية في خدمات المياه والصرف الصحي، حيث تتمثل بنسبة إمدادات المياه التي تبلغ تغطيتها 67 % من البلاد، بينما شبكات الصرف الصحي تغطيتها لا تزيد عن 30 % من البلاد. وهذا ما يكشف ان هناك حاجة ماسة لتغطية السعودية كاملة بشبكات المياه بنسبة 33 % بينما تحتاج إلى 70 % من شبكات الصرف الصحي لتغطية الفجوة الكبيرة التي تحدث حاليا في شيكات إمدادات المياه وشبكات الصرف الصحي.