دعوة القطاع الخاص لدعم الأبحاث المائية لمواجهة شح المياه والبحث عن موارد جديدة

الدكتور العبد العالي لـ«الشرق الأوسط»: وجود مراكز بحثية تعنى بالجوانب المختلفة للمياه أمر ضروري

TT

أكد مسؤول بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على ضرورة تخصيص نسبة محدودة من ميزانيات المؤسسات الخاصة والحكومية لأغراض البحث والتطوير في مجالات المياه المختلفة، مبينا انه يمكن أن يشارك القطاع الخاص بالاستثمار في تطوير تقنيات التحلية وتوفير متطلباتها، وفي تصنيع قطع الغيار والمواد الكيميائية اللازمة لكافة المرافق المائية. ولا تقل أهمية مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في تطوير تقنيات تنقية المياه والأجهزة الخاصة بمراقبة نوعية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي.

جاء ذلك في الجزء الثاني مع صفحة المياه مع الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم العبد العالي المشرف على الإدارة لبرامج المنح البحثية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض حول مدى علاقة البحوث الوطنية بمعالجة قضايا ومشاكل المياه المختلفة بالسعودية، حيث أجاب عن أسئلة (الشرق الأوسط) فإلى التفاصيل:

> لديكم جهود في دعم البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه، ولكن تبقى أصداء هذه الجهود معروفة على نطاق ضيق، ما هي الأسباب من وجهة نظركم خلف ذلك ؟ ولماذا ليس لديكم اتصال مع المجتمع لتوضيح هذه الجهود؟ ـ أوضحت سابقاً أن المدينة تسعى جاهدة لنشر نتائج الأبحاث المدعمة على الجهات المعنية والتي هي على علم تام بما يتم إنجازه في الأبحاث من خلال التقارير الفنية التي ترسل إليها. ويؤمل أن تستفيد هذه الجهات من نتائج البحوث بتطبيقها ولو جزئياً حتى تنعكس الفائدة على أرض الواقع وعلى المواطن رفاها ورخاء وحينها سيكون لهذه الأبحاث صدى واسعاً.

وإذا بحثنا عن الأسباب التي تؤدي إلى معرفة جهود المدينة في أبحاث المياه في نطاق ضيق، ربما يكون السبب أن ما يريد أن يراه المواطن هو وفرة في الماء وجودة في النوعية وبأسعار مناسبة وليس أكثر من ذلك.يؤمل أن تساعد نتائج أبحاث المياه في وضع السياسات والقوانين المائية التي تحكم استخدام المياه في المملكة، واقتراح سبل إدارة وتطوير المصادر المائية، وإيجاد المصادر البديلة، وتوفير التقنيات الحديثة للاستفادة القصوى من المياه. وهذا ما يُستحق الاهتمام به.

> كم بلغ عدد الأبحاث الوطنية ذات العلاقة بالمياه الذي تم الانتهاء منه وكم بلغت الميزانية التي تم صرفها لتلك الأبحاث؟ ما هي أبرز الأبحاث المدعومة من ذات العلاقة بالمياه؟ ـ بلغ عدد الأبحاث ذات العلاقة بالمياه والتي تم دعمها من خلال برامج المنح المختلفة بالمدينة 118بحثاً بتكلفة إجمالية قدرها 81.47 مليون ريال، ومن هذه الأبحاث 76 بحثاً منتهياً و 42 بحثاً جارياً، وقد شملت مواضيع متعددة.هناك عدة أبحاث متميزة في مجال المياه ولكن من المهم الحديث عن بحثين حصلا على بعض الجوائز وفيما يلي استعراض موجز لنتائج هذين البحثين:في مجال استخدام نظم الري الحديثة المناسبة لظروف السعودية، فقد أمكن خفض الاستهلاك المائي لبعض المحاصيل بنحو 25% باستخدام نظام الري بالتنقيط تحت السطحي دون أن يؤثر ذلك سلباً على إنتاجية أو جودة المحصول. كما تم تطوير نظام آلي لجدولة مياه الري في زراعة محصول القمح، مما أدى إلى توفير نحو 25% من كمية المياه المستخدمة وزيادة في إنتاجية المحصول بمقدار 10%. وقد تم تطبيق النظام بشركة حائل الزراعية ويمكن تطبيقه في بقية الشركات والمزارع الكبيرة.

وقد حصلت المدينة من خلال ذلك، على جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه في دورتها الأولى (2002-2004م).كما تم التوصل إلى تحديد مسببات التسربات التي تحدث في شبكات مياه المدن واثرها على زيادة هدر المياه في الاستعمالات المنزلية وأفضل الطرق العملية والسهلة وغير المكلفة للكشف عن أماكن التسربات الرئيسة، وقد أمكن خفض معدل هدر المياه المنزلية بنسبة 60% نتيجة لإصلاح التسربات التي تم الكشف عنها. وقد حصلت المدينة نتيجة لهذه الدراسة على جائزة مجلس التعاون لأفضل الأعمال البيئية في مجال البحث العلمي لعام 2003-2004م.وقد تبنت المدينة في عام 1425هـ دعم المشروع الوطني لتقدير الاحتياجات المائية للمحاصيل الاقتصادية بالمملكة بميزانية تقدر بنحو 5.6 مليون ريال يتم تنفيذه خلال خمس سنوات (1425-1429هـ ). يهدف هذا المشروع إلى دراسة أهم المحاصيل الاقتصادية ذات الميزة النسبية وتشمل: البرسيم، القمح، الزيتون، العنب، الخوخ، البطاطس، النخيل، الذرة، البطيخ، الطماطم، البرتقال، الدخن، السمسم، المانجو، الليمون، الشعير، وحشيشة الرودس، وذلك في تسع مناطق إدارية من المملكة هي: الجوف، مكة المكرمة، نجران، جازان، المدينة المنورة، الشرقية، الرياض، القصيم، ووادي الدواسر، وذلك بهدف تحديد الاحتياجات المائية الفعلية. ومن المتوقع أن تسفر نتائج هذه الدراسة عن وضع تصور واضح للاستهلاك الفعلي للمحاصيل الاقتصادية في السعودية، يؤدي إلى إعداد دليل عملي للمقننات المائية للمحاصيل في المناطق المختلفة من المملكة. وستساعد نتائج هذه الدراسة، بمشيئة الله، في تقدير الاستهلاك المائي السنوي للمحاصيل المنزرعة في السعودية والمطلوب لحساب الموازنة المائية وفي وضع الخطة الوطنية للمياه، ومن ثم تحديد أولويات استعمالات المياه للمحاصيل المختلفة، والمساعدة على التخطيط العملي للري وإدارة المياه.

كما ستسهم هذه الدراسة في اقتراح الخطة الإنتاجية المثلى لإنتاج المحاصيل الاقتصادية ذات الميزة النسبية في ظل الظروف والإمكانيات المتاحة بمناطق المملكة وبما يحقق أعلى عائد اقتصادي.

> ما هي الجهات التي تتعاون معكم في مجال دعم البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه؟ وهل دعمكم مقتصر على الأكاديميين؟ وهل لديكم تعاون من القطاع الخاص في مجال الاستفادة من البحوث المائية؟

ـ هناك تعاون وتنسيق في مجال دعم البحوث المائية مع وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ووزارة الزراعة وغيرها من الجهات.

وفيما يختص بالجهات التي تدعمها المدينة لتنفيذ البحوث، تشمل هذه الجهات الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة والوزارات والهيئات الحكومية. كما يوجد تعاون ولكن ليس بالشكل الكافي مع القطاع الخاص في مجال دعم بحوث المياه، ولكن النتائج متاحة للجميع للاستفادة منها. كما أن هناك برنامج منح القطاعات الإنتاجية الذي يهدف إلى رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الجهات البحثية والقطاعات الإنتاجية بهدف دعم الأبحاث العلمية التطبيقية الموجهة للمساهمة في إيجاد حلول للمشكلات التي تؤثر على تلك القطاعات والرفع من كفاءتها الإنتاجية، إضافة إلى تقديم خدمات فنية وبحثية لمؤسسات القطاع الإنتاجي الصغيرة غير القادرة على الاستعانة بالمكاتب الاستشارية.

> ما رأيكم بتوحيد قنوات دعم البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه؟ وهل تؤيدون قيام جهة واحدة بهذا الدور؟

ـ لابد من التأكيد على أن عملية دعم البحوث تتضمن أنظمة متعددة تشمل الأنظمة الفنية المتعلقة بأعداد الأولويات البحثية وتقديم المقترحات ودراستها واختيار المناسب منها للدعم، كما تشمل تطبيق الضوابط المالية والفنية التي تحكم تنفيذ البحوث حتى مرحلة تقديم التقارير النهائية. ولكون مجال المياه متشعبا ويمكن أن يساهم في بحوثه مجالات علمية متعددة فإن وجود مراكز بحثية تعنى بالجوانب المختلفة للمياه أمر ضروري وقد لا تتمكن جهة واحدة من الدخول في كافة المجالات.

> سبق ان طُرح من خلال صفحة المياه مقترح بإنشاء صندوق مستقل للأمن المائي بدعم من القطاعين الحكومي والخاص وذلك لدعم البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه، هل تتفق مع هذا المقترح؟

ـ سعت المدينة جاهدة لتفعيل التكامل والتفاعل بين قطاعي الإنتاج والخدمات من ناحية والمؤسسات البحثية من ناحية أخرى وذلك من خلال استحداث برنامج منح بحوث القطاعات الإنتاجية والذي يرمى إلى تحقيق عدد من الأهداف، من بينها تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في دعم البحث العلمي. وقد تبنت الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية ضمن الأساس الاستراتيجي الخامس العمل على تعزيز وتطوير مصادر الدعم المالي المخصصة للأنشطة البحثية وذلك من خلال إيجاد الآليات المناسبة والسبل الكفيلة بحفز مؤسسات القطاع الخاص على الاستثمار في أنشطة العلوم والتقنية، وكذلك إيجاد آلية وطنية لتمويل الأنشطة العلمية والتقنية تتشارك فيها إلى جانب الدولة مؤسسات القطاع الخاص والافراد. ولكن ما زال دور القطاع الخاص محدوداً بالرغم مما يتوفر له من موارد مالية تستوجب المشاركة في دعم البحث والتطوير. الأمن المائي من أهم التحديات التي تواجهها السعودية وله انعكاسات كبيرة على أوجه الحياة ومنظوماتها المختلفة. ومشاركه القطاع الخاص بشرائحة المختلفة في دعم بحوث المياه ضرورية ومهمة وذلك لندرة المياه في المملكة من حيث الكمية والنوعية. ونظراً لكون الشركات الصناعية والزراعية والخدمية أكثر المستفيدين من نتائج البحوث، لذا نرى ضرورة أن تكون مساهماتها أكثر من غيرها. كما نؤكد على ضرورة تخصيص نسبة محدودة من ميزانيات المؤسسات الخاصة والحكومية لإغراض البحث والتطوير. ويمكن أن يشارك القطاع الخاص في الاستثمار في تطوير تقنيات التحلية وتوفير متطلباتها، وفي تصنيع قطع الغيار والمواد الكيميائية اللازمة لكافة المرافق المائية. ولا تقل أهمية مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في تطوير تقنيات تنقيه المياه والأجهزة الخاصة بمراقبة نوعية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي.

> ما هو برنامجكم الحالي والمستقبلي لدعم البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه؟ وهل اهتمامكم منصب على دعم جانب محدد من جوانب المياه أم الدعم يشمل كافة الجوانب؟ ما هي طموحاتكم في مجال دعم البحث المائي؟ وهل لديكم تقدير للميزانية المستقبلية للدعم؟

ـ يشكل شح المياه ومصادرها هاجساً كبيرا للسعودية التي تعتمد على مياه الشرب من المصادر الجوفية وتحلية المياه المالحة. وتعول المملكة كثيراً على البحوث العلمية والتطبيقية للبحث عن موارد جديدة للمياه وكذلك للحد من تلوثها، كما تعّول على استخدام التقنيات الحديثة لترشيد استهلاك المياه في الاستخدامات المنزلية والزراعة والصناعة وتقليل الفاقد منها. وتولي السعودية أهمية خاصة للبحث والتطوير في تقنيات تحلية المياه من اجل رفع كفاءة أدائها وخفض تكلفة إنتاجها، كما تولي اهتماماً أيضا للبحث عن التقنيات الملائمة فنيا واقتصاديا والكفيلة بخفض تكاليف معالجة مياه الصرف الصحي وكذلك الحد من تأثيراتها البيئية. ما طرح سابقاً يحدد معالم التوجهات البحثية والتطويرية التي ترى المدينة أهمية التركيز عليها في مجال المياه وقد تم طرحها في أولويات الخطة الوطنية للعلوم والتقنية كموضوعات بحثية في مجالات مختلفة تشمل التالي:تطوير الموارد المائية والمحافظة عليها:وتشمل الدراسات في هذا المجال بحوث المياه الجوفية والسطحية التي تهدف إلى حصرها وإدارتها وتطوير طرق الاستفادة منها، وبحوث معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي، وإيجاد طرق لخفض تكلفة المعالجة، كما تشمل بحوث تطوير تصاميم محطات التحلية.ترشيد استهلاك المياه في الزراعة: وتهدف الدراسات في هذا المجال إلى استخدام التقنيات الحديثة للحد من هدر المياه، كما تهدف إلى استخدام التقنيات والأجهزة والأساليب الحديثة لترشيد مياه الري ورفع كفاءة الاستخدام. ويتضمن ذلك دراسات تحديد التركيبة المحصولية لكل منطقة حسب كمية المياه المتاحة، كما يتضمن استخدام المحسنات الطبيعية للتربة لتقليل الفاقد من مياه الري.

التلوث: وفي مجال تلوث المياه تهدف الدراسات إلى تحديد مصادر التلوث في التربة وفي مصادر المياه المختلفة والحد من تأثيراتها، وتطوير تقنيات معالجة تلوث المياه.

التقنيات: وتهدف البحوث في هذا المجال إلى تطوير تقنيات جديدة لإنتاج المياه المحلاة، كما تهدف إلى تطوير تقنيات لتقليل تكلفة إنتاج المياه المحلاة، وتقييم أغشية إنتاج المياه وتطويرها، وتطوير تقنيات وطرق حصاد المياه وأساليب الاستفادة منها.التصنيع:إن الطلب على المياه العذبة من محطات تحلية المياه المالحة سيزداد بشكل كبير مستقبلاً، مما يجعل الاعتماد عليها أمراً ضرورياً. ويتطلب ذلك تكاليف باهظة إذا تم الاعتماد على استيراد مدخلات التحلية من المصادر الأجنبية، ولذا يصبح ضرورياً الاستثمار في تطوير تقنيات تحلية المياه ومعالجتها وتطوير صناعتها محلياً. وتستهدف البحوث في هذا المجال توطين وتطوير صناعة قطع الغيار والكيماويات اللازمة لمحطات تحلية المياه.طموحاتنا في مجال دعم أبحاث المياه هي أن نتمكن من تنفيذ البرامج التي تبنتها الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، وفيما يختص بتقدير الميزانية الإجمالية المستقبلية لدعم أبحاث المياه فإنه يصعب تقديرها، وذلك لأن تقديرها يتم سنويا وفق المقترحات البحثية التي ترد إلى المدينة.

> هل لديكم إضافة أخيرة في موضوع البحوث الوطنية ذات العلاقة بالمياه؟

ـ إن السعودية تنفذ منذ عقود مشاريع رائدة لتحقيق الأمن المائي، ويواكب ذلك الاعتماد الكبير على العلوم والتطبيقات التقنية من أجل البحث عن الموارد الجديدة للمياه، وتحلية المياه وتنقيتها، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وترشيد استهلاك المياه.وفي المجال البحثي تولي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أهمية خاصة لتقنيات المياه وذلك نظراً للدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه العلوم والتقنية، سواء في استنباط تقنية لتحلية المياه أكثر ملاءمة لظروف المملكة الطبيعية، أم في تطبيق الأساليب التي تؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج المياه من خلال استخدام الأغشية واستغلال مصادر الطاقة الأقل تكلفة. وتأكيداً للاهتمام الحيوي بأبحاث المياه فقد أنشأت المدينة هذا العام مركزاً وطنياً لبحوث المياه.وفي مجال دعم البحوث أولت المدينة في أولويات الخطة الوطنية للعلوم والتقنية اهتماماً خاصاً بدعم أبحاث المياه وقد طرحت بعضاً من هذه الأولويات البحثية ضمن برنامج المنح السنوي لعام 1426هـ.