المغرب: المستلزمات الدراسية تدفع الطلبة نحو العمل لسد تكاليف التعليم الباهظة

أسر تلجأ إلى القروض وأخرى تطرق المهن البسيطة

كثير من الأسر المغربية تلجأ إلى المهن البسيطة لسد تكاليف التعليم
TT

يأتي الموسم الدراسي على بعد أيام في المغرب ليطرق الجيوب والأبواب، وتبدأ الأسر المغربية في محاولتها لتدبير تكاليف الدراسة ومستلزماتها، بعد أن أنهكت جيوبهم المناسبات والأعياد، حيث يأتي الموسم الدراسي لهذه السنة مباشرة بعد عيد الفطر، فتشهد المكتبات المدرسية رواجا ملحوظا حيث يسارع الأهل إلى شراء الكتب في بداية العام الدراسي.

كيف تتمكن الأسرة كثيرة الأولاد من تأمين وتوفير مستلزمات الدراسة لأبنائها في بداية العام الدراسي، والأسعار عالية والأثمان باهظة، في ظل البطالة والغلاء والأزمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم عاما بعد عام؟

تبدأ المؤسسات البنكية وجمعيات قروض الاستهلاك غمار التنافس على جذب الأسر ذات الدخل المحدود، حيث تصبح الشوارع المغربية ممتلئة بملصقات وإعلانات تنافسية لتسهيل القروض، فسرعان ما تجد الأسر المغربية ملجأ لها كحل لفك عقدتها بعد أن استنزف دخلها خلال شهر رمضان والعيد.

يرى ربيع الوافي، موظف في إحدى الشركات التخصصية، أن «ارتفاع الأسعار يشكل عائقا أما الأسر المحدودة الدخل، كما أن حلول شهر رمضان والعيد تمكن من استنزاف جيوبنا وأصبح من الضروري أن نلجأ إلى القروض».

كما يضيف الوافي أنه على علم بأن القروض لا تعتبر حلا جذريا، حيث إنها لا توفر حلا قطعيا، ومن الطبيعي أن رب أسرة حين يجد تراكم مصاريف في حين أن دخله محدود، وارتفاع الأسعار يوما بعد يوم، فإنه يرى أن شركات التمويل متنفسا لمشاكله المالية.

ويوافقه الرأي خالد الريفي، رب أسرة، حيث يقول: «إن ارتفاع الأسعار يشعرنا بالعجز، أنا وزوجتي نعمل موظفين، ومع ذلك نلجأ إلى القروض خصوصا عند بداية الدراسة، وذلك لارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية، حيث إن الكتب تسعر بأثمان مرتفعة».

ويضيف الريفي أن تراكم المناسبات من شهر رمضان والعيد وبدء الدراسة يجعل الأسر المحدودة الدخل لا تستطيع المقاومة إلا باللجوء إلى الاقتراض.

ووفق تقديرات مصادر الجمعية المهنية لشركات التمويل، فإن هذه الشركات سوف تنتعش أكثر مع حلول الدراسة، وما تستلزمه من نفقات إضافية، وهو ما قد يحقق للقطاع نموا يزيد على 10 في المائة مع نهاية الشهر المقبل.

والإحصائيات الصادرة عن هذه الأخيرة، تشير إلى أن قيمة قروض الاستهلاك الممنوحة للزبائن إلى حدود نهاية النصف الأول من السنة الحالية، تجاوزت مبلغ 41 مليون دولار، محققة بذلك نموا بنسبة 3.3 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث حظيت القروض الذاتية التي لم تخصص لاقتناء منتج معين، بنسبة 66 في المائة من إجمالي قيمة هذه القروض، في الوقت الذي توجهت فيه حصة تقارب 30 في المائة لاقتناء السيارات.

بينما يرى بعض الطلاب أن الحل الأمثل لمواجهة هذه الظروف هو مساعدة أسرهم في تكاليف الدراسة، حيث يتم الاستغناء عن العطلة الصيفية وتعويضها بعمل معين نظرا لمجموعة من الأسباب، والدوافع تختلف بحسب الأشخاص وظروفهم.

ويعد فصل الصيف موعدا للراحة بعد أشهر من الجهد في الدراسة، لكن التطور الاقتصادي والاجتماعي وكثرة المصاريف تجعل شريحة مهمة من الطلاب تسعى إلى احتراف مهن موسمية لتوفير مصاريف الدراسة والكتب المدرسية للفصل المقبل، نظرا لكون أسرهم معوزة وتجد صعوبة كبيرة في مواكبة مصاريف الدراسة.

الراحة والاستجمام والرحلات والأسفار، هذا أول ما يتبادر إلى الأذهان بمجرد ذكر فصل الصيف، لكن الحالة هذه ليست في متناول الجميع، حيث نرى العديد من الطلبة في كفاح مستمر طوال السنة، ومن فصول الدراسة والتحصيل العلمي إلى البحث عن فرصة عمل لتوفير مبلغ مالي يساعد في مصاريف الطالب طوال موسم دراسي مقبل.

يقول وليد البقالي، طالب بكلية الآداب، إنه «بمجرد انتهاء الموسم الدراسي أبدأ البحث عن عمل، وذلك استعدادا للموسم الدراسي المقبل، فمستواي الاقتصادي لا يسمح لي بقضاء العطلة في السفر والراحة، وأسرتي لا تستطيع تحمل تكاليف دراستي، لذلك يجب علي أن أقوم بمساعدة نفسي، وأن أبحث عن مهنة تمكنني من توفير تكاليف دراستي». ويضيف البقالي: «لا أجد حرجا في مزاولة مهن بسيطة ما دامت ستساعدني على تغطية تكاليف دراستي، فقد عملت بائعا متجولا على الشواطئ لبيع المثلجات لسنتين في فصل الصيف». ويرى أنه «بالنسبة للاستمتاع بفصل الصيف كباقي الطلبة، فإن عطلة الصيف مجرد 3 أشهر، وأفضل أن أستثمرها لكي أتمكن من إنهاء تعليمي وبعدها سأستطيع قضاء العطل الصيفية القادمة». ويقوم الطالب كريم المريزي مع كل عطلة صيفية ببيع أقراص مدمجة، حيث يقول: «أقوم بتحميل الأغاني والأفلام من الإنترنت وبعد ذلك أعمل على نسخها على أقراص مدمجة، أنسخ في اليوم ما يقارب المائة قرص»، ويضيف بأن الناس يقبلون عليها نظرا لثمنها المنخفض وكذلك لأنه يقدم لهم منتجا جيدا.

ويضيف كريم: «أحاول جاهدا أن يكون فصل الصيف فرصة لي أولا لأثبت لأسرتي أنني أستطيع توفير دخلي، وذلك بتغطية مصاريف دراستي، وتخفيف العبء عنهم بدلا من لجوئهم إلى القروض التي تلجأ إليها معظم الأسر المغربية عند حلول أي مناسبة». وفي ذات الصدد تقول ليلى الإدريسي، طالبة بالسنة الأولى في إحدى الجامعات المغربية، التي تعودت على العمل في أحد المطاعم الكبرى فترة معينة من كل صيف، بأن العمل مهم في هذه المرحلة نظرا لأهميته أولا، ولضرورة الاستعداد للحياة بمختلف تحدياتها ثانيا، دون إغفال دور المال الذي تجنيه لتلبية الكثير من الحاجيات.

ويقصد الكثير من الطلبة وجهات مختلفة علهم يعثرون على ضالتهم، ويحظون بفرصة عمل شريف، متخلين عن الراحة والاستجمام في فصل الصيف وواصفين التجربة بالجميلة التي تتمخض عنها دروس مفيدة وكثيرة.

وقال سعيد ندوري، طالب: «ليست لدينا الإمكانيات حتى لتوفير الضروريات، فبالأحرى الخروج في عطل صيفية. هذا الأمر ألغيته من أجندتي منذ سنوات، أفضل أن أساعد أسرتي على الأقل لتغطية مصاريفي الدراسية».

كما رأت الطالبة هند، التي تعمل بائعة في محل حلويات، أنها تتمنى توفير فرص عمل للطلبة بحيث يتلاءم مع التكوين الأكاديمي الذي يلقاه كل طالب، لكن بما أنها لم تحصل على هذه الفرصة أو، على حسب قولها، لانعدامها، فهي مضطرة للقبول بالعمل في محل الحلويات لتتمكن من تغطية مصاريف دراستها.

وتقول ليلى، طالبة: «لقد بحثت على فرصة عمل تناسب تكويني الأكاديمي، لكنني للأسف لم أجد، وكثير من الطلبة يواجهون نفس الصعوبات، لهذا نضطر إلى القبول بالمهن البسيطة».