السعودية: مرحلة رياض الأطفال تعيش أفضل عصورها.. بخطة توسعية على مدى 5 سنوات

اعتمادات مالية تجاوزت 170 مليون ريال.. وبنسبة توسع تقارب 65%

تأتي الخطة التوسعية لرياض الأطفال بالسعودية تنفيذا لقرار ملكي بضرورة فصل مرحلة رياض الأطفال عن مراحل التعليم العام بالبلاد («الشرق الأوسط»)
TT

تسعى وزارة التربية والتعليم السعودية مع انطلاق العام الدراسي الجاري لتحقيق خطة طموحة تستهدف التوسع في مرحلة رياض الأطفال، حيث تعمد تلك الخطة الاستراتيجية إلى استحداث عدد من مدارس رياض الأطفال على هيئة مبان مستقلة أو ملحقة بمباني مدارس البنات الابتدائية في بعض مناطق البلاد.

وكانت وزارة التربية والتعليم السعودية كشفت عن جوانب تلك الخطة التوسعية لمرحلة رياض الأطفال على خلفية تبنيها للقرار الملكي القاضي بالتوسع التدريجي في إنشاء رياض أطفال وفصل تلك المرحلة بمبانيها عن التعليم العام، ووضع خطة وبرنامج زمني من قبل الوزارة مستفيدة من خطط التنمية للدولة، بالإضافة إلى الدخول مع القطاع الخاص في شراكة استراتيجية للاستثمار بمرحلة رياض الأطفال.

فيما تؤكد دراسات وأبحاث علم نفس النمو أن مرحلة الطفولة من أهم الفترات في تكوين شخصية الطفل، ففيها ترسم ملامح شخصية الفرد مستقبلا، ويتحدد مسار نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي والوجداني طبقا لما توفره له البيئة المحيطة بعناصرها التربوية والثقافية والصحية والاجتماعية.

إلى ذلك ذكرت نوره الفايز نائب وزير التربية والتعليم ورئيس اللجنة العليا لرياض الأطفال في تصريح صحافي لها أن الخطة التوسعية لرياض الأطفال قد اشتملت على عدد من المشاريع والبرامج، التي ستساهم في الرقي بالعملية التربوية في هذه المرحلة، وتحقق معايير الجودة، مشيرة إلى أنه من أهم تلك المشاريع العمل على إعداد استراتيجية وطنية للتعليم في الطفولة المبكرة من سن الولادة وحتى 8 سنوات، وذلك بالتعاون مع مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، بالإضافة إلى العمل على إعداد قاعدة بيانات إحصائية لهذه المرحلة شاملة أعداد الأطفال دون سن ثماني سنوات في المملكة.

ولفتت الفايز إلى اعتماد تلك البيانات الإحصائية على مقدار الكثافة السكانية لكل منطقة أو محافظة، مما يمكن وزارتها من الاستفادة منها في دراسة الواقع الحالي كما ونوعا لهذه المرحلة.

ووزارة التربية والتعليم بصدد العمل على إعداد خطة إسقاطيه لنمو الأطفال في كل منطقة ومحافظة بالسعودية، يمكن من خلالها وضع خطة للنمو في رياض الأطفال للسنوات الخمس القادمة، بحيث تحقق هذه الخطة نسبة نمو في الالتحاق برياض الأطفال الحكومية تصل إلى 25 في المائة.

إلا أن عددا من الصعوبات واجهت ولا تزال تواجه تلك الخطة التوسعية، لعل من أبرزها توفير المباني اللازمة والمتوافقة مع متطلبات مرحلة رياض الأطفال، بضاف إلى ذلك قلة الأعداد من الكوادر التعليمية المتخصصة والمدربة على تقديم المناهج التعليمية لشريحة الأطفال المشمولين ضمن السن القانونية للالتحاق برياض الأطفال.

إلى ذلك تؤكد حصة الدباس مديرة عام رياض الأطفال بوزارة التربية والتعليم في حديثها لـ«الشرق الأوسط» على أن الصعوبات التي تواجه وزارتها في خطتها التوسعية لرياض الأطفال كون العديد من المناطق بالبلاد تعاني من صعوبة في توفير مبان مستأجرة مناسبة للمرحلة، ومشيرة إلى أنه في المناطق الكبيرة كمنطقة الرياض تواجهها صعوبة من نوع آخر تتمثل في ارتفاع أسعار المباني المستأجرة.

وأبانت الدباس أن اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ خطة التوسع عمدت إلى إيجاد بدائل لحل هذه المشكلة، موضحة أن اللجنة قامت بحصر الفراغات المتوفرة في مدارس التعليم العام، بهدف تنفيذ مشاريع لرياض الأطفال للأعوام القادمة بها، ولفتت إلى البدء الفعلي في عملية الحصر للشواغر في المدارس الابتدائية.

وكشفت الدباس عن خضوع عدد من تلك المباني لعمليات ترميم وإعادة تجهيز بما يتناسب ومتطلبات مرحلة رياض الأطفال، وبما يحقق الجودة للمباني، مؤكدة على استفادة الوزارة من تجارب الدول المتقدمة في عملية آليات التوسع بتلك المرحلة.

ولمحت الدباس إلى كون خطة التوسع في رياض الأطفال تستهدف بالدرجة الأولى الأحياء والقرى والهجر التي لا يصلها التعليم الأهلي، حيث إن الأخير يعد أحد الروافد المهمة بالنسبة لاستيعاب أعداد من الطلاب والطالبات في مراحل التعليم العام وما قبل العام.

وشددت مديرة عام رياض الأطفال بوزارة التربية والتعليم على أن الصعوبات التي تواجه وزارتها لا تقتصر على التجهيزات المدرسية بل جميع العناصر التعليمية والتربوية للروضة، والمتمثلة في المناهج والمعلمة والبيئات التربوية والعلاقة مع الأهل والشراكة المجتمعية، مشيرة إلى قيام الوزارة بتأمين ميزانيات مالية خاصة بتجهيز الروضات المحدثة للعام الجاري، وفق معايير الجودة، ولفتت إلى أنه تم اعتماد عقود عمل للمعلمات بعدد فصول الروضات المستحدثة.

وأشارت الدباس إلى اعتماد 7 آلاف وظيفة لمعلمات رياض الأطفال، ضمن القرار الملكي والذي نص على توفير ما يزيد على 52 ألف وظيفة حكومية لوزارة التربية والتعليم في الميزانية العامة للدولة، ويغلب على موظفات رياض الأطفال حاليا عدم التخصص بالمرحلة في معظم المناطق والمحافظات التعليمية، وذلك لكون التعيينات قديمة، زامنت وقت تأسيسها، وفي وقت كان التخصص بتلك المرحلة يعد نادرا بين الكفاءات الوطنية.

إلا أن وزارة التربية والتعليم عمدت إلى التعامل مع فئة المعلمات المكلفات بالعمل في مرحلة رياض الأطفال من خلال تخصيص عدد من البرامج المعتمد لتدريبهن وتأهيلهن في مراكز تدريب معلمات رياض الأطفال.

وبحسب مصادر مطلعة من داخل وزارة التربية والتعليم فإن هناك غيابا مجتمعيا ملموسا عن أهمية إلحاق الطفل للروضة، رغم مما تحققه للطفل في جميع جوانب نموه الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية، وتؤكد تلك المصادر على كون تعاون كافة فئات المجتمع بما فيها المؤسسات الحكومية والأهلية للتخطيط والإعداد للبرامج التوعوية الموجهة للأسرة السعودية عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بأهمية إلحاق أبنائهم بمرحلة رياض الأطفال أضحى مطلبا وطنيا.

كما تعمل الوزارة على مساندة البرامج الخاصة برياض الأطفال وتنفيذها عن طريق وكالة التعليم ممثلة بالإدارة العامة لرياض الأطفال، سواء في البرامج التي تنفذ بمساندة منظمات إقليمية أو محلية لتحقيق الجودة في المرحلة، يضاف إلى ذلك تنفيذ برنامج الجودة الشاملة في رياض الأطفال (إيكرز)، والذي يهدف إلى تطبيق أداة تقويم شاملة للروضة بناء على أسس علمية من أجل الوصول إلى نتائج صحيحة للكشف عن مستوى الجودة للروضة، مثل المباني والتجهيزات وعلاقة الأهل بالروضة.

يأتي ذلك في وقت تسعى فيه وزارة التربية والتعليم إلى إعداد المعايير الإنمائية لمرحلة رياض الأطفال لضمان جودة ما يقدم للمرحلة، والتوسع في رياض الأطفال بنسبة 50 في المائة، والاستفادة من المستثمر في ذلك مع تزامن التوسع بالتوعية بأهمية المرحلة للأطفال، وضم تطوير رياض الأطفال لمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، وإعداد الاعتبارات التصميمية لمباني رياض الأطفال الأهلية، وإعداد المواصفات والشروط الفنية لأجهزة الملاعب الخارجية، وإعداد المواصفات والشروط الفنية للأثاث الصفي للروضات وعقد لقاءات تربوية مع مديرات ورئيسات رياض الأطفال بالمملكة، والمشاركة بالحضور في المؤتمرات الداخلية والخارجية من قبل منسوبات الإدارة ومنسوبات التربية والتعليم بتقديم أوراق عمل ومشاركة في ورش تدريبية، وتخصيص ميزانية تشغيلية للروضات الحكومية في المناطق والمحافظات.