دراسة تربوية: العقوبات البدنية على الطلاب المتأخرين تكرس العدائية ضد المدرسة

باحثة تحذر من تمارين «البطة» والضرب و«القفز في المكان»

تحذيرات من إجهادات عضلية تفضي لكره الطالب للمدرسة أثناء العقوبات
TT

حذرت دراسة تربوية حديثة في السعودية من مغبة فرض عقوبات بدنية على الطلاب المتأخرين عن الطابور الصباحي، مبينة أنها تقود إلى مشاكل نفسية وبدنية وتسبب نفور معظم الطلبة من المدارس.

وأبانت الدراسة التي قدمتها حصة العوفي، معلمة صفوف أولية في تعليم منطقة مكة المكرمة، أن تأخر الطلبة عن المدارس ينبغي أن يعالج سلوكيا، بغض النظر عن مشكلة تأخر الطلاب عن مدارسهم، ساردة جملة من الأخطار الصحية التي تعترض من توقع عليهم العقوبات.

ولفتت العوفي بالقول «يلجأ كثير من معلمي التربية البدنية في المدارس إلى إيجاد العقوبات البدنية، كتمارين البطن، والزحف، والقفز في نفس المضمار، وهو ما يجعل جسد الطالب يتعرض إلى إجهاد عضلي قد تتخلله مشاكل صحية كثيرة. وقالت الباحثة إنه يجب التعامل مع الطفل بحذر، خاصة في ما يتعلق بأسلوب العقاب البدني الذي يجب أن يخضع لمعايير واضحة عند تطبيقه حسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للطفل أو التلميذ.

وأفادت حصة العوفي بأن العقاب مرفوض، لأنه الخطوة الأولى والأوسع انتشارا في الوطن العربي والعالم الثالث لزرع بذور الخضوع والخوف في نفوس الأجيال، فالمدرسة مثل بقية مؤسسات المجتمع الرسمية والمدنية في شكل بنيتها الهرمية وفي مراسم التعامل من أعلى إلى أسفل، والعقاب البدني لا يؤسس لشخصية ذات مكونات فكرية مميزة، تؤمن بنضجها التربوي.

وحذرت الباحثة التربوية من مغبة أن تطبق العقوبات على الطلاب المتأخرين كالضرب والقفز في المكان مرات عديدة واضعين الأيدي على الرأس، والعقاب الذي يطلق عليه في الأوساط المدرسية في السعودية «قفزة البطة» التي يحمل خلالها الطالب حقيبة ويعدو بها حول الملعب لفترة طويلة، إلى جانب الوقوف خارج الفصل حتى نهاية اليوم الدراسي، وإخراج الطالب من المدرسة لإحضار والده، وغيرها من الأساليب التي أطلق عليها «اجتهادات» خوفا من أن تؤدي إلى هروب الطالب من المدرسة وتكوين مفاهيم عدائية أو مواقف ضد المدرسة والعاملين فيها.

وذهبت حصة العوفي إلى ضرورة تحري أسباب التأخر والتنسيق مع المرشد الطلابي أو القائم بالعمل لدراسة أسباب ذلك بعد حصرها ومعدل تكرارها ومعالجة ذلك، واصفا أن هناك بعض الطلاب لديهم بعض الظروف الأسرية التي تحتاج نوعا من الرعاية والعلاج بعد حصرها ودراستها، وضرورة التأكيد على تنفيذ الاصطفاف الصباحي وفق اللوائح والأنظمة، على أن يشارك جميع المعلمين في التنفيذ وتشجيع الطلاب على الأداء المنظم والجاد، وترديد النشيد الوطني والرجوع إلى لائحة المخالفات السلوكية في حال تكرار التأخر وزيادته.

وذكرت في دراستها أن العقوبات البدنية مرفوضة جملة وتفصيلا، ولها عواقب وانعكاسات سلبية على نفسية الطالب، وتتسبب في تعاظم المشكلة بدلا من احتوائها وإيجاد السبل المفضية والناجعة لمعالجة حالات التأخر الصباحي، مشيرة في السياق ذاته إلى أن بعض التمارين القاسية والمجهدة قد تسبب إجهادا عضليا وإرهاقا بدنيا يصاحبان الطالب طيلة اليوم الدراسي.

وأفضت الباحثة إلى أن الفيصل في علاج مشاكل التأخر عن الطابور الصباحي يكمن في معرفة أسباب التأخر، سواء كانت أسرية أو بعدا جغرافيا عن المدرسة أو تكالب مشاكل السير والازدحام في وقت واحد في الصباح، مهيبة بأهمية الطابور الصباحي حيث يشكل الانطلاقة الفعلية والحركية نحو يوم دراسي ناجح.

وشددت على ضرورة مشاركة محاور مختلفة لدراسة مثل هذه القرارات، وأن تكون بعد وضع كل المعطيات على طاولة النقاش، فمنع التمارين الصباحية للمتأخرين يزيد من إشكالية الموقف، ويجب إيقاف نزيف التأخر الذي يشكل نسبا مرتفعة نظرا لتراخي الطلاب وشعورهم بعدم جدوى وفاعلية المخالفات السلوكية.

وساقت مثلا بضرورة حصر الطلاب المتأخرين يوميا من قبل وكيل المدرسة وإحالة الطلاب متكرري التأخر الصباحي فقط للمرشد الطلابي لدراسة أسباب تأخرهم ودخول جميع الطلاب الذين لم يتكرر تأخرهم إلى فصولهم، بالإضافة إلى التعرف على أهم أسباب التأخر الصباحي وعرضها على لجنة التوجيه والإرشاد لوضع الحلول المناسبة لها ومعالجتها والقضاء عليها أو التقليل منها، ومساءلة أولياء الأمور عن تأخر أبنائهم ومحاولة معالجة التأخر، واستخدام الإرشاد الجمعي، وتوعية الأسر بأهمية احترام الوقت والانتظام في الحضور للمدرسة، ناهيك عن وضع حوافز للطلاب المنتظمين في الحضور للطابور الصباحي.

وقالت أيضا إنه يجب إجراء مسابقات سحب من صندوق خاص بالنشاط يسحب منه الطالب رقما معينا بحيث يمنع السحب في وقت التأخر، ويكرم أحد الفائزين في الطابور الصباحي مثلا كل أسبوع أو أي يوم تراه إدارة المدرسة مناسبا، وبحث الاتصالات المباشرة بمنزل الطالب المتأخر، والسؤال عن سبب التأخر، والتعديل والتبديل والتطوير في برامج الإذاعة والأنشطة الرياضية، ووضع برامج مشوقة صباحية بما يحبب الطابور الصباحي إلى الطلاب، وضرورة حضور المعلمين في التدريبات الصباحية من بدايتها، وتطبيق قواعد تنظيم السلوك والمواظبة.