خبير تربوي يدعو لـ«مسرحة» المناهج التعليمية لتحقيق أهداف مناهج اللغة العربية

قال إن المسرح بوابة للتعليم الذكي والتفكير الناقد

المسرح يسهل عملية فهم المناهج والأهداف التعليمية
TT

دعت ورقة عمل تربوية موضوعها مسرحة المناهج التعليمية، وهي معنية بتحقيق مهارات مجتمع المعرفة، إلى تقديم نموذج مسرحي لتحقيق بعض الأهداف التربوية لمناهج اللغة العربية، وتتناول مفهوم مسرحة المناهج وأهميته وأبرز الدراسات التربوية التي تناولت مسرحة المناهج التعليمية ومنهجة المسرح التعليمي، ودور المسرحيات التعليمية في إكساب المتعلمين التعلم الذكي والتفكير الناقد، وتعرض أهم نماذج الأنشطة المسرحية الممكن توظيفها لتحقيق التعلم، وأخيرا تحلل مدى إمكانية تحقيق أهداف مجتمع المعرفة من خلال الأنشطة التربوية المسرحية ومسرحة المناهج التعليمية.

وأشار الدكتور سعود الزهراني، مدير التربية والتعليم في محافظة الخرج، في ورقته إلى أنه يقصد بمسرحة المناهج: «تنظيم المناهج الدراسية وتنفيذها في قالب مسرحي أو درامي، بهدف اكتساب الطلاب المعارف، والمهارات، والمفاهيم، والقيم، والاتجاهات، بصورة محببة ومشوقة».

وزاد بالقول: «هي نموذج لتنظيم المحتوى الدراسي، وطريقة للتدريس والتعلم تتضمن إعادة تنظيم الخبرات التعليمية في صورة حوارات ومشاهد درامية يتم تنفيذها من قبل الطلاب للتعلم»، مضيفا أن المسرحية التعليمية تتضمن إطارا نظريا، ونموذجا عمليا للتعلم، يمكن تطبيقها داخل اليوم الدراسي أو خارجه من أجل تحقيق أهداف المناهج ويمكن تنفيذها في بيئات التعلم المتنوعة داخل المدرسة وخارجها.

وأفاد مدير تعليم منطقة الخرج: «من الثابت أن المسرح يعد من أقدم الفنون التي مارسها الإنسان، وهو مؤشر بليغ على تقدم الأمم وازدهارها، إضافة إلى أنه أبو الفنون بإجماع المفكرين والأدباء، وذلك لعراقته واحتوائه على عناصر من الفنون الأخرى ففيه صور من الأدب، والشعر، والتمثيل، والموسيقى، والإنشاد، والرسم والتشكيل، والتعبير باللغة وبالحركة وبالإشارة والانفعالات، وفيه تقمص الأدوار والمواقف، ونحوها من الفنون المتنوعة».

وأفاد الخبير التربوي، بأنه «تعد المناهج الممسرحة من أمتع الألوان الأدبية التي يميل إليها الطلاب في كل المراحل العمرية دون استثناء وتزيد كلما اتجهنا من سنوات التعليم العليا في اتجاه المراحل الأولية للتعليم، فهي تبعث في المشاركين وفي المتفاعلين تلقيا أو متابعة أو نقدا النشاط والحيوية والحركة، وتجذبهم إلى بيئات التعلم وتحببهم في المدرسة، وتدخل المتعة والبهجة في نفوسهم، وتجذب انتباههم للتعلم، وتحول المسرح المدرسي إلى ميدان علمي ثقافي ترفيهي، وتحقق أهداف المادة التعليمية وتكوين اتجاهات إيجابية نحو عناصر العملية التعليمية بشمولها».

ووفقا لنظرية «جاردنر» - بحسب الزهراني - في الذكاءات المتعددة، فإن استراتيجية مسرحة المناهج تعد من أفضل استراتيجيات التعليم والتعلم المحققة لأهداف تنمية الذكاءات المتعددة لدى المتعلمين، حيث تقوم المسرحيات المنهجية بتحقيق الذكاءات، كالذكاء اللغوي، حيث تعمل المسرحيات المنهجية على إكساب المتعلمين ثروة لغوية راقية، والكشف عن مواهبهم الفنية، وتفجير طاقاتهم الإبداعية وقدح شرارتها، وتدريبهم على التعبير الصحيح السليم لغويا.

وساق مثلا آخر كالذكاء المنطقي الرياضي حيث تعمل المسرحيات المنهجية على تعزيز مهارات التفكير المنطقي، وتستخدم للارتقاء بالتفكير النقدي، وتنمية الذكاء العقلي، وتعمق المفاهيم والتعميمات، وكذلك الذكاء المكاني حيث تنمي المسرحيات المنهجية خيالات المتعلم في الصور المجازية وتنمي الذوق الجمالي والفني، وكذلك الذكاء الحركي الذي فيه تدرب المسرحيات المنهجية المتعلمين على ربط الحركة بالتعبير وتعودهم على العمل المنظم في فريق العمل المتعاون.

وفيما يتعلق بالذكاء الموسيقي أفاد الزهراني بأن تقوم المسرحيات المنهجية الموظف فيها المؤثرات بالصوت والموسيقى والضوء على تفعيل تعبيرات المتعلمين والتجاوب مع المؤثرات المتنوعة، فإضفاء المؤثرات التعبيرية لتشكيل الأداءات المسرحية يؤدي إلى الاندماج والتعايش مع الشخصيات والأحداث ومع البيئات الانفعالية للعمل الفني، بالإضافة إلى تنمية مواهب المتعلمين في إتقان الأوزان اللغوية والتعبير الصوتي والإنشاد وزيادة الإحساس بالأدوار والاندماج في العمل التعبيري.

واستطرد الزهراني بالقول: «تنمي المسرحيات المنهجية العلاقات الاجتماعية والذكاء الاجتماعي، وتطور مهارات التواصل بين عناصر العمل المسرحي وتعمق مفهوم القدوة لديهم»، مفيدا بأن «المسرحيات المنهجية تعالج عيوب النطق وبعض المشكلات النفسية كالانطواء والخجل والتردد، وتنمي في المتعلمين الثقة بالنفس، وتساعدهم على المبادرة والجرأة الأدبية، وهي مصدر مؤثر لإكساب المتعلمين القيم والاتجاهات الإيجابية المرغوبة».

وسرد الخبير التربوي عدة مهارات من خلال التعامل مع التقنيات وتوظيفها في العمل المسرحي، وتدريب الطلاب على قيادتها والتعامل معها، مثل أجهزة الصوت وأجهزة الإضاءة، والأجهزة الحاسوبية وأجهزة المؤثرات المتنوعة.

وأضاف «وعليه، فإن الأنشطة المسرحية التعليمية، واحدة من أهم مدخلات عمليات التربية والتعليم لتحقيق مهارات الألفية الثالثة لمجتمع المعرفة، وهي إضافة إلى ذلك تسهم في تدريب الطلاب على تصميم التعلم في بيئات تعلم عامة وشخصية من خلال المشاركة الفاعلة في تحليل المحتوى وإعداد السيناريوهات المسرحية بإشراف المتخصصين التربويين، ويوصي الكثيرون من المهتمين بمسرحة المناهج التعليمية باستخدام المسرح التعليمي لإحداث تأثير ذي معنى في مهارات الطلاب المتنوعة التعليمية والاجتماعية والقيمية والشخصية».

وأوصى الزهراني بمزيد من العناية بمسرحة المناهج التعليمية على مستوى مصممي المناهج التعليمية وعلى مستوى تصميم التعليم والتعلم من قبل المشرفين التربويين والمعلمين، لما ثبت تربويا من تأثيرها على إكساب الطلاب مهارات مجتمع المعرفة، بالإضافة إلى توظيف تقنيات التربية والتعليم لتوثيق المسرحيات المنهجية وتعميمها للمنفعة التربوية والتعليمية وتحقيق مهارات الألفية الثالثة، ويمكن إنشاء مكتبة إلكترونية ورفعها على البوابات والمواقع الإلكترونية للتربية والتعليم على مستوى الوزارة وإدارات التربية والتعليم.

وأشار إلى أنه ينبغي تأهيل المعلمين في جوانب إعداد المسرحيات المنهجية من أجل توظيفها لتحقيق أهداف المناهج الدراسية في المواقف التربوية وللتعلم الذاتي، ناهيك عن الاستفادة من التجارب الدولية والإقليمية، وما نتج عن المؤتمرات ذات العلاقة لتطوير مسرحة المناهج بما يعزز التعلم ويحقق الأهداف المأمولة، وإقامة لقاءات تربوية حول موضوع مسرحة المناهج التعليمية، ودعوة المتخصصين في هذا المجال لإثراء اللقاءات وتقديم خبراتهم المتطورة لمشرفي النشاط الثقافي من منسوبي التربية والتعليم، وإدراج مهارات المسرح التعليمي ضمن برامج إعداد المعلمين، وضمن برامج تدريبهم أثناء الخدمة التربوية والتعليمية.