أكاديمية سعودية: 13 سببا «أوهنت» الجسد التعليمي وأضعفت مفاصله

في دراسة تقويمية للمواءمة بين كفاءة التعليم العالي للفتاة ومتطلبات سوق العمل

غياب التوجيه المهني للفتيات قلل من فرص عملهن
TT

انتقدت دراسة حديثة ضعف بعض مؤسسات التعليم في السعودية بحجة أن إداراتها تخضع لإجراءات بيروقراطية تعوقها عن الاستجابة السريعة للمتغيرات من حولها، وغياب الاستقلالية المالية والإدارية في أقسام الطالبات الجامعية عن الجامعة الأم، وغياب التوجيه المهني للملتحقات والخريجات، وغياب التوازن في القبول بين مختلف التخصصات، وضعف استخدام التقنية سواء في مجال الإدارة أو العملية التعليمية.

وساقت الدكتور جواهر قنديلي، في دراسة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن من أسباب الضعف هو غياب المساءلة والشفافية في العملية الإدارية والأكاديمية على حد سواء، وغياب التطوير الدوري لكافة عناصر العملية التعليمية التي تتميز حاليا بالعشوائية (غياب المعايير)، والتدريب بصورته الحالية غير مجد، وغياب التواصل مع الجهات المتوقع عمل الخريجة لديها حكومية كانت أم أهلية، وغياب برامج التبادل الأكاديمي مع الجامعات الأخرى محليا وعالميا على مستوى أعضاء هيئة التدريس والطالبات، وضعف مدخلات النظام ومن ثم ضعف الكفاءة الداخلية، الأبحاث العلمية لا تصب في خدمة المجتمع أو حتى النظام، وسوء توزيع الموارد المالية.

وقالت الباحثة في دراستها التي عنونتها بـ«دراسة تقويمية للمواءمة بين الكفاءة الخارجية للتعليم العالي للفتاة ومتطلبات سوق العمل في السعودية»، «يحظى التعليم العالي باهتمام بالغ من قِبل جميع الدول والمجتمعات، لما له من أثر على رُقيّها وتطورها وتقدمها العلمي، ولما يُلقي على عاتقه من مهمة تخريج كوادر بشرية من أجل التنمية الوطنية».

وأضافت قناديلي: «شهد العالم خلال العقود الماضية تغييرات سريعة ومتلاحقة في ميادين العلوم التطبيقية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومن خلال تلك التغييرات الحادثة التي تواجه مؤسسات التعليم العالي في كافة دول العالم تقريبا، برز اتجاه نحو عولمة التعليم العالي، أي جعله عالميا بجهود دولية مشاركة، تهدف إلى كسر الحواجز بين نظم التعليم العالي في مختلف دول العالم وجعلها أكثر تقاربا وإنتاجية، وذلك من خلال تبادل الخبرات في ما بينهم».

وساقت الباحثة مثلا «بعض الصعوبات التي تواجه التعليم العالي لتحقيق المواءمة مع سوق العمل بالمملكة العربية السعودية، مثل: كثرة أعداد خريجي الأقسام النظرية من المرحلة الثانوية في التعليم العام، ومحدودية استيعاب الكليات العلمية والتطبيقية، وارتفاع تكلفة إنشاء الكليات العلمية والتطبيقية، ونقص استحداث الوظائف الأكاديمية، وتحجيم القبول في التخصصات النظرية سيترتب عليه عدم تمكن الجامعات من الاستجابة للضغط الاجتماعي. لا توجد معلومات دقيقة ومفصلة عن احتياجات سوق العمل. احتياجات سوق العمل متغيرة وغير مستقرة».

وحول سؤال عن كيف يمكن تحقيق المواءمة بين الكفاءة الخارجية للتعليم العالي للفتاة ومتطلبات سوق العمل بالسعودية، استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي، لوصف وتحليل وتشخيص وتقويم واقع مخرجات مؤسسات التعليم العالي للفتاة في السعودية، وذلك من خلال عدة محاور متنوعة مثل: مؤشرات الأداء لمؤسسات التعليم العالي، والجوانب التي يمكن من خلالها الحكم الموضوعي على الكفاءة الخارجية لتلك المؤسسات، ومعايير الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي، مستشهدة على ذلك ببعض التجارب العالمية قريبة الشبه بالمملكة من حيث الموقع الجغرافي أو القاري أو التعليمي إلى حد ما كما في ماليزيا وسنغافورة.

وقامت الباحثة بوضع استراتيجيات مقترحة يتم من خلالها تفعيل مخرجات مؤسسات التعليم العالي للفتاة في ظل التحديات والمتغيرات التي تواجهها في الفترة الحالية والمستقبلية، مبينة أن الدول تعتمد اعتمادا كليا على الجامعات لاكتساب المعارف الجديدة وتوطين علومها، في وقت ترى فيه الباحثة أنه حتى الجامعات صارت في مستويات أدنى من مستويات سوق العمل، بسبب اختلافات احتياجات هذه الأسواق عن ما تخرجه الجامعات.

وأفادت قناديلي: «لذلك يؤخذ في الوقت الراهن على الجامعات قصور مخرجاتها عما يتطلبه سوق العمل من خبرات ومهارات فنية وحرفية، على الرغم ما تمتلكه هذه المخرجات من إمكانيات نظرية تتناسب وتتنافس في مستواها مع مخرجات نظيراتها من الجامعات العالمية».

وأشارت الباحثة: «يعاني العالم العربي أزمة كبيرة وخطيرة في التعليم، فما زالت الإصلاحات التعليمية تطبق دون وجود نظرة شاملة للتطوير، ويغلب الجانب النظري على المقررات والمناهج، إضافة إلى قصور النظام التعليمي عن الاهتمام بالطالب من حيث ميوله ومواهبه وقدراته، وعدم فاعلية وسائل تقييم الطلبة لكونها تقليدية. وقد أكدت وثيقة استشراف المستقبل للعمل التربوي لدول الخليج العربي هذا، وبينت وجود قصور في بعض مدخلات التعليم، وفي انخفاض مستوى مخرجاته».

وقالت إن إمكانية قياس المخرج وتقويمه باستخدام الطرق العلمية الدقيقة يساعد في تحديد المشاكل وتشخيصها، ووضع البدائل المناسبة، واتخاذ القرارات الصائبة، ويعمل على تطوير مدخلات وعمليات النظام بشكل مستمر لتتلاءم مع رسالة المؤسسة المرتبطة بتحقيق التوقعات المرجوة من قِبل أفراد المجتمع والعاملين في المؤسسة.

واختتمت الباحثة دراستها بأن التحديات الدولية تظهر في تنامي اتجاهات «العولمة» الاقتصادية العالمية المتمثلة في تزايد الاندماج والترابط بين أجزاء الاقتصاد العالمي وفعالياته المختلفة، واستمرار الثورة التقنية في مجال المعلومات والاتصالات، وبروز العلم والتقنية وسيلة ضرورية وحاسمة لتحقيق مكاسب اقتصادية في ظل تعاظم المنافسة على الصعيدين المحلي والدولي وعدم استقرار الأسواق العالمية للأوراق المالية وما يلزم ذلك من تذبذبات - ظلت تزداد حدة وتوترا - في الأسعار والعوائد.