السعوديون أمام المناهج الجديدة.. من رأى ليس كمن سمع

بعضها يحتاج إلى «عبقرية».. وأخرى لـ«حقنة» تعايشية

جدل وانقسام حول المناهج الجديدة في السعودية
TT

أفضى تغيير المناهج مؤخرا في السعودية إلى عمليات متناقضة في التعليم لمؤيد ومعارض، حيث ظهرت مجموعات تواكب التطوير والتغيير، في حين بقيت مجموعات من المعلمين مؤيدة للبقاء على الروتين مع تغيير طفيف على مراحل.

وشمل التغيير مواد علمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء في جميع المراحل الدراسية، مما حول بعض الحصص الدراسية إلى كومة من المعلومات، بحسب مجموعة من المعلمين، وسط مطالبات بأن تتقلص تلك الحصص الدراسية من أجل عمليات الاستيعاب للطلاب.

وأقر مجموعة من معلمي مادة الرياضيات بالمرحلة المتوسطة في السعودية بصعوبة المناهج الجديدة وحاجتها لتنويع طرق التدريس واستخدام وسائل منوعة وبالتالي للوقت الطويل، وفي هذا السياق تمنوا على وزارة التربية والتعليم تخفيض أنصبتهم ليتمكنوا من مواكبة هذه النقلة التي وصفوها بالكبيرة والتي تحتاج إلى جهد مضاعف.

وعلق بدوره الدكتور زهير الحارثي، عضو مجلس الشورى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، حول نظرته للمناهج في السعودية، بأنه تم توثيق بعض النقاط التي لا تتماشى مع خط الدولة، ومنهجها المعتدل الوسطي، ومسألة التفسيرات أو توظيف بعض النصوص الدينية، هذا الأمر أعطى انطباعا، حول بعض المناهج التي ربما خرجت عن الخط الذي تستند إليه الدولة، والذي نشأت عليه.

وقال الحارثي «نحن نتعامل مع جيل ونشء يحتاج إلى معلومة، فالمسألة لا تتعلق فقط بالخطاب الديني، ولكن الحديث ينطبق على مواكبة العصر، وطبيعة المناهج، وكيفية التعامل مع المتغيرات، وكيفية أن تكون المناهج تسامحية، وتعايشية، تقبل الرأي الآخر، وليس لديها تمييز عنصري، أو مذهبي، ومناطقي، هذه العناصر لا بد أن تتوافر في الإطار العام للمنهج الدراسي المحكم لأي دولة».

بدوره، يؤكد محمود عبده آل مبروك، وهو طالب بالمرحلة الثانوية، أن حصص المواد العلمية باتت مملة جدا بعد تغيير المناهج، مضيفا أن تلك المناهج صعبة من خلال الشرح، حيث إن المعلمين لم يتدربوا بالشكل المطلوب لمواكبة تلك المناهج.

وترى فاطمة فقيه، وهي ربه منزل، أنها لم تعد قادرة على متابعة أبنائها بعد تغيير منهج الرياضيات، لافتة إلى أنها استعانت بالمدرس الخصوصي لتدريس ابنها، وتضيف «المنهج صعب جدا وبه مصطلحات وتقنيات قديمة تم إدخالها بالمنهج كالجبر على سبيل المثال، وقد تسبب ذلك في ربكة لمعلمي الرياضيات بسبب كثرة الدروس في مادة الرياضيات، فمنهج الصف الرابع به أكثر من 60 درسا فهل يستطيع طالب بالصف الرابع تحمل ذلك الضغط؟

وتضيف «أرى أنه من المهم جدا أن يكون التغيير تدريجيا وليس دفعة واحدة من خلال التدرج في زيادة الدروس على المراحل بدلا من دفعها بشكل أحادي مما يتسبب في مخرجات ضعيفة جدا».

من جانبه، قال محمد الزهراني، وهو معلم بثانوية القدس بجدة، إن «المناهج الحالية أفضل من سابقتها بمراحل كبيرة، من حيث محتوى المقرر وترتيب المعلومات». ويضيف «هذا العام الأول للتغيير الفعلي للمناهج وأرى أن نعطي تلك المناهج أعواما مقبلة وسنرى الفرق والتغيير خلال الفترة المقبلة».

ويلفت الدكتور حسن الجابري، وهو من منسوبي وزارة التربية والتعليم بالقسم التدريبي، إلى أن «التغيير أمر ضروري، والذي يبقى ساكنا سيعيش في محله»، مضيفا «نحن في عصر سريع التغيير وعصر منافسة أيضا في كل المجالات، ومخرجات المؤسسات التربوية هي التي تمثل قوة العمل مستقبلا في أي بلد، ونحن لسنا بمعزل عن العالم أو مختلفين عن بقية بلدان العالم».

وأضاف «الفرص في القطاع الحكومي ضئيلة جدا، ونرى أن الفرص في القطاع الخاص متوافرة ولكن تحتاج إلى مهارات معينة وهي لا تتوافر في المناهج القديمة، ولا بد من التغيير ومن هنا نحن بحاجة ماسة للتغيير وليس من باب التزيين، بل لأننا نواجه تحديات، والتغيير في المقررات الدراسية يواجه تحديات أيضا، من ناحية البيئة والمعلم والطالب».

ويضيف «أرى أن المعلم قد استهدف في التدريب، وأتمنى أن تكون عمليات الاستهداف أكبر داخل المدرسة، ولا ننسى وجود شيء مهم أيضا وهو الإدارة المدرسية، وهي مسؤولة تماما عن كل تلك العمليات، وتحتاج تلك الإدارة إلى استهداف من خلال نظرة قيادية وليكن ذلك من ضمن خطط التطوير، ولا بد من اختيار تلك القيادات وفق عمليات اختبار لأن تلك القيادات أساسية في النجاحات».

وحول البيئة الدراسية قال الجابري «الإدارات المدرسية لا بد أن تدعم تلك البيئات من خلال توافر الأمن والتحفيز بحيث يتعلم الطالب فيها دونما أي شعور بالتوتر وتكون تلك البيئات محفزة ومشجعة وتعاونية ولا تعتمد على العمل الفردي، مع توافر معلم قادر على أن يجعل من المتعلم متعلما نشطا، وكذلك القيادة المدرسية تحتاج إلى قائد صاحب توقعات عالية من المعلمين والمتعلمين، مع القدرة على استخدام أدوات وبناء خطط استراتيجية وتشغيلية وموارد المدرسة المالية وبناء نماذج من التقويم المستمر، وهذا الذي نريده، ومن المؤكد أن التغيير سيؤتي أكله ولكن لا بد لنا من التريث وانتظار النتائج».