نيويورك: النساء يقررن العودة للدراسة بدلا من الاستمرار في العمل

من أجل خلق فرص وظيفية أفضل

تركت لورا بيكر وظيفتها في مقهى «ستاربكس» في خريف العام الماضي للحصول على شهادة الماجستير في الاتصالات الاستراتيجية من جامعة دنفر
TT

يتسرب الكثير من العمال من قوة العمل بأعداد كبيرة، ومعظمهم من النساء، بل إن الكثير منهم من النساء الشابات، ولكنهن لا يتسربن إلى الأبد، حيث يبدو أن أولئك النساء الشابات يسعين، بدلا من ذلك، لتأجيل حياتهن العملية للحصول على قسط أكبر من التعليم.

وقد أصبح الآن عدد الطلبة من النساء الشابات أكبر من عددهن في قوة العمل، وذلك للمرة الأولى منذ 3 عقود.

وقالت لورا بيكر (24 عاما) التي بدأت الدراسة لنيل درجة الماجستير في الاتصالات الاستراتيجية في خريف العام الماضي في جامعة دنفر: «عملت بدوام جزئي في أحد مقاهي سلسلة ستاربكس الشهيرة لمدة عام ونصف، ولكنني لم أكن على استعداد لأظل في هذه الوظيفة بقية عمري، وشعرت بأنني ينبغي أن أفعل شيئا لتحسين وضعي».

وقد اعتقد الكثير من الاقتصاديين في البداية أن تقلص القوة العاملة - والتي قللت من معدل البطالة في نوفمبر (تشرين الثاني) - كان السبب الرئيسي وراءها هو كبار السن من العمال المحبطين الذين كفوا عن البحث عن وظائف في سوق العمل، ولكن الحقيقة هي أن الكثير من العمال الموجودين على هامش السوق هم من الشباب الذين يحاولون رفع مستوى مهاراتهم، مما قد ينذر بوقوع طفرة اقتصادية على غرار تلك التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، عندما ذهب الملايين من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية للدراسة في الكليات، من خلال قانون إعادة أقلمة المحاربين الذي عمل على توفير مصاريف الدراسة الجامعية للمحاربين الذين شاركوا في الحرب، بدلا من دخولهم بشكل مباشر، وساحق، في سوق العمل.

وهناك جنس واحد هو المستفيد الأساسي في الوقت الحالي، كما كان الحال آنذاك، حيث إنه على الرغم من أن الشابات في سن المراهقة المتأخرة وأوائل العشرينات يرون حالة الهدوء الاقتصادي الموجودة اليوم على أنها فرصة لرفع مستوى مهاراتهم، فإنه من المرجح أن يسعى نظراؤهم من الذكور للحصول على أي وظيفة يمكنهم العثور عليها، وستكون عواقب ذلك على المدى الطويل، كما يقول الاقتصاديون، هي أن الجيل الجديد من النساء قد يكون لهن ميزة كبيرة على زملائهن من الذكور، الذين أصبحت الخيارات الوظيفية المتاحة أمامهم محدودة بالفعل.

ولا يزال الكثير من النساء الشابات يشعرن، في الوقت الحاضر على الأقل، بأن الأوضاع غير عادلة بالنسبة لهن، حيث تقول بيكر، التي تأمل في أن تساعدها درجة الماجستير في الحصول على وظيفة إدارة الاتصالات في إحدى المنظمات غير الربحية: «كل الطلبة الذين يدرسون معي هم تقريبا من النساء، وهذا يرجع جزئيا إلى طبيعة الدراسة، وأيضا إلى شعورنا نحن كنساء بأننا يجب أن نحصل على قسط أكبر من التعليم، حتى نكون أكثر قدرة على المنافسة الحقيقية في أي ميدان».

وهناك أيضا مجموعة من التأثيرات الاجتماعية التي تؤثر في استعداد الشخص لقبول وظيفة أقل درجة من وظيفته السابقة أو العودة إلى الدراسة من جديد، حيث تقول سيتفاني كونتز، مديرة الأبحاث في مجلس الأسر المعاصرة: «ما زالت ثقافة ضرورة خروج الرجال لكسب المال ودعم أنفسهم هي الرسالة الثقافية السائدة في المجتمع، حيث ما زال الرجال يشعرون بالأسى عند عدم قدرتهم على القيام بدور المعيل للأسرة، ونحن قد حققنا تقدما كبيرا على صعيد التغلب على ثقافة (الدور الأسرى) للمرأة، مقارنة بالتقدم الذي حققناه في التغلب على ثقافة (الدور المعيل) للرجل».

وقد بلغت نسبة الالتحاق بكليات المجتمع رقما قياسيا، في الوقت الذي ما زالت تتطور فيه هذه الأدوار.

ويتمثل الخطر الرئيسي في العودة للانتظام في الدراسة في الديون المترتبة على القروض التي يحصل عليها الطلبة، حيث معدل زيادة الرسوم الدراسية قد تفوق على معدل التضخم خلال الأعوام الماضية، وهو الأمر الذي ساعد عليه خفض الموازنة العامة للدولة، حيث قال ستيفن سكوت، رئيس كلية ويك للتقنية التي تقع في مدينة رولي بولاية نورث كارولينا، والتي تعد واحدة من أسرع كليات المجتمع نموا في البلاد: «لقد تم تخفيض التمويل الذي نمنحه لكل طالب بنسبة 25 في المائة في السنوات الثلاث الماضية».

وقد ترتب على ذلك، ارتفاع أحجام الفصول الدراسية، بالإضافة إلى ارتفاع حجم المصاريف الدراسية، ولكن هذا لم يحد من تدفق الطلبة على الكلية، الذين نؤكد مرة أخرى أن معظمهم من النساء.

وأضاف سكوت قائلا «لقد أصبح لدينا الآن 6000 طالب مدرجون على قائمة الانتظار لأننا لم يكن لدينا الموارد اللازمة لإنشاء فصول جديدة».

وسوف تكون المسألة أصعب، بالنسبة لأولئك الذين يدرسون في مدارس خاصة أكثر تكلفة، مثل بيكر، من أجل ضمان أن تؤتي استثماراتهم التعليمية ثمارها، حيث إنها ستكون مدينة بنحو 200000 دولار بعد إنهائها من استكمال دراسة الماجستير في العام المقبل، حيث يتضمن هذا المبلغ القروض التي حصلت عليها لتمويل تعليمها الجامعي في كلية ارتبرج في مدينة ويفرلي بولاية أيوا. وقالت بيكر: «يجب أن يكون لدي إيمان بأنني سوف أحصل في نهاية المطاف على وظيفة جيدة توفر لي ما يكفي لدفع نفقات المعيشة وتسديد القروض التي حصلت عليها، وهو ما آمل أن يحقق لي السعادة في نهاية هذه العملية».

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»