فقراء الهند.. النزوح نحو المدارس الخاصة

انخفاض تكلفة الطالب بنحو دولارين شهريا رمى بظلاله على مستويات التعليم

2013 سيكون عاما صارما في الهند لتقييم وضع المدارس العام
TT

في مدرسة «هولي تاون» الثانوية في مدينة حيدر آباد بجنوب الهند، يتلقى الطلبة في الأحياء ذات الأغلبية المسلمة التعليم باللغة الإنجليزية بمصروفات منخفضة ويحصلون على درجات مرتفعة في الاختبارات.

لأكثر من عقدين كان حكيم يقوم بمهمة الحكومة الهندية، فمدرسته الخاصة «هولي تاون» الثانوية علمت آلاف من الطلبة الفقراء المكدّسين في الحجرات الدراسية المزدحمة. وعندما ينقطع التيار الكهربائي، يتعلم التلاميذ في الظلام.

* شبكة من البدائل

* بسبب الوضع السيئ للمدارس الحكومية في هذه البلاد، «نأخذ على عاتقنا المسؤولية التي ينبغي أن تتولاها الحكومة» على حد قول حكيم. لا يعترض آباء طلبة المدرسة من محدودي الدخل، وأكثرهم يسكنون في أحياء ذات أغلبية مسلمة، على الظروف الصعبة للمدرسة، حيث يهتمون أكثر بانخفاض المصروفات الدراسية التي تبلغ دولارين شهريا ويعجبون بمنهج تدريس اللغة الإنجليزية ومعدل النجاح في الاختبارات المعيارية. من المؤكد أن المدارس ذات المصروفات المنخفضة، مثل «هولي تاون» جزء من شبكة مدارس تهيمن حاليا على التعليم في هذه المدينة، التي تقع جنوب الهند، حيث يقدر عدد الطلبة الملتحقين بمدارس خاصة ثلثي عدد الطلبة في المدينة. وقال حكيم، بنبرة تجمع بين الفخر والازدراء: «نحن نتحمل المسؤولية التي ينبغي للحكومة أن تضطلع بها».

في الهند، فقط الأثرياء وأفراد الطبقة المتوسطة هم من يملكون خيار البقاء خارج شبكة المؤسسات الحكومية، حيث يستطيعون تحمل الإقامة في مجمعات سكنية خاصة والعلاج في مستشفيات خاصة والتعلم في مدارس خاصة. مع ذلك، ومع تقدم الاقتصاد الهندي خلال العقدين الماضيين، زاد عدد الآباء الهنود الفقراء الذين يتمكنون من الادخار من أجل إلحاق أبنائهم بمدارس خاصة ذات مصروفات دراسية منخفضة، أملا في مساعدتهم على الهروب من الفقر.

على المستوى المحلي، ما زال أكثر الطلبة يلتحقون بمدارس حكومية، لكن زيادة عدد المؤسسات التعليمية الخاصة أسست نوعا من الأنظمة التعليمية الموازية تصطدم ببعضها البعض الآن. وبعد تعرض المدارس الحكومية ذات الأوضاع المتردية لموجة من الانتقادات الحادة، وضع صناع السياسة الهنود قانونا لمعالجة الأمر، لكن يقول المتشككون إن المتطلبات الجديدة قد تؤدي إلى اختفاء المدارس الخاصة التي يلتحق بها حاليا ملايين الطلبة. وقال محمد أنور، مدير مجموعة من المدارس الخاصة في حيدر آباد، ويحاول تنظيم حملة على مستوى البلاد من أجل تعديل هذه الشروط والمتطلبات: «من المستحيل استيفاء كل هذه الشروط. إذا اتبعت القانون، فلن يتمكن أحد من إدارة مدرسة».

ويمثل التعليم أكبر التحديات، حيث يبلغ عمر نصف السكان البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة 25 عاما أو أقل ويمكن لمستويات التعلم أن تعرقل تقدم البلاد على المدى الطويل. ويعاني التعليم الحكومي في الكثير من الولايات من أوضاع متدهورة، حيث نادرا ما يظهر المعلمون في الحجرات الدراسية. وما زالت طريقة التعليم التي تعتمد على التكرار هي السائدة، ولا يتم استخدام اللغة الإنجليزية، التي تعد شرطا من شروط الحصول على وظيفة مكتبية في الهند، كوسيط في التعليم.

عندما تم تفعيل قانون «الحق في التعليم» في أبريل (نيسان) من عام 2010، أكد على الحق الدستوري في التعليم لأول مرة، ووعد كل طفل من سن السادسة إلى الرابعة عشرة بالحصول على هذا الحق. كان يمثل هذا القانون نقطة تحول مهمة بالنسبة إلى دولة لم تهتم يوما بتمويل تعليم الجميع.

وقال رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سنغ، في خطاب تلفزيوني: «إذا علمنا أولادنا وشبابنا التعليم السليم، فمن المؤكد أن يكون للهند مستقبل مشرق». قلة فقط هي من رفضت تفسير القانون أو أهداف المساواة أو حاجة المدارس الحكومية إلى إصلاح حقيقي، لكن القانون وضع لوائح جديدة منظمة للنسبة بين المعلم والطلبة ومساحة الحجرات الدراسية ومدى تدخل الآباء في إدارة المدرسة، التي تسري على كل من المدارس الحكومية والخاصة. والنتيجة هي تحطم النموذج المثالي على صخرة الواقع، حيث سيتم إغلاق أي مدرسة لا تلتزم بهذه اللوائح عام 2013.

وهزأ كابل سيبال، وزير التعليم الهندي، من المزاعم بأن القانون سوف يؤدي إلى عمليات إغلاق جماعية للمدارس الخاصة. مع ذلك يستعد مسؤولو التعليم في حيدر آباد لهذا الأمر، حيث أنشأوا مباني جديدة وأدخلوا توسيعات على مبان قديمة التزاما باللوائح الجديدة، حيث سيُضطر الطلبة إلى مغادرة المدارس الخاصة بعد إغلاقها. تقول بالا كاسايا، من كبار المسؤولين في التعليم في حيدر آباد: «من المتوقع أن يتم إغلاق 50 في المائة بموجب القانون الجديد».