سعوديون يلجأون لـ«التعليم عن بعد» بديلا عن بيروقراطية القبول في الجامعات

قوائم طويلة تنتظر «الفرصة» لإكمال الدراسات العليا

سعوديون يتجهون نحو التعليم عن بعد وسط مطالب باعتماد شهاداتهم
TT

طالب طلاب وطالبات سعوديون بضرورة اعتماد شهادات «التعليم عن بعد» في ظل عزف الجامعات السعودية عن قبولهم للدراسات العليا، جراء الأعداد الكبيرة من المتقدمين للدراسة.

وفي وقت تحفظت فيه وزارة التعليم العالي على تلك الشهادات، بادر يقول ثالب العلياني، حاصل على الدكتوراه من جامعة عن بعد، إنه حصل على شهادة الماجستير من جامعة الملك سعود بالرياض بتقدير ممتاز، وعندما أراد أن يكمل مرحلة الدكتوراه أورد له موظفو التعليم العالي بأنه تجاوز سن الأربعين بأيام معدودة مما حرمه من أحقية إكمال الدكتوراه بالجامعات السعودية.

ويضيف العلياني «أعمل معلما وحصلت على المستوى السادس وشهادة الدكتوراه لا تضيف أي مستوى أو مبالغ مالية، فلماذا تتطلب سنا معينا وتفرغا كاملا؟! علما بأن طالب مرحلة الماجستير قد ألم بطريقة البحث العلمي والحصول على العينات، وما شهادة الدكتوراه إلا امتداد ومسمى معنوي، والوزارة حرمتنا من ذلك الحق مما حدا بي للإكمال في جامعة أميركية بجدة، وما زلت أتساءل: لماذا يحرم من تجاوز الأربعين عاما من إكمال الدراسة؟!».

الدكتور خضر اللحياني، حاصل على شهادة من جامعة كولومبس الأميركية، يقول «دفعني أن أكمل في هذه الجامعة التضييق من قبل الجامعات حتى أن هنالك يتقدم 500 والقبول لـ18 مما يعادل 5 في المائة، فهل هذا يعقل؟! وكذلك طموح الطلاب والطالبات السعوديين»، ويضيف اللحياني أن مجموعة كبيرة من الطلاب والطالبات يعلمون أنها غير معتمدة ولكنهم يكملون.

ويؤكد اللحياني أن «هنالك نظاما عالميا للتعليم عن بعد ولم نر له أي نواه بالمملكة العربية السعودية، هنالك صعوبات يواجهها الطلاب، منها أن تقضي ثلث المدة بالبلد الذي تريد إكمال الدراسة فيه، فذلك عائق كبير للموظفين والموظفات»، ويؤكد اللحياني أن «الجامعات المعترف بها بالتعليم العالي يعتبر عددها ضئيلا جدا ولا يمثل 10 في المائة، بما فيها جامعة هارفارد فهي غير معترف بها، فهل هذا يعقل؟! وهي مصنفة أولى عالميا»، ويؤكد اللحياني أن جامعة هارفارد قامت بمخاطبة التعليم العالي ووجدت الرفض وقامت بتحويل مسارها إلى الإمارات العربية المتحدة.

وأشار اللحياني إلى أن جامعته التي تخرج فيها بها عدد كبير من الأكاديميين السعوديين يعملون كمستشارين في تلك الجامعات فكيف لا يتم الاعتراف بها، ويضيف اللحياني أن التعليم العالي إذا لم يطور برامجه التعليمية فسوف يجني على الطلاب والطالبات الراغبين بإكمال دراساتهم العليا، وأشاد اللحياني ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الذي أتاح فرصة الإكمال للطلاب والطالبات السعوديين.

بدوره، يقول سعيد الزهراني، أحد الطلبة المنتظرين، إنه ينتظر منذ عشر سنوات أن يكمل مرحلة الماجستير ولكن من دون فائدة، فالجامعات السعودية لم تقبله بسبب تدني معدله، ويضيف «حاولت مرارا وتكرارا طرح تصورات عدة لكتاب وأكاديميين حول أهمية أن يكمل الطلاب ذوو التقديرات المتدنية بمقابل مادي وفي مدة أطول من بقية الطلاب ذوي التقديرات المرتفعة كي يكون هنالك نوع من العدل والتحسين».

ويضيف «ما زالت وزارة التعليم العالي بأنظمة لا تتماشى مع متغيرات العصر فعدد الطلاب والطالبات في تزايد والمسألة تعود بالخير والنفع على الوطن، فلماذا كل هذا التقاعس؟!»، ويؤكد أن أحد الموظفين بجامعة الملك عبد العزيز قد أورد له أن سبب عدم قبول أعداد كبيرة من المتقدمين والمتقدمات هو أن الجامعات السعودية تعاني من قلة الكوادر التدريسية، ويضيف «هل هذا منطق؟! فكيف سيتطور التعليم بهذه الطريقة؟!».

ويؤكد أن مجموعة كبيرة من الطلاب والطالبات قد اتجهوا لإكمال تعليمهم بعيدا عن الجامعات السعودية بعد أن لفظتهم عن طريق عدم القبول، لافتا إلى أنه على وزارة التعليم العالي إعادة النظر في مسألة الدراسات العليا.

وفي الوقت الذي لم يرد فيه محمد الحيزان، المتحدث الرسمي بوزارة التعليم العالي، على أسئلة «الشرق الأوسط»، يرى معتوق الشريف عضو هيئة حقوق الإنسان، أنه لا بد من الاستفادة من تلك الخبرات التي أفنت وقتها وجهدها لإكمال تعليمها، ويضيف الشريف «معظم تلك الخبرات تعمل في وزارة التربية والتعليم والإشكالية أن معظم المتقدمين لبرامج التعليم العالي هم من الخبرات ويريدون تعزيز قدراتهم العلمية ومكانتهم وليس للوظيفة بل من ناحية معنوية وطموحية»، ويقول الشريف «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، وليس من حق التعليم العالي تحديد سن معينة للدراسة، فمن حق الإنسان أن يتعلم ويحصل على المعلومات»، ويؤكد الشريف أن هنالك ضبابية واضحة بالنسبة لموضوع التعليم عن بعد والجامعات لا تستوعب الأعداد المتقدمة والمفترض ألا يكون هنالك عوائق في مجال القبول.

وقال الدكتور شارع البقمي المشرف على المركز الإعلامي بجامعة الملك عبد العزيز «تسعى معظم الجامعات في العالم إلى استحداث برامج حديثة ومتطورة تلائم أوسع شريحة من شرائح المجتمع، لتتناسب مع ظروف الناس الحياتية والعملية، وفي خضم هذا التنافس بين الجامعات لاستقطاب الطلاب والطالبات ظهرت جامعات خاصة تمنح شهادات غير معترف بها بأسهل الطرق من دون دراسة برامج أكاديمية حقيقية، التي قد لا يستفيد منها الطالب في مجال عمله بل قد لا يستفيد منها في تطوير قدراته ومعارفه الشخصية».

وأضاف «أدركت وزارة التعليم العالي خطورة مثل هذه الجامعات الوهمية فوضعت لوائح للجامعات المعترف بها في مختلف دول العالم، كما طورت برامج تعليمية مرنة وذات جودة عالية في الجامعات السعودية ومنها جامعة الملك عبد العزيز التي تقدم برامج على مستوى عال من الجودة والاعتماد الأكاديمي، وهي متاحة لجميع الفئات وتلائم مختلف شرائح المجتمع».

وأكد البقمي أن هنالك برنامج التعليم الموازي والبرامج التنفيذية وهي برامج مدفوعة التكاليف بتمويل من وزارة التعليم العالي تتطابق خطتها الدراسية مع برنامج الماجستير المعتمد على نظام المقررات، ويخضع فيها الطلاب والطالبات للقواعد واللوائح المعمول بها في الجامعات السعودية.

وأضاف «بل يطبق عليهم لائحة الدراسات العليا، ويمنح الخريج الدرجة نفسها الممنوحة بنظام المقررات في برامج الانتظام. وبذلك يمكن القول إن هذه البرامج وما تمتلكه من جودة واعتماد من اللجنة الوطنية للاعتماد الأكاديمي تغني من لم تسمح لهم ظروفهم باستكمال دراستهم العليا للالتحاق بهذه البرامج، وتغني عن الحصول على شهادات غير معترف بها، وجامعة الملك عبد العزيز رائدة في برامج الدراسات العليا».