أميركا: خطط استراتيجية لمجابهة ارتفاع تكاليف التعليم

تقليص التمويل يدخل بعض الجامعات «الدوامة»

TT

كولومبوس، أوهايو - في مكتب مطوق بإطار خشبي ومليء بالكتب والتذكارات الرياضية والملصقات المحاطة بإطارات (مثل ملصق للفنان الكوميدي جون بيلوشي في فيلم «بيت الحيوانات»)، يحتفظ رئيس جامعة ولاية أوهايو غودون غي بمقولة محاطة بإطار ومعلقة في المكتب تقول «إذا كنت لا تحب التغيير، فلن تتطور بالدرجة الكافية».

ويقول غي، الذي دائما ما يقترن اسمه بالحصول على راتب كبير وإنفاق المال بشكل مبالغ فيه، إنه يؤمن تماما بتلك المقولة، ويحاول الآن إقناع الأوساط الأكاديمية في ولاية أوهايو بأن تحذو حذوه.

وفي الوقت الذي يتقلص فيه التمويل الحكومي للتعليم العالي، ولا توجد فيه الأموال الفيدرالية بشكل مؤكد، يقول غي إن الجامعات والكليات العامة بحاجة إلى التوصل إلى طريقة جديدة لتغطية تكاليف التعليم، بخلاف رفع رسوم التعليم وزيادة الديون.

وأضاف غي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس إحدى اللجان التي تقوم بدراسة أعمال الكليات، بما في ذلك تأثير الديون الطلابية «يجب أن تتوقف فكرة استمرار الجامعات في القيام بالأعمال نفسها».

ويواجه رؤساء الكليات في جميع أنحاء البلاد المشكلة نفسها، حيث يحاولون إدارة مؤسساتهم بالأموال الفيدرالية القليلة التي يحصلون عليها، من دون التضحية بالجودة أو التصنيف الأكاديمي المهم للغاية. ومن السهولة بمكان زيادة الرسوم الدراسية، لكن الآن - في ظل ارتفاع الديون الطلابية إلى تريليون دولار، وفي الوقت الذي يجد فيه المقترضون صعوبة بالغة في تسديد تلك الديون - يعترف بعض المديرين بأنهم لم يعد بإمكانهم زيادة الأعباء المالية على كاهل الطلبة وأسرهم.

وعلى هذا الأساس، يعمل المديرون على إيجاد طرق أخرى لتغطية تكاليف العملية التعليمية، من خلال زيادة الموارد الخاصة وخصخصة الخدمات وتقليل عدد الموظفين وعدد الأقسام، وتوفير ملايين الدولارات عن طريق ترشيد طرق الصرف. ويشاهد «وول ستريت» ما يحدث من دون أن يحرك ساكنا.

وفي تقرير صادر في وقت سابق من العام الحالي، قالت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين إنها تتوقع أداء قويا للكليات الخاصة الكبرى في البلاد ومؤسسات الدولة الكبرى والمؤسسات التي لديها «أقوى المراكز في السوق» والتي لديها وسائل متعددة للدخل. وكانت وكالة «موديز» قد توقعت خلال الخريف الماضي أداء مستقرا لجامعة ولاية أوهايو، على سبيل المثال، على الرغم من أن التقرير قد حذر من الديون التي تثقل كاهل الجامعة واعتمادها على المركز الطبي للحصول على الموارد اللازمة.

وعلى الجانب الآخر، توقعت وكالة «موديز» أداء سلبيا لمعظم الكليات والجامعات التي تعتمد بصورة كبيرة على الرسوم الدراسية والموارد المالية التي تقدمها الدولة. وكتبت الوكالة في التقرير تقول «وصلت الرسوم الدراسية إلى نقطة اللاعودة»، وأضافت «نتوقع استمرار حالة الانقسام في رغبات الطلبة الذين يفضلون الحصول على أفضل تعليم ممكن وخيارات التعليم العالي برسوم معقولة».

وتعج المناصب العليا في الكليات والجامعات بالعديد من المديرين غير الأكفاء بصورة يرثى لها، حسب آراء بعض النقاد، ولم يتم التحرك إلا مؤخرا لإيجاد سبل جديدة لتسهيل العمليات التي يقومون بها.

وقالت شيريدين ستول، وهي نائبة رئيس جامعة بولينغ غرين بولاية أوهايو لشؤون التمويل والإدارة «الكليات جيدة للغاية في إضافة الأشياء الجديدة والبرامج الجديدة، لكننا لسنا جيدين في الأشياء التي نقوم بها على مدار عشرين أو ثلاثين عاما، ودائما ما نتساءل «هل يتعين علينا تقديم هذه البرامج الأكاديمية؟».

يذكر أن 62 في المائة من خريجي جامعة بولينغ غرين مدينون في المتوسط بـ31515 دولارا، وهي أعلى نسبة في الجامعات العامة في أوهايو والتي تنشر بياناتها. وعلاوة على زيادة الرسوم الدراسية، والتي تتم تغطيتها بعض الشيء من قبل الدولة، قامت الجامعة بتسريح عدد من الموظفين، وعملت على تشجيع التقاعد المبكر، واشترطت أن تكون الإجازات غير مدفوعة الأجر، وقامت بالحد من الزيادات في المرتبات، على حد قول ستول. ولم تصل سياسة التقشف إلى الدرجة التي تؤثر على جودة التعليم، لكن ربما لن تكون جامعة بولينغ غرين قادرة على تقديم المزيد في المستقبل. وأضافت ستول «لقد قمنا بكل شيء وأي شيء في محاولة للعمل بأقصى كفاءة ممكنة».

ولم تقتصر المشكلة على الكليات العامة، حيث صرح مديرون في بعض المؤسسات الخاصة غير الربحية بأنهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار في زيادة الرسوم الدراسية والمصروفات، حيث أصبحت العائلات أقل قدرة على دفع تلك المصروفات منذ الأزمة الاقتصادية، ويبحثون عن أي شيء قد يحد من مصروفاتهم. وقال لورنس ليسيك، وهو نائب رئيس جامعة شمال أوهايو لشؤون تسجيل الطلبة الجدد «نعرف أن هذا الشكل غير قابل للاستمرار. يتعين على الجامعات أن تقدم مقترحات قيمة، وإلا فلن تكون قادرة على العمل بشكل جيد».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»